بدأ اللبنانيون مرحلة "استراحة المحارب"، بعد المعارك الانتخابية الشرسة التي خاضوها، و"الهزة" التي خلصت اليها نتائجها، تمهيداً للبحث في التسويات السياسية بين الحكم والمعارضة، خلال الفترة التي تسبق بدء ولاية المجلس النيابي الجديد في 15 تشرين الأول اكتوبر المقبل، واستقالة الحكومة الحالية بحكم الدستور. راجع ص4 وأجمعت الأوساط الرسمية والسياسية في بيروت على ان فترة "النقاهة" التي يشهدها لبنان فرصة من أجل بذل مساع تهدف الى وصل ما انقطع في الحملات السياسية الحادة التي ظهرت قبل عمليات الاقتراع، توصلاً الى صيغة تسمح بتشكيل حكومة سياسية تأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات، والتقدم الكبير الذي حققه أركان المعارضة في المجلس النيابي الجديد، خصوصاً في بيروت والجبل وبعض الشمال، وعززت خيار تولي الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، الذي حققت لوائحه نجاحاً كاسحاً في العاصمة، رئاسة الحكومة المقبلة. وفي هذا السياق، أشارت مصادر سورية الى امكان تكليف الحريري تشكيل الحكومة الجديدة عند انعقاد المجلس النيابي الجديد. وكتبت صحيفة "البعث" السورية ان "الرئاسة اللبنانية تنظر الى الفائزين كلهم، من دون أي خلفيات أو هوامش من الماضي". واعتبرت المصادر في هذا الكلام اشارة الى مرحلة سابقة من التباعد بين رئيس الجمهورية اميل لحود والحريري حين اعتذر الأخير عن عدم تأليف الحكومة عام 1998. وكان الحريري عقد مؤتمراً صحافياً شكر فيه الناخبين في بيروت، معتبراً ان التأييد العارم "يضعني شخصياً وسائر النواب المنتخبين امام مسؤوليات وطنية وشخصية جسيمة تتطلب مضاعفة الجهد". وقال "إن يده ممدودة الى التعاون مع قيادات البلد". وأجاب رداً على سؤال عن امكان ترؤسه الحكومة "انه سابق لأوانه"، مشدداً على "ان لا مشكلة شخصية" بينه وبين رئيس الجمهورية، ومذكراً بقوله إنه على مسافة واحدة من الجميع. الا ان الحريري طرح مجموعة من الأفكار يمكن ان تشكل محور برنامج لكتلته او لحكومة مقبلة، تتناول "دور لبنان الاقتصادي وعلاقاته مع الدول العربية وإعادة النظر في مجموعة من القوانين وتشجيع الزراعة والصناعة النوعية ورصد الموازنات الضرورية لذلك في موازنة العام 2001". وأكد الحريري "ان الانتخابات ثمرة نظام ديموقراطي لا سبيل الى خرقه او اضعافه، مهما كانت الممارسات خاطئة". وأشار الى الحملات التي رافقت الانتخابات وأساءت الى لبنان. وسجل لرئيس الجمهورية والحكومة ووزارة الداخلية حيادهم في العملية الانتخابية. وفي وقت فسرت الأوساط السياسية كلام الحريري بأنه اشارة الى فتح صفحة جديدة مع الحكم بعد اعلان لحود انه يهنئ جميع الفائزين، وانه يلتزم الأصول الدستورية في ما يتعلق بتأليف الحكومة المقبلة، اعتبر الحريري ان رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص الذي خسر مقعده النيابي، "جانب الحقيقة" في حديثه عن دور المال السياسي في الانتخابات. وأكد الحريري ان "علاقته قوية" مع الرئيس السوري بشار الأسد. وفي نيويورك هنأ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لبنان على مشاركة الجنوب في الانتخابات، واعتبر اجراءها دليلاً على التقدم الذي أحرزته الحكومة اللبنانية في استعادة سلطتها في المناطق المحررة.