اشتعلت الساحة الحزبية في إسرائيل أمس على ثلاث جبهات مختلفة بعد أن أيقنت أن الانتخابات المبكرة باتت أكيدة ولم يتبق سوى الاتفاق على موعدها المرجح مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل. ووجهت زعيمة حزب «كديما» سابقاً تسيبي ليفني ضربة لخلفها شاؤول موفاز بإعلانها الاستقالة من عضويتها في الكنيست والابتعاد عن الحياة الحزبية، فيما بدأ حراك داخل «ليكود» احتجاجاً على نية زعيم الحزب بنيامين نتانياهو تحصين موقع لوزير دفاعه ايهود باراك على لائحة الحزب الانتخابية. وينتظر زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قرار المستشار القضائي في توصية الشرطة تقديمه للمحاكمة بارتكاب مخالفات جنائية. وكالمتوقع، أعلنت ليفني استقالتها من عضوية الكنيست «لكن ليس من الحياة العامة» بعد شهر على هزيمتها في الانتخابات على زعامة الحزب لخصمها الشديد شاؤول موفاز. ورفضت ليفني اقتراح موفاز بالوقوف إلى جانبه في الانتخابات الوشيكة. وقالت، في مؤتمر صحافي أمس، إن الحياة السياسية لا تنحصر في تقسيم أدوار ومنح وظائف. وتابعت أنها ليست نادمة على رفضها قبل أربع سنوات الرضوخ لابتزازات حزب المتدينين الحرديم «شاس» بثمن فوزها بكرسي رئاسة الحكومة. وزادت أنها لن تترك الحياة السياسية «لكنني سأواصل معركتي من أجل إسرائيل في المكان والطريق اللذين يتيحان لي إسماع صوتي بوضوح ومن دون تهادن». وكان آخر استطلاع للرأي توقع أن يخسر «كديما» ثلاثة مقاعد إضافية في حال غادرته ليفني وأنه لن يفوز بأكثر من تسعة مقاعد في الانتخابات المقبلة، في مقابل 28 مقعداً في الكنيست الحالي. وتسود الحزب أجواء قلق شديد في أعقاب فشل موفاز في التحليق بالحزب، ومخاوف ثلثيْ النواب من خسارة مقاعدهم الأثيرة. وثمة أنباء عن محاولة عدد منهم اللحاق بركب أحزاب أخرى تضمن لهم مواقع في الكنيست الجديد. وأكد مراقبون أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو معني بإجراء انتخابات سريعة قبل أن يتمكن موفاز من تنظيم صفوف حزبه. وفي «ليكود» الحاكم يبدي أقطاب في الحزب عدم ارتياحهم لنية زعيم الحزب رئيس الحكومة تحصين موقع مضمون لوزير الدفاع ايهود باراك على لائحة «ليكود» الانتخابية، في حال قرر الأخير عدم خوض الانتخابات على رأس حزبه «عتسمؤوت» الذي تتوقع استطلاعات الرأي أن لا يجتاز نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة. ووصف المنتقدون باراك ب»الانتهازي»، إلا أن أوساطاً قريبة من نتانياهو نقلت عنه قوله في أحاديث مغلقة إن من حقه، كمن يقود «ليكود» نحو نجاح كبير في الانتخابات المقبلة، أن يضمن مواقع لشخصيات رفيعة من خارج الحزب على لائحة «ليكود». وقال النائب الأول لرئيس الحركة سيلفان شالوم إن «ليكود» هو «حزب ديموقراطي يتيح لأعضائه كافة الترشح، وبإمكاننا تشكيل المنتخب الأفضل لخوض الانتخابات من دون الاستعانة بشخصيات من خارج الحزب». ونفى باراك بشدة أن يكون اتفق مع نتانياهو على ضمان مكان له على لائحة «ليكود» وقال إن مسؤولين في «ليكود» يضللون الناخب بمثل هذه الإشاعات. إلى ذلك تترقب الساحة الحزبية قرار المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين في الملف الجنائي لزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. وأعلن فاينشتاين أن القرار سيصدر «في غضون أسابيع وقبل الانتخابات المقبلة»، بعد أن يستكمل محامو ليبرمان ادعاءاتهم. وكان فاينشتاين أعلن قبل أشهر أنه قرر تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان في عدد من المخالفات الجنائية التي ارتكبها في العقد الماضي حين كان نائباً ووزيراً وهي: الغش والاحتيال، خيانة الثقة، تبييض أموال (ملايين الدولارات)، الحصول على شيء بالخدعة، وتشويش مجرى العدالة، لكن ليس قبل أن يستمع إلى دفوع ليبرمان. ورغم أن القانون لا يلزم وزيراً قدمت ضده لائحة اتهام بارتكاب مخالفات خطيرة في المحكمة بالاستقالة، إلا أنه يخوّل رئيس الحكومة إقالته من منصبه. إلى ذلك، فإن تقديم لائحة اتهام لا تمنع المتهم من ترشيح نفسه في الانتخابات العامة. وفيما يرى بعض المعلقين أن تقديم ليبرمان إلى المحاكمة ستؤثر سلباً على معركته الانتخابية، يرى آخرون العكس، إذ يعتقدون أن ليبرمان قد يستفيد، سواء قدمت ضده لائحة اتهام أو لم تقدم، ففي الحال الأولى سيدعي أن تقديم اللائحة يندرج في إطار «ملاحقته السياسية» وسيلمح إلى كونه مهاجراً من دول الاتحاد السوفياتي السابق لا تروق مواقفه المتشددة للسلطة القضائية. أما إغلاق الملف فسيشكل انتصاراً له يلوح به في الانتخابات ليدعي بأن الشرطة والنيابة العامة لاحقته لعقد من الزمن من دون أن تملك قرائن لإثبات ادعاءاتها. ويبني ليبرمان حساباته على أصوات المهاجرين من أصول روسيّة الذين لا يرون الجهاز القضائي عادلاً، وعلى أوساط يمينية علمانية واسعة ترى في مواقفه المتطرفة ضد المواطنين العرب دواءً لعنصريتها وعدائها للعرب.