لولا القوانين الجديدة المتعلقة بالاشتراك في الألعاب الأولمبية والتي تسمح لأوروبا بتقديم 8 متبارين عن رياضة الملاكمة للاشتراك في الألعاب في سيدني، استراليا، لكان بطل السويد في الملاكمة وزن 54 كيلو المغربي الأصل ماجد جليلي موجوداً الآن في سيدني يحضِّر نفسه ليدافع عن لقب بطولة العالم في رياضة الملاكمة للهواة. ولكن ابن ال23 عاماً الذي ولد في السويد، حصل على المرتبة الثالثة من بين أفضل عشرين ملاكماً في ألعاب دورة اكروبوليس التي جرت في أثينا لهذا العام كما أن اشتراكه في الألعاب الأولمبية توقف على نقطة واحدة كان يجب أن يحصل عليها في أثينا وبهذا لم يتحقق حلمه الكبير، إذ يقول: "كنت أتمنى الاشتراك في الألعاب الأولمبية ولكن لسوء الحظ لم أنجح في تجاوز كل العقبات هذه المرة إلا أنني لن استسلم فأنا مصمم على الاستمرار في الملاكمة حتى الوصول الى الألعاب الأولمبية"، ويتابع ماجد حديثه ل"الحياة" التي التقته في العاصمة السويدية استوكهولم حيث يعمل كممرض في أحد مستشفياتها منذ ثلاث سنوات، فيشير الى صعوبات كثيرة قبل أن يحصد بطولة السويد لهذا العام ويتوقع صعوبات أكثر للوصول الى الألعاب الأولمبية: "قبل أن أبدأ ممارسة رياضة الملاكمة منذ 8 سنوات لم أكن أفكر في لقب بطل السويد في الملاكمة ولا في الوصول الى الألعاب الأولمبية لأن اهتماماتي الرياضية كانت تتجه الى كرة القدم ولكن عندما دخلت في تفاصيل الملاكمة فوجدتها الرياضة المناسبة لشخصيتي". ويضيف: "الرياضة الفردية مثل الملاكمة تتطلب جهداً كبيراً من الذي يمارسها وذلك على عكس كرة القدم حيث يمكن أن يكون هناك لاعب لا يتقن اللعبة جيداً ولكن أخطاءه تضيع بين المجموعة، أما اللاعب الفردي فلا يمكنه أن يتقاعس للحظة لأنه يخسر وتظهر خسارته مباشرة. وأنا من النوع الذي يعطي جهداً فردياً كبيراً وأحب التحدي لأن هدفي في الرياضة الربح ولا أستريح إلا عندما أحصل على ما أخطط له". ويشرح أنه عندما بدأ يتطور في الملاكمة بدأت المصاعب تكبر، حيث انه يجب أن يحصل على ممولين يدعمونه مادياً للاستمرار في الملاكمة ولكن بما أن ماجد يحمل اسماً اجنبياً اصبحت الصعوبات كثيرة أمامه. فيقول: "أنا أعرف أن اسمي هو عائق أمام الممولين وأصحاب الإعلانات الذين يفضلون اسماً سويدياً أسهل على مسامع أهل البلد لذا أواجه صعوبة في الحصول على من يرعى مبارياتي، وأنا متأكد من أنني لو غيرت اسمي لتحسن وضعي المادي والإعلاني أكثر من الآن ولكنني فخور باسمي وبخلفيتي لذا لن أقدم على تغييره حتى ولو كان هذا على حساب شهرتي". ويتحدث ماجد عن ملاكم يعرفه قام بتغيير اسمه ليتجنب أي صعوبات مستقبلية واستطاع أن يحصل على من يمول مبارياته. ولكنه يؤكد أنه لو قام بتغيير اسمه لأصبح مزيفاً وسيفقد جزءاً مهماً من هويته، وهذا ما لا يريده، ويتكلم عن الصعوبات المالية التي تواجهه بسبب عدم حصوله على ممول يسانده في مبارياته وسفراته الى الخارج، فهو عندما سافر العام الماضي للمشاركة في بطولة العالم للملاكمين الهواة التي جرت في هيوستن في الولاياتالمتحدة أجبر على أخذ عطلة شهر بكامله من العمل على حسابه الخاص. شخصية الشاب ماجد المتواضعة ومهنته كممرض وممارسته لرياضة تتطلب عنفاً جسدياً أثارت اهتمام التلفزيون السويدي الذي قام مؤخراً بإنتاج فيلم وثائقي عنه وعن عائلته وعمله وهوايته. ومن المقرر أن يبث الفيلم في السابع من شهر أيلول سبتمبر، ويعدد ماجد أسباب اهتمام التلفزيون الرسمي بشخصيته فيقول: "من الشائع في معظم الدول الغربية أن الأجانب يعانون مشكلات اجتماعية عدة، والإعلام في هذه الدول يركز على تلك المشكلات مما يخلق صورة عند اهل البلد الأصليين أن كل الأجانب هم من نوع واحد. ولكن التلفزيون السويدي يريد أن يبرز وجهاً آخر للأجانب، وجه ايجابي لشخص يمارس رياضة الملاكمة العنيفة ويمارس مهنة إنسانية وله جذور مغربية كما أنه مسلم وله اسم غريب. هذه الأشياء قد تساهم في محو الصورة السلبية الموجودة عند الكثير من السويديين عن الأجانب" والفيلم الوثائقي يتطرق الى حياة ماجد الاجتماعية حيث ترافقه الكاميرا الى مكان عمله وحلبة الملاكمة والمستشفى التي يعمل فيها وتدخل الى بيته وإلى المسجد الذي يتردد إليه مما يخلق صورة شبه كاملة عن شاب اجنبي ولد في السويد ونجح في رياضته وعمله، ويعلق ماجد على هدف الفيلم: "قد يسهم الفيلم في إعطاء صورة ايجابية عن الأجانب ومن الممكن أن يسهم في تغيير صورة المجتمع السويدي عند جزء من الأجانب خصوصاً هؤلاء الذين يريدون الوصول الى أهدافهم من دون عناء. فهو الفيلم يقول للأجنبي الذي يفضل أن يتهرب من الضرائب، أن بإمكانه أن يتعلم مهنة تخوله العيش الكريم، كما يمكنه أن يدخل المجتمع السويدي ويفرض لونه بطريقة حضارية كما أنه يستطيع أن يأخذ كامل حقوقه من دون أن ينحرف أو يلتجئ الى العنف والإجرام". ولد ماجد في السويد، ومثلها 8 مرات في مباريات عالمية، ولكنه يقول إنه لا يشعر أنه سويدي مئة بالمئة ولا حتى أنه مغربي مئة بالمئة: "عندما أكون في السويد أواجه الصعوبات التي يواجهها معظم الأجانب والتي تتمثل بالاسم الغريب والشكل الذي لا يشبه السويديين لذا لا أشعر أني ابن هذا البلد، والشعور نفسه ينتابني عندما أكون في المغرب خصوصاً أن الناس هناك ينظرون إلي وكأنني سويدي لأني مولود في السويد ولا أتقن العربية". ولكنه يؤكد أنه يحلم أيضاً في أن يعيش كمسلم سويدي يتمتع بالتراث المغربي، لذا سيقوم بدراسة اللغة العربية، كما أنه يرغب بالاشتراك في مباراة ملاكمة في دول عربية، ولكن الآن يعمل كل ما بوسعه للاشتراك بعد أربع سنوات في الألعاب الأولمبية التي ستقام في اليونان، ويؤكد أنه سيكون بكامل رشاقته.