سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤتمر المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية في لبنان، بدعوة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تمهيداً لمؤتمر الدول المانحة ... ربما . الجمعيات الأهلية أوثق معرفة بحاجات مجتمعاتها وأكثر مرونة من الادارات الحكومية
} إذا أراد أي كاتب أو صحافي أن يطرح موضوع المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية التي تهتم بمشاريع الإغاثة والتنمية في دول العالم الثالث، ويرغب في معرفة كيف تصرف بلايين الدولارات التي تخصصها الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة، لا بد له من الرجوع الى كتاب "سادة الفقر" للبريطاني غراهام هانكوك الذي عمل مراسلاً صحافياً في عدد من البلدان النامية، و أتيحت له فرص مراقبة نشاطات وكالات العون والاغاثة عن كثب. كتاب هانكوك "سادة الفقر" Lord of poverty الصادر في لندن عام 1994، والمترجم الى العربية، جاء صادماً لإدارات المنظمات الدولية، إذ اتهمها بالإسراف والبذخ والادعاء والتسلط. وورد فيه أن أكثر من 60 بليون دولار تغطي سنوياً مشاريع الإغاثة والإعانة يصرف أكثرها في حشد طوابير من الموظفين والخبراء من ذوي الامتيازات، الراكضين وراء تلبية حاجاتهم الشخصية على حساب الحاجات الحقيقية للناس. وربما أثار هذا الكتاب الذي هز مواقع صانعي السياسات الدولية، وعياً عاماً بفشل الكثير من مشاريع التنمية في العالم، بهدرها ملايين الدولارات ثمناً لدراسات كان معظمها بلا فائدة. وهذا الوعي أدى الى تحول في نوعية البرامج والمشاريع التي يمولها الناس العاديون والأثرياء، أو الحكومات في الغرب، بأهداف نأتي على ذكرها لاحقاً. وتستمر المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية في العمل معاً ضمن أطر جديدة قد لا نعرف فعلاً نسبة الفائدة المباشرة التي تحققها على صعيد تنمية المناطق والفئات الأكثر حاجة للتقدم والنمو، لكنها تبقى الأمل الوحيد للناس المحبطين الذين يعانون من ظروف صحية وإسكانية ومهنية صعبة. تنطلق في لبنان مثلاً مشاريع وبرامج كثيرة تمولها منظمات دولية وتتعاون في تنفيذها مع جمعيات أهلية تدعي الكثير منها انها حققت على الأرض فوائد كبرى. في 28 و29 ايلول سبتمبر الجاري تعقد المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية مؤتمر عمل في بيروت بدعوة من برنامج الأممالمتحدة الإنمائي UNDP ورعاية السفارة الايطالية في بيروت، بغية بلورة برامج ومشروعات، خصوصاً لما تعتزم تطبيقه في الجنوب اللبناني، وتبادل الخبرات والتنسيق مع الخطة الخمسية للحكومة اللبنانية لإعادة إعمار الجنوب، كما ورد في نص الدعوة التي وجهت الى المشاركين في المؤتمر. والجنوب لا يزال ينتظر، منذ انسحاب اسرائيل من الشريط الحدودي قبل أربعة أشهر، ضربة معول تقلب الأرض الخصبة وتحييها. ويلتئم هذا المؤتمر في الوقت الذي يسبق اجتماع مؤتمر الدول المانحة الذي تأجل الى أجل غير