بدأت في برلين أمس جولة جديدة من المحادثات بين اطراف نزاع الصحراء برعاية الوسيط الدولي جيمس بيكر وحضور ممثلين عن المغرب وجبهة "بوليساريو" والجزائر وموريتانيا. وتكتسي هذه الجولة التي أُحيطت بتكتم شديد، أهمية خاصة في تحديد مستقبل استفتاء الصحراء الغربية بعد انتهاء الجولتين السابقتين في لندن في تحقيق أي تقدم يُذكر. ويمثل المغرب في لقاء برلين وزيرا الخارجية محمد بنعيسى والداخلية احمد الميداوي والمنسق المغربي مع بعثة "المينورسو" محمد لوليشكي. أما "بوليساريو" فتمثّلت بعضو أمانتها الوطنية السيد محفوظ علي بايبة والسادة محمد خداد المكلّف التنسيق مع "المينورسو" وابراهيم غالي ممثل الجبهة في مدريد واحمد بوخاري ممثلها في نيويورك. ويقود الوفد الجزائري وزير العدل السيد أحمد أويحيى، والوفد الموريتاني السيد محمد ولد بوبكر الوزير لدى رئاسة الجمهورية. وقال بيكر خلال مشاركته في مؤتمر أوروبي في برلين أمس ان المحادثات الصحراوية ستكون "جدية ومعمقة". وقالت مصادر مطلعة في الرباط ان بيكر طلب الى الوفود احاطة اعمال الاجتماع بسرية كاملة "لئلا تتسرب معلومات قد تؤثر في سير المحادثات". ويتوقع ان تتواصل الجلسات اليوم. وتعتقد مصادر مطلعة ان المحادثات ستتركز على الاجابات التي يُنتظر ان تقدمها الوفود رداً على تساؤلات طرحها الوسيط بيكر في الجلسات السابقة لجهة البحث في تفعيل خطة الاستفتاء او اقتراح حل بديل لها إذا لم يكن هناك مجال لإجراء اقتراع تحديد المصير. وقالت مصادر مغربية ان الدور الالماني في الاجتماع اقتصر على تقديم جوانب لوجيستية لتأمين انعقاد المحادثات. وشددت على ان اختيار عاصمتين اوروبيتين، لندنوبرلين، لاستضافة المحادثات الصحراوية "لا علاقة له بالموقف الاوروبي" من قضية الاستفتاء، خصوصاً ان بلدان الاتحاد الأوروبي تدعم مساعي الاممالمتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير. لكن يبدو ان تساؤلات طُرحت في الفترة الاخيرة حول الموقفين الاسباني والفرنسي من قضية الإستفتاء جعلت بيكر يختار برلين مكاناً لعقد المحادثات. وفي هذا الإطار، تردد ان هناك تبايناً في وجهات النظر بين بعض العواصم الاوروبية والولايات المتحدة ازاء صيغة "الحل الثالث" المتداولة في الكواليس والتي تقول "بوليساريو" ان فرنسا، خصوصاً، تقف وراءها "دعماً للمغرب". ورأت مصادر غربية في الرباط ان حضور الوفد الجزائري الى اجتماع برلين بقيادة وزير العدل السيد اويحيى المعروف بادارته "ملف الصحراء"، يعكس حرصاً على رصد تطورات الصحراء. إذ على رغم ان الجزائر لم تشارك مباشرة في الجلسات المغلقة لاجتماعي لندن في الصيف، فإنها ما زالت متمسكة بدورها، باعتبارها طرفاً مراقباً بحسب ما تنص خطة الاممالمتحدة. ولمحت المصادر ذاتها الى ان الجزائر تخشى ان يكون التوجه الى البحث في "الحل الثالث" وسيلة لابعادها عن التعاطي مع هذا الملف، على رغم انها المساند الرئيسي لجبهة "بوليساريو". الى ذلك، دعت منشقة صحراوية عن جبهة "بوليساريو" الاممالمتحدة الى ضمان وصول المساعدات الانسانية للاجئين الصحراويين، خصوصاً في ضوء ورود تقارير عن استخدامها "لاهداف غير انسانية". ودعت السيدة كجمولة بنت ابي، الرئيسة السابقة للهلال الاحمر الصحراوي، في خطاب امام اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في نيويورك الى "رفع الحصار عن المحتجزين" في مخيمات تيندوف للصحراويين في الجزائر. وقالت انهم يتعرضون ل "الاختطاف والسجن والتعذيب وسوء المعاملة منذ ما يزيد على ربع قرن". ونقلت وكالة "رويترز" من برلين عن السيد زكريا محمد علي ممثل "بوليساريو" في المانيا قوله لإذاعة الجزائر في مقابلة التقطت بثها هيئة الاذاعة البريطانية، ان الجبهة تنتظر الاطلاع على ما جاء به بيكر لاجتماع برلين، واكد ان اكثر الامور أهمية هي النقاط التي ما زالت تعرقل تنفيذ خطة الاممالمتحدة لاحلال السلام. وتدعو خطة الاممالمتحدة التي تأخر تنفيذها كثيراً، الى اجراء استفتاء لتقرير هل يتعين دمج المستعمرة الاسبانية السابقة في المغرب التي تسيطر على غالبية اراضي الصحراء، أو ان تصبح دولة مستقلة بحسب ما تريد "بوليساريو" التي تتخذ من الجزائر مقراً لها. وكثيراً ما تأجل الاستفتاء الذي كان مقرراً في البداية ان يجري في كانون الثاني يناير عام 1992 نتيجة خلافات حول من يحق له الادلاء بصوته. ويعترض نحو 130 الفاً معظمهم في المغرب على قواعد تستثنيهم من الادلاء باصواتهم. وقال ممثل "بوليساريو" ان "هناك بالطبع مشكلات اجرائية" وان المشكلة الرئيسية هي تلك التي اثارتها أخيراً السلطات المغربية عندما اعلنت لجنة تحديد هوية الناخبين نتائج عملها. واضاف "ان التساؤل المطروح هو ما الذي ستفعله الاممالمتحدة للضغط على السلطات المغربية لتحترم قرارات الاممالمتحدة والشرعية الدولية".