استقبلت الأسواق بهدوء أمس الجمعة رفض الناخبين الدنماركيين الانضمام إلى منطقة العملة الأوروبية الموحدة، حيث لم يكن لنتيجة الاستفتاء الذي جرى أول من أمس الخميس أي تأثير يذكر على اليورو، خصوصاً في التداولات الأوروبية. من جهتهم، أكد كبار المسؤولين الماليين الأوروبيين أيضاً أن اليورو لم يتأثر بنتيجة الاستفتاء، والتي أظهرت رفض 53 في المئة من الدنماركيين للعملة الأوروبية. ومعلوم ان قيمة اليورو هبطت بنحو الثلث تقريباً منذ اطلاقه العام الماضي، وتزامن اليوم الأول للتداول بالعملة بعد الاستفتاء، مع اجتماع شهري أمس لوزراء مال الاتحاد. وراوح اليورو في التداولات الأوروبية عند مستوى 88 سنتاً للدولار، والذي استقر عنده طوال الأسبوع الجاري منذ التدخل الجماعي لدعم العملة الأوروبية، الجمعة الماضي لبنوك مركزية عدة في العالم، بينها البنك المركزي الأوروبي، المشرف بطبيعة الحال على استقرار العملة الأوروبية، ومجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي، البنك المركزي البريطاني بنك أوف انغلند، بنك اليابان المركزي ومصارف أخرى. وقال جيف ستريت، كبير المتداولين بالعملات في بنك "بي ان بي باريبا" الفرنسي BNP PARIBAS في لندن ل"الحياة" إن نتيجة الاستفتاء كانت متوقعة وان السوق استوعبت مسبقاً أي تأثير كان يمكن أن تؤدي إليه، مشيراً إلى أن مستوى 85 سنتاً لليورو ازاء الدولار لن يتم اختباره مجدداً، لأن الأسواق تخشى تدخل جديد منسق من قبل البنوك المركزية الرئيسية. وأوضح أنه لو لم تتدخل المصارف المركزية الأسبوع الماضي لدعم اليورو، لكانت النتيجة السلبية للاستفتاء في الدنمارك أشد تأثيراً على الأسواق، وكان من الممكن أن ينزل اليورو حتى دون مستوى 85 سنتاً لاختراق ربما 80 سنتاً، وهو مستوى جديد غير مُختبر ولا يُعرف حاجز الدعم فيه. وقال ستريت إن تدخل البنوك المركزية بهذا الشكل المنسق، وللمرة الأولى، يشير إلى تغيير في السياسات، وانه قد بدل المفاهيم خصوصاً لدى المستثمرين والمضاربين. ولفت إلى ان اشاعات عدة تتردد عن أن ما لا يقل عن صندوقي استثمار في الولاياتالمتحدة يدرسان جدوى شراء اليورو عند هذا المستوى، وما إذا كان اقتناء العملة الأوروبية في الوقت الراهن تحت سعر 90 سنتاً قد يكون استثماراً جيداً للأمد المتوسط. ولفت إلى أن البنوك المركزية تسعى إلى ابقاء الأسواق قلقة من تدخل ما عند مستويات اليوم أي 00.88/ 50.87 سنت، فيما هي تريد فعلاً الدفاع عن مستوى 50.85/ 00.85 سنت، لكن من دون أن تعلن هدفها هذا لإبقاء المضاربين بعيداً عنه. وذكر أنه لا تزال هناك بعد اوامر بيع لوقف الخسارة Stop Loss في الأسواق عند 15.87 من شأنها لو نفذت في تداولات هادئة وخفيفة مثل التي شهدتها الأسواق أمس، دفع اليورو قليلاً دون هذا المستوى. إلا أنه قال إن الدفاع عن حاجز الدعم يبقى قوياً بسبب الخوف من تدخل جديد للبنوك المركزية. وعن الاتجاه الصعودي لليورو والمستوى الذي يمكن أن يبلغه إذا استعاد ثقة الأسواق به، قال خبير العملات إن مستوى 90 سنتاً "هدف معقول" في المستقبل القريب. غير أنه أشار إلى أنه لو جاءت نتيجة الاستفتاء في الدنمارك ايجابية لصالح اليورو، لكانت العملة الآن عند مستوى 91-92 سنتاً. لكن في غياب ذلك، يبدو أن الأسواق ستشهد مرحلة تعزيز للمستويات الحالية قبل الانتقال إلى مستويات أعلى. وأضاف ان الهدف المتوقع بنهاية السنة الجارية قد يكون 95 سنتاً ازاء الدولار في أحسن الأحوال، مع العلم ان التوقعات السابقة مطلع السنة كانت لبلوغ مستوى دولار واحد لليورو نهاية 2000. وأشار إلى أن مستوى المقاومة المقبل هو 14.90 سنت.