مسمى. والخوف كل الخوف أن يتحول مؤتمر الجمعيات الى العرض الاعلامي إياه بالخطب والصور وتبادل التمنيات والأنخاب، وينتهي حيث توقف مؤتمر الدول المانحة في جولته الأولى. ترتبط المساعدات الاجنبية وبرامج الاعانة، بشكل أو بآخر، بأهداف سياسية واقتصادية وأنظمة الربح والخسارة لدى المنظمات الدولية التي تلعب أحياناً دور الوسيط لجلب المال الى بلد ما على أن تتولى هي تنفيذه واقتطاع نسبة مئوية عالية لمصروفاتها. وهذه المنظمات باتت تفضل التعامل مع الجمعيات الأهلية في البلد المعني بالمساعدة مثل لبنان. وكان رئيس مكتب بيروت في البنك الدولي السيد هاري براساد قال في هذا الشأن، في حديث صحافي الى "الحياة" في 17 تموز يوليو الماضي في الجولة الأولى من مؤتمر الدول المانحة في بيروت، ان البنك الدولي "مستعد أن يمول مشاريع تنمية اجتماعية في لبنان بين 30 و40 مليون دولار أميركي على أن تحولها الحكومة الى الجمعيات الأهلية غير الحكومية، لأنها فئة تعرف حاجات الناس وتعمل في سرعة على الأرض وخارج الروتين الاداري المعروف". وفي عدد "الحياة" نفسه قال رئيس مكتب بيروت في برنامج الأممالمتحدة الانمائي، السيد ايف دو سان: "اننا نريد أن نعرف ما هي هذه الجمعيات غير الحكومية في لبنان؟ وما هي مشاريعها؟ وما آلية عملها وتقاريرها؟ وهل اثبتت جدارتها في مشاريع سابقة؟". جمعية الشبان المسيحية أما لماذا تمنح الدول الاجنبية هبات ومساعدات للدول النامية؟ فيجيب رئيس جمعية الشبان المسيحية YMCA في بيروت، السيد غسان صياح بالقول: "هناك ثلاثة أهداف للمنح والمساعدات الدولية، الهدف الأول نبيل يقوم على أسباب انسانية ودينية من أعمال الرحمة والعون. الهدف الثاني أسبابه سياسية مثل المساعدات التي قدمت لمصر واسرائيل لتوقيع معاهدة سلام بينهما وبلغت قيمة المساعدات سنوياً 4500 مليون دولار أي 5،4 بليون دولار من الولاياتالمتحدة للدولتين. والهدف الثالث وهو اقتصادي غايته الوصول الى حروب أقل في العالم وأمراض أقل في مجتمع انساني متوازن يشكِّل سوقاً مفتوحة لشراء المواد الاستهلاكية والتبادل التجاري في زمن العولمة الآتي". تأسست جمعية الشبان المسيحية في لبنان عام 1890 عن يد المرسلين الأجانب، واشتهرت بمخيماتها الصيفية وبرامج التدريب على القيادة والنوادي الرياضية، وتطورت أعمالها لتصبح اليوم إحدى الجمعيات العاملة في مشاريع التنمية المحلية. وتبلغ موازنتها عشرة ملايين دولار في السنة منها 11 في المئة مصاريف إدارية. أما المساعدات التي تتلقاها فهي من مختلف المصادر الدولية، آخرها مساعدة بقيمة 3 ملايين دولار من الوكالة الاميركية للعون التي تمولها وزارة الخارجية الأميركية. وتتجه المساعدات الاميركية، وغيرها، الى اسلوب عرض دفتر الشروط لبرامج محددة في بلدان محددة. وتتقدم الجمعية الأهلية أو الدولية بطلبها الحصول على المساعدة، وإذا أظهرت أهليتها والتزمت بالشروط، كان لها ما تتمنى. ويقدر غسان صياح عدد الجمعيات الأهلية في لبنان بخمسة عشر ألف جمعية تحمل "علماً وخبراً" من الحكومة اللبنانية. وإذا أردنا تقدير عدد الجمعيات الناشطة، وألغينا تلك القائمة على الورق، وفي زواريب ودكاكين المناطق والطوائف، أصبح العدد عشرة آلاف. وإذا حصرت في باب العمل الجدي في الخدمات الاجتماعية والانسانية أصبح عددها خمسة آلاف على الأكثر. أما لماذا اتجهت المساعدات الأجنبية في السنوات الأخيرة الى الجمعيات الأهلية بدل الحكومات؟ فالجواب: "لأن الجمعيات تعمل بين الناس وأثبتت نجاحات على الأرض. فالحكومة، تشبه سفينة كبيرة، أما الجمعية الأهلية فهي تشبه زورقاً صغيراً يتحرك بسهولة. والمطلوب في أعمال التنمية حرية حركة وسرعة في القرار وشفافية في التنفيذ. والحكومات عموماً فشلت في مشاريع التنمية لأن هذه المشاريع في الأساس شائكة ومعقدة. وحتى المنظمات التابعة للأمم المتحدة أظهرت فشلها نتيجة ادعاءاتها انها منتدبة للعمل مع الحكومات. وكذلك كان مصير برامج البنك الدولي عندما عمل مع الحكومات في مشاريع التنمية. الآن يريد الجميع أن يعمل مع المنظمات الأهلية، فإذا نجحت يتقاسم كل الفرقاء النجاح، أما اذا فشلت فتتحمل أوزار فشلها وحدها". وما الذي يضمن نجاح مشاريع التنمية مع الجمعيات الأهلية؟ "مشاركة الناس المعنيين في تحديد مشكلاتهم وحاجاتهم في التخطيط والتنفيذ، وخصوصاً في الكلفة. ولا يستمر مشروع من دون مساهمة مادية من المستفيدين من المشروع. وحالياً تقدم الجهات الدولية المانحة 70 في المئة من كلفة أي مشروع، على أن يغطي المستفيدون نسبة الثلاثين في المئة الباقية. وضمان استمرار أي مشروع يكون في شعور الناس أنهم يملكونه". وأشار صيّاح الى أن لبنان "قام في سنوات الحرب الأخيرة على المساعدات العربية والأجنبية التي أنجدت البلد ببرامج الاغاثة وتوزيع الإعانات. والآن انتهت الحرب، وانسحبت اسرائيل من الجنوب، والعمل تحول الى برامج التنمية المتكاملة التي تنتشل الناس من الضائقة الاقتصادية الصعبة، إذا توافرت الأموال الموعودة من الجهات الدولية المانحة". برنامج "لايف" لبنان والجهات الدولية كثيرة وعلى رأسها منظمات الأممالمتحدة غير السياسية، التي تعمل في اتجاهين: تبحث عن مصادر التمويل لبرامجها، وتموِّل البرامج في الدول النامية التي يتم الاتفاق عليها. ومن هذه البرامج "برنامج لايف لبنان"، التابع ل"برنامج الأممالمتحدة الانمائي" UNPP وتديره المهندسة الزراعية ميرفت أبو خليل التي عملت سنوات في برامج بيئية محلية. وقالت أبو خليل ان البرنامج أُطلق في "قمة الأرض"، بريو دو جانيرو، عام 1992، ويدعو سكان المدن الى مساعدة أنفسهم على ايجاد حلول محلية لمشكلاتهم البيئية. ويمول البرنامج مشروعات صغيرة مختلفة، على مستوى الحي أو المدينة أو البلد كله. وتقرر في "قمة الأرض" اطلاق برنامج "لايف" في اثني عشر بلداً في العالم، بينها لبنان ومصر والهند وباكستان وتنزانيا وكولومبيا. وفي عام 1995 أطلق برنامج "لايف" لبنان، بعد استشارات وطنية مع الجمعيات الأهلية لتحديد الأولويات. وتألفت لجنة وطنية لاختيار المشاريع تمثل كل القطاعات الحكومية والبلديات، والجمعيات، والقطاع الخاص مثل تجمع رجال الأعمال اللبنانيين وجمعية الصناعيين... وصاغت اللجنة استراتيجية العمل في المجالات البيئية، وحددت معايير اختيار المشاريع. وحددت الأولويات على النحو الآتي: - معالجة النفايات الصلبة. - معالجة النفايات السائلة. - تعميم الوعي البيئي. - معالجة تلوث الماء والهواء. - زيادة المساحات الخضراء في المدن. أما سقف هبة برنامج "لايف" فيبلغ 25 ألف دولار اميركي، تم تخفيضها الى 20 ألفاً. بما يساوي المبلغ المطلوب من برنامج "لايف"، حداً أدنى. وينبغي أن يكون المشروع قابلاً للاستمرار. "الرؤية العالمية" هل هذا يعني أن مشاريع الأغاثة والإعانة المباشرة توقف؟ لا يبدو ذلك دقيقاً، لأن ثمة مؤسسات عالمية لا تزال تعمل بأسلوب العمل الخيري المباشر مثل "الرؤية العالمية" World vision. وهي جمعية تأسست قبل خمسين عاماً، المحور الأساسي لاهتمامها هو الأطفال. بدأت "الرؤية العالمية" عملها في لبنان عام 1975 بالمساعدة على تقديم منح مدرسية للأطفال، ولا يزال هذا البرنامج مستمراً حتى اليوم، وتغطي المؤسسة تكاليف دراسة 8 آلاف طفل لبناني في أكثر من 50 مدرسة. وفي اثناء سنوات الحرب قدمت الموسسة مساعدات عينية، من ثياب وطعام وملجأ لآلاف المهجرين. السيد عدنان ملكي، المسؤول عن بعض البرامج في المؤسسة، يحمل صفة "مدير منطقة"، قال ان التركيز على أعمال الإغاثة تطور الى برامج للتنمية، "ذلك أن الطفل هو محور اهتمامنا ونعمل من أجله من خلال تحسين ظروف أهله والمحيطين به وبيئته". وأضاف: "نحن نعمل في مختلف الحقول، من الإغاثة الى التعليم والصحة، وإعادة المهجرين، وفي الإعمار وإنشاء البنى التحتية. وانتشرنا في كل لبنان، في المناطق الريفية والمدن، بالتعاون مع موسسات متفرقة وخصوصاً المدارس". ومن يمنح المال؟ ولماذا؟ وكيف يتم ذلك؟ يجيب ملكي: "الذين يتبرعون في الخارج هم ناس عاديون يحبون المساعدة، ويهتمون بالأطفال في المجتمعات التي لا تصلها المساعدة. ونحن نستخدم وسائل اعلام مثل محطة التلفزيون CNN ومجلات رئيسية وخط Hot line للاعلان عند الحاجات الملحة. وعملنا انساني بحت وقائم على المحبة المسيحية للجميع من دون تمييز، ولا نقوم بالتبشير الديني ولا نأخذ دور الكنيسة. ونحن نُعلِم الواهبين من أفراد ومؤسسات أين تذهب هذه المساعدات بواسطة رسائل متواصلة. ولكل مؤسسة واهبة أهداف تخصها، ونحن لدينا استقلاليتنا، ومن المبالغة القول بوجود أهداف سياسية مخابراتية، وسوء نية في بث الاشاعات المغرضة عن المؤسسات الخيرية الدولية. وإذا بثثنا الأوهام كان علينا الكف عن العمل". يبلغ رأسمال الWorld vision في العالم مئات ملايين الدولارات، ومكاتبها منتشرة في مختلفة العواصم. وتقسم هذه المكاتب الى مكاتب دعم ومكاتب ميدانية. مكاتب الدعم تجمع المال، وهي موجودة في الولاياتالمتحدة وكندا وأوروبا واليابان، والمكاتب الميدانية تتلقى المال في إطار مشاريع معلنة وواضحة. ومكاتبها منتشرة في مختلف الدول النامية وبينها لبنان وفلسطين والهند وتايلاند ودول أوروبا الشرقية. والمساعدات إما مباشرة من الأفراد، أو عبر الجمعيات والمؤسسات ذات المنفعة العامة. "ونحن نتعاون مع الجميع من أجل مجتمع أفضل. ويمكن لأي مؤسسة أو جمعية أو مجموعة من الناس التقدم بمشروع، وتتم الموافقة عليه إذا كان يخدم أكبر عدد ممكن من المحتاجين الى المساعدة". وأكد ملكي استمرار المؤسسة في تقديم مساعدات الاغاثة المباشرة عندما تدعو الحاجة. وأعطى مثلاً الشريط الحدودي بعيد انسحاب اسرائيل من الجنوب: "نزلنا في اليوم الثالث من الانسحاب الى مختلف قرى أقضية مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل، وأجرينا مسحاً للأوضاع الصعبة الملحة، وتمكنا من تنظيم الاغاثة بسرعة لعدد كبير من المحتاجين. وزعنا ثلاث قسائم في الشهر. القسيمة الأولى بقيمة 40 دولاراً للطعام الأساسي بالاتفاق مع المحال القائمة. القسيمة الثانية بقيمة 35 دولاراً لمواد تنظيف، القسيمة الثالثة بقيمة 9 دولارات لقارورة غاز. وغطت المرحلة الأولى من المساعدات أشهر حزيران يونيو وتموز يوليو وآب اغسطس، واستفادت منها 400 عائلة". وتسعى المؤسسة في تمديد برنامج المساعدات لثلاثة أشهر أخرى، على أن تستفيد 1500 عائلة. فالحاجات تفاقمت مع غياب موارد الرزق، وصعوبة العثور على عمل، واستمرار الشلل الاقتصادي. وتسعى الى تغطية المصاريف الدراسية لطلاب غير ميسورين ودعم بعض المدارس بالأجهزة. وتأمل مباشرة مشاريع أوسع كي لا يستمر اتكال الناس على المساعدات العينية، وأهمها مشروع زراعي كبير لغرس شجر الزيتون، وهو مورد أساسي للسكان هناك. والمشروع يتضمن انشاء مكابس ومصانع للتعليب والتسويق عبر التعاونيات، ويتم بالتعاون مع منظمة الزراعة العالمية "الفاو" FAO و"برنامج الأممالمتحدة للإنماء" ووزارة الزراعة اللبنانية. وتواصل "الرؤيا العالمية" العمل في مشروعي تنمية في بشري وصيدا، وتأمل في أن يصبح عدد المشروعات ستة في لبنان مع حلول عام 2003. مساعدات الخارجية الأميركية بعد مؤتمر أصدقاء لبنان عام 1996 الذي عقد في واشنطن، إثر أحداث الجنوب ومجزرة قانا، أقرت الادارة الاميركية مساعدة للبنان بقيمة 60 مليون دولار تدفع على مدى خمس سنوات، بقيمة 12 مليون دولار في السنة، وذلك لبرامج تنموية تشرف عليها مباشرة جمعيات دولية أو أهلية غير حكومية. وجرى استدراج عروض للهبة ورسا العرض على خمس جمعيات من بينها "مؤسسة الاسكان التعاوني" الأميركية، وجمعية الشبان المسيحية، والبعثة البابوية، و"ميرسي كوربس انترناشونال"، ومؤسسة "كرياتيف أسوسييتيس". وكلهم يعملون في لبنان، تحت اشراف "الوكالة الأميركية للعون" US Aid، ولها مركزاً في السفارة الاميركية. مدير فرع "مؤسسة الإسكان التعاوني" في لبنان، وممثلها لدى الحكومة، أيمن عبدالله قال أن المؤسسة حصلت على تمويل "الوكالة الأميركية للعون" في برامج محددة في لبنان، أسست مكتباً لها في بيروت، وجهازاً بشرياً، وشرعت تعمل بترخيص رسمي في مشاريع بنى تحتية، وبناء مدارس، وشق طرق أو تحديثها، وتأمين تجهيزات، وتقوم الجمعيات الخمس التي حصلت على الهبة الأميركية بالمشاريع في مناطق مختلفة يتفق عليها، وهي الأكثر حاجة لهذه الخدمات. ورسا اهتمام "مؤسسة الاسكان التعاوني" على أقضية بعلبك الهرمل وعكار والضنية. كيف تعمل المؤسسة في تنفيذ برنامجها وعلى أي أساس يتم اختيار القرى والمشاريع؟ أجاب عبدالله: "في كل قرية نذهب اليها ندعو الناس الى اجتماع. ندعو كل القرية، من رئيس البلدية والأعضاء والمخاتير والوجهاء الى الناس العاديين. نلتقي في مكان عام، ونقول للحاضرين من نحن، وما هو برنامجنا وما هو تمويلنا. ونطلب منهم أن يشكلوا لجنة تمثل القرية كلها، لننسق معها اختيار الأولويات المطلوبة. ويمكن أن يراوح عدد أعضاء اللجنة بين 8 و15، وتتمثل فيها كل الفئات والعائلات والهيئات، اضافة الى عضوين أو ثلاثة من البلدية. ومهما طال وقت تشكيل اللجنة ننتظر، فنحن لا نقبل أن تبقى فئة غير ممثلة. ثم نبدأ العمل معاً، ندرس مع اللجنة حاجات القرية. وإذا كانت الأولوية لمشروع تشترك فيه قرى مجاورة، نؤسس اللجان في مجموعة القرى، وننطلق في المشروع الموحد الذي يكون في معظم الأحيان تأمين مياه للشرب، أو بناء مسلخ للماشية، أو حل مشكلة النفايات، فضلاً عن مشروعات بناء مدرسة أو مستشفى أو شق طريق زراعية... وهكذا بدأنا العمل مع 60 قرية". ويذكر عبدالله ان 40 شخصاً من أعضاء لجان القرى هذه ترشحوا الى الانتخابات البلدية، في 1998، ونجحوا، وكذلك نجح عضو من لجنة وادي خالد في عكار في الانتخابات النيابية الأخيرة. وأوضح عبدالله، ومساعده مدير المشاريع في المؤسسة، طلال الحاج، أن الأعمال التي تقر على صعيد القرية الواحدة، أو مجموعة القرى تُعرض للتلزيم في دفتر شروط، ويختار الأفضل بينها بالاتفاق والتنسيق مع لجنة القرية أو لجنة مجموعة القرى. وتسهم اللجنة في 60 في المئة من كلفة المشروع. وتتولى اللجنة جمع المال الباقي من متمولي المنطقة أو نوابها، وتقدم الأرض التي يقوم عليها المشروع. وفي النهاية يكون المشروع ملك القرية، أي ملكاً عاماً للبلدية أو لإدارات الدولة. "وهذا نظام شفاف، إذ يتم اختيار أفضل مقاول لتنفيذ المشروع، وتشرف اللجنة على عمله، ونحن نرسل مهندساً استشارياً للتوجيه والتدقيق، وتسهم طريقة العمل في تعزيز الحياة الديموقراطية والنظام المدني". الألمان وثقافة الديموقراطية ومسألة تعزيز الحياة الديموقراطية عبر تعزيز المجتمع المدني قديمة في العمل الاجتماعي والهبات الأجنبية قِدم تنافس الدول المتطورة على نشر ثقافتها ونفوذها في العالم الثالث، خصوصاً الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى. ومن هذه الدول ألمانيا التي تعتمد نظاماً خاصاً في تعزيز جمعيات ذات أهداف سياسية بموازاة احزاب تفوز بمقاعد في البرلمان. أي أن كل حزب له وجود في البرلمان له الحق وفق الدستور في تأسيس جمعية تنشر أفكاره ومبادئه في العالم. وتمول وزارة الخارجية برامج هذه الