لم يكن بوسع رئيس حكومة إسرائيل السابق بنيامين نتانياهو الذي عاد امس الى اسرائيل من الولاياتالمتحدة أن يتمنى، عشية حلول رأس السنة العبرية غداً السبت معايدة أجمل من تلك التي تلقاها مساء أول من أمس الأربعاء من المستشار القضائي لحكومة إسرائيل الياكيم روبنشتاين الذي أعلن قراره إغلاق ملف التحقيق ضده وعدم تقديم لائحة اتهام بارتكاب مخالفات جنائية، أهمها اتهامه بتلقي الرشوة. ويقول مراقبون إن اغلاق ملف التحقيق يمهد السبيل لعودة نتانياهو إلى الحلبة السياسية في إسرائيل.ولم يكن قرار روبنشتاين مفاجئاً، اذ تسربت منذ أسابيع أنباء تفيد ان المستشار القضائي سيقرر عدم تقديم لائحة اتهام ضد نتانياهو. وكانت شرطة إسرائيل باشرت التحقيق في القضية في أعقاب تحقيق صحافي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كبرى الصحف في إسرائيل، في أيلول سبتمبر 1999، جاء فيه ان نتانياهو طلب أثناء سنوات رئاسته الحكومة 1996-1999 من مقاول نقليات أن ينفذ له أعمالاً خاصة من دون أن يدفع له مقابلاً مادياً. وشملت هذه الأعمال ترميم منزله ونقليات مختلفة خاصة لا علاقة بينها وبين كون نتانياهو رئيساً للحكومة. ودفع هذا التحقيق بالشرطة إلى مباشرة تحقيقاتها لتشمل قائمة المحقق معهم أكثر من مئة شخص، في مقدمهم الزوجان بنيامين وسارة نتانياهو، وجاءت توصية الشرطة بتقديم نتانياهو للمحاكمة بشبهة تلقي "الرشوة" و"خيانة الثقة". كما أوصت بتقديم زوجته للمحاكمة بشبهة سرقة هدايا ومحاولة تحصيل أموال بالاحتيال والخدعة. وتضمن السطر الأخير من قرار المستشار القضائي اغلاق الملف ضد نتانياهو اشارة واضحة إلى أن عدم تقديم اللائحة جاء "لعدم وجود أدلة كافية من شأنها أن تشكل أساساً في المحكمة لاثبات مخالفات جنائية". وقال المستشار إن الملف يشمل تفاصيل تؤكد تصرفاً غير لائق بمن يتبوأ منصباً رفيعاً كمنصب رئيس الحكومة، وأنه "على رغم اغلاق الملف، لا يمكن القول إن تصرفات نتانياهو لائقة، بل هناك قبح وذمامة في تصرفات كهذه، إذ أدير مكتب رئيس الحكومة كأنه حانوت بقالة". ورحبت أوساط اليمين في إسرائيل، خصوصاً ليكود والمتدينين المتزمتين، بقرار المستشار روبنشتاين، فيما اعتبر مراقبون أنه يفتح الباب مجدداً أمام نتانياهو إلى العودة إلى الحلبة السياسية وقيادة حزب ليكود، وربما قيادة تكتل يميني أوسع في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي قد يتم تقديم موعدها ازاء الصعوبات التي تواجهها حكومة باراك. ويرى المراقبون ان نتانياهو، الذي هزم أمام باراك في انتخابات أيلول سبتمبر 1999 واعتزل في ما بعد الحلبة السياسية واستقال من عضويته في الكنيست، قادر على استعادة نيل ثقة أعضاء اللجنة المركزية لحزب ليكود واستعادة زعامته في انتخابات تمهيدية للحزب قد تتم في كانون الثاني يناير المقبل. ويعتمد نتانياهو على ما يتفق رجال السياسة على تسميته "ذاكرة الناس الضعيفة" ويراهن على انهم سينسون، مع حلول موعد الانتخابات، ما جاء في تقرير المستشار القضائي من إدانة لتصرفاته. ويذكر المراقبون قدرات نتانياهو على استعادة ثقة الجمهور بفضل مواهبه في الخطابة والمراوغة وفي ظل الأزمة التي يعيشها رئيس الحكومة الحالي باراك واعتماد ائتلافه على شظايا، ترجح استطلاعات الرأي العام المنشورة في الأشهر الأخيرة فوزاً أكيداً لنتانياهو، إذا اقتصرت المناسبة على رئاسة الحكومة بينه وبين باراك. لكن نتانياهو نفسه ما زال يلتزم الصمت . ويرى المعلق السياسي المعروف يارون ديكل ان نتانياهو لن يتسرع في الإعلان عن عودته إلى الحلبة السياسية، وسينتظر أولاً نتائج المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية ويستطلع امكانات تقديم موعد الانتخابات البرلمانيةورحبت قيادة حركة شاس بقرار المستشار القضائي، واعتبر زعيمها الروحي الحاخام عوفاديا يوسف حكومة باراك حكومة تدمير، فيما قال زعيمها السياسي ايلي بن شاي إن نتانياهو "أفضل ألف مرة من باراك". في المقابل، اعتبر وزير القضاء الإسرائيلي يوسي بيلين تقرير روبنشتاين إدانة لنتانياهو، تحول، أدبياً وليس قانونياً، دون عودته إلى الحكم.