في قراءة اولية اجرتها "الحياة" لنتائج الانتخابات النيابية في الدوائر الثلاث في بيروت، يتبين من الاحصاءات شبه الرسمية لعدد المقترعين وطريقة اقتراعهم للمرشحين، ان "لوائح الكرامة" برئاسة رئىس الحكومة السابق رفيق الحريري، وان كانت حصدت الغالبية الساحقة من اصوات الناخبين السنّة، حققت في المقابل اختراقاً في صفوف المقترعين من الطوائف الاخرى، وسجلت تحولاً في كسب الاصوات الشيعية قياساً على ما حققته لائحته في انتخابات العام 1996 يوم كانت بيروت موحدة في دائرة انتخابية واحدة. ويظهر استناداً الى نتائج الانتخابات المقرونة باحصاءات دقيقة تتعلق بالأصوات التي نالها المرشحون في الدوائر الثلاث، ان اكثر من 25 ألف ناخب من السنّة اقترعوا في الدائرة الثالثة، وان نسبة الاصوات لرئىس الحكومة سليم الحص اقتربت من 13 في المئة، بينما نالت منافسته غنوة جلول على "لائحة الكرامة" نحو 75 في المئة من هذه الاصوات، في حين تراجع زميلها الفائز على اللائحة نفسها محمد قباني، عنها ب175 صوتاً. وبالنسبة الى المقترعين الشيعة، اقترع في الدائرة نفسها 7 آلاف، وسجلت جلول تفوقاً على الحص الذي زادت اصواته عن منافسه الثاني قباني، وهذا ما شكّل مفاجأة لرئىس الحكومة الذي كان يتوقع اقتراعاً شيعياً يصب في غالبية الاصوات لمصلحته، مقارنة مع الاصوات الشيعية التي نالها في دورة 1996 في أحياء المدور والمرفأ ودار المريسة ورأس بيروت وزقاق البلاط وميناء الحصن التي تشكلت منها الدائرة الثالثة، مع الاشارة الى ان مؤيدي "حزب الله" اقترعوا له من دون تشطيب. ومن مجموع اصوات الارمن ال7700 نال الحص ستة آلاف، في مقابل حوالى 1500 صوت لمنافسيه جلول وقباني، ما يعني ان حزب الطاشناق صوّت بكثافة له من دون رفاقه على اللائحة نظراً الى ارتباطه باتفاق لتبادل الاصوات، توزع بنسب متفاوتة على منافسيهم في "لائحة الكرامة" وغيرهم في اللوائح الاخرى، واستفاد منها النائبان المنتخبان ناصر قنديل وغازي العريضي، والمرشح الراسب عدنان الطرابلسي. وعلى صعيد المسيحيين، اقترع اكثر من 4200 ناخب توزعت اصواتهم الى حد ما بالتساوي بين الحص ومنافسيه جلول وقباني مع ارجحية للأول، إضافة الى ان باقي المرشحين على "لائحة الكرامة" نالوا نسبة مماثلة من الاصوات. وبالنسبة الى الدروز اقترع 780، نال من اصواتهم الحص ولائحته اقل من مئة، بينما نالت ل"لائحة الكرامة" اكثر من 625، مع الاشارة الى ان اكثر من 22 ألف صوت اقترعت "لائحة الكرامة" بكاملها، وهذا ما ظهر من خلال عمليات الفرز، اذ انها لم تتعرض للتشطيب من الداخل، علماً ان الزيادة في الاصوات لمصلحة قنديل والعريضي جاءت بسبب حصولها على اصوات من "حزب الله" وحزب الطاشناق. اما في الدائرة الثانية فاقترع من السنّة 25429 ناخباً نال منهم المرشح الراسب رئىس جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية تمام سلام اكثر من 3500، بينما نال زميله على اللائحة المرشح الراسب محمد المشنوق اقل من ألف صوت في مقابل 18600 صوت لمنافسه الاول الفائز وليد عيدو و17600 لزميله الفائز باسم يموت. واعتبر ان تراجع المشنوق على صعيد اصوات السنّة يعود الى حصول عمليات واسعة لتبادل الاصوات إضافة الى ان عدداً كبيراً من اوراق الاقتراع حملت اسم سلام الى جانب مرشحين من السنّة لم يترشحوا على لائحته او "لائحة الكرامة". وعلى صعيد اصوات الشيعة ال10500، حصد سلام اكثر من 5300، بينما تخطى المشنوق ال4000 في مقابل نحو 3300 صوت لكل من عيدو ويموت. وبالنسبة الى الارمن، اقترع منهم 2150، 1580 لسلام، و450 لكل من منافسيه بالتساوي. وبالنسبة الى المسيحيين، اقترع 6500، 3300 منهم لسلام في مقابل ما بين 1700 و1800 لعيدو ويموت، مع الاشارة الى ان عدد المقترعين الدروز بلغ 850، نال منها عيدو ويموت 675، وسلام 110. ويظهر من خلال النتائج في الدائرة الثانية ان سلام نال نسبة من الاصوات لدى الارمن والمسيحيين والشيعة اكثر من منافسيه اللذين اكتسحا الشارع السني وتميزا لدى الدروز على رغم ان نسبة الاقتراع كانت ضئيلة، مع الاشارة الى ان "حزب الله" اقترع بكثافة لسلام، خلافاً لتصويته للمشنوق اذ ان تراجع اصوات الاخير يعود الى تبادل الحزب الاصوات مع مرشحين آخرين من السنّة من دون ان يعني انه اقترع بكثرة لمرشحي "لائحة الكرامة" التي ادرجت اسم مرشح الحزب الفائز محمد البرجاوي على لائحتها وهذا ما أدى الى فوزه. وفي الدائرة الاولى اقترع نحو 34 ألف ناخب من السنّة، حصة الحريري منهم اكثر من 28 ألفاً، في مقابل 23 ألفاً لزميله على "لائحة الكرامة" عدنان عرقجي، بينما لم يتمكن المرشح فؤاد المخزومي الذي اتي في طليعة الراسبين، من الحصول الا على 4500. وبالنسبة الى المقترعين المسيحيين، اقترع ما يزيد على 12500، وجاءت النتيجة لمصلحة المخزومي الذي حصل على 6676 صوتاً في مقابل نحو خمسة آلاف صوت للحريري، بينما اقترع 3100 ارمني، نال منهم المخزومي 2359 صوتاً، والحريري 510 اصوات. وفي شأن المقترعين الشيعة، صوت 1600 ناخب، نال منهم الحريري 1032 والمخزومي 525، ويتبين من التدقيق في الأرقام في هذه الدائرة، ان لائحة الحريري كانت مسيطرة في الشارع السني وحققت تقدماً على صعيد اصوات الشيعة، في مقابل تقدم للمخزومي لدى الارمن والمسيحيين، مع ان نسبة الاقتراع جاءت متدنية ولا يمكن الافادة منها لتحقيق توازن مع الاقبال السني الكثيف، علماً ان المفاجأة كانت في نسبة الاصوات التي نالها المرشح الماروني المنفرد مسعود الاشقر المعروف ب"بوسي" اذ حصل على 7969 صوتاً بينها 50 في المئة من اصوات المسيحيين، إضافة الى نصف اصوات الارمن. ويمكن القول ان الغلبة في الاقتراع السني ومن دون منافسة تذكر كانت لمصلحة لوائح الحريري الذي سجل تقدماً شيعياً، من دون ان يتراجع في الشارع المسيحي، خلافاً لما كان متوقعاً، بينما نال 20 في المئة من نسبة الاقتراع الارمني في دوائر بيروت الثلاث.