كثف الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري لقاءاته أمس، على أن يوسع اتصالاته خلال عطلة نهاية الأسبوع من أجل الغوص مع الفرقاء المعنيين بالمشاركة في حكومة وفاق وطني في تفاصيل توزيع الحقائب بين الأكثرية والمعارضة ومطالب الكتل النيابية والأسماء التي تقترحها لتمثيلها في التشكيلة الحكومية. واشترك رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بحسب قول زواره أمس، مع الحريري في أجواء التفاؤل حيال معالجة العقد التي كانت ظهرت خلال التكليف الأول للحريري أمام عملية التأليف. وقالت مصادر رسمية اطلعت على أجواء الرئيسين إن المصدر الأساسي لأجواء التفاؤل هذه هو «الشعور بأن الحوار بين الرئيس المكلف وبين زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون غلب عليه حسن النية وأزال الكثير من الشوائب في العلاقة بين الرجلين»، هذا إضافة الى الأجواء الإيجابية التي نجمت عن وقائع التقارب السعودي – السوري، والتي أرخت بظلالها على الاستشارات لتأليف الحكومة. وفي وقت تحدث المكتب الإعلامي في القصر الرئاسي عن «وجوب أن ترى التشكيلة الحكومية النور في أقرب وقت»، التقى الحريري ليل أمس مساعد الأمين العام ل «حزب الله» الحاج حسين الخليل، بعدما اجتمع مع وزير الدولة نسيب لحود ووزير الإعلام طارق متري. كما اجتمع مع سفير مصر أحمد البديوي والسفيرة الأميركية ميشيل سيسون. إلا أن مصادر رسمية أبلغت «الحياة» أن انطباع التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة لم يرافقه حتى أمس الدخول في تفاصيل عملية التأليف، وهو الأمر الذي سيتبلور في ذهن الرئيس المكلف خلال اليومين المقبلين بحيث تجري ترجمة هذا التفاؤل الى وقائع عملية. واعتبر النائب في «حزب الله» علي فياض ان «الاتفاق تم على البحث عن المخارج الحكومية اللائقة لكل طرف لأن لا أحد ينوي كسر الآخر والمسألة باتت مسألة وقت ليس إلا»، منوهاً بالمناخ الإيجابي السائد. وفي وقت تخوف بعض نواب الأكثرية ورموزها من أن تتبدد أجواء التفاؤل عند البحث بالأسماء والحقائب بين الحريري وبين فرقاء المعارضة على خلفية الخلاف السابق على مسألة اعتماد الحريري في اتصالاته السابقة معيار عدم توزير الراسبين، وعلى عدم إسناد حقيبة الاتصالات الى المعارضة، مقابل إصرار العماد عون على إعادة توزير الوزير جبران باسيل والحصول على حقيبة الاتصالات (أو أي مطالب أخرى للمعارضة)، فإن أوساطاً في المعارضة تحدثت عن حلول وسط لهذه العقد. ورجحت أن يكون الحل الوسط توزير باسيل، وإسناد الاتصالات الى وزير محسوب على رئيس الجمهورية هو عدنان السيد حسين. لكن مصادر في الأكثرية استبعدت هذا الحل وان كانت لم تسقط من الحساب إمكان توزير باسيل، مع توزير غيره من الذين لم ينجحوا في الانتخابات النيابية من قوى 14 آذار. وقالت مصادر مواكبة لاتصالات التأليف إن الحريري كان أجرى مع سليمان تقويماً مطوّلاً لنتائج استشاراته النيابية الرسمية التي أجراها على مدى 8 أيام مساء أول من أمس. كما راجع الرئيسان آخر المواقف ومنها ما أدلى به الرئيس سليمان ل «الحياة» من تصريحات أثناء زيارته للأمم المتحدة، إذ أوضح للحريري خلفيات ما قاله في شأن تأليف الحكومة ونتائج الانتخابات النيابية. وقالت المصادر إن الرئيسين انتهيا الى التفاهم على المرحلة المقبلة وعلى تثمير الأجواء الإيجابية التي ظهرت خلال الاستشارات النيابية. وكان الرئيس المكلف اتصل أول من أمس برئيس البرلمان نبيه بري واتفقا على الاجتماع للبحث في تفاصيل التأليف. وينتظر أن يعقد الحريري لقاء جديداً مع العماد عون ليناقش معه مطالبه في شأن الحقائب وأسماء الوزراء الذين يقترحهم. واستمر الوسط السياسي اللبناني في ترقب أنباء القمة اللبنانية – السورية في ظل تساؤلات عما إذا كان الحريري سيحضرها إذا كانت الحكومة لم تنجز بعد، قبل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى العاصمة السورية، والتي تشير المعطيات الى أن التحضيرات لإتمامها جارية على قدم وساق في دمشق. وكان وزير الأشغال غازي العريضي قال في تصريحات له رداً على سؤال على إمكان زيارة مسؤولين لبنانيين دمشق خلال القمة السعودية – السورية، إن «هذا أمر مرتبط بالقيادتين السعودية والسورية وليست لدي معلومات عن توجيه أي دعوة الى فخامة رئيس الجمهورية». واعتبر العريضي ان العلاقة السعودية – السورية «أساسية واستراتيجية ومهمة لحماية المنطقة والقضية الفلسطينية ولبنان واتفاق الطائف واستقرار لبنان. وهذا رهاننا من الأساس ونأمل أن يترجم خلال الزيارة المقبلة في شكل إيجابي». وأوضح «اننا كنا بالاتفاق التام مع الرئيس المكلف الحريري من دعاة تسريع العلاقات السعودية – السورية من أجل موقف عربي يحمي كل المنطقة». من جهة ثانية، وصل الى بيروت مساء أمس، المستشار الخاص للرئيس الفرنسي هنري غينو في زيارة للبنان تستمر ثلاثة أيام يقابل خلالها الرئيسين سليمان وبري ورئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة والحريري والبطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير، لبحث الوضع في لبنان والمنطقة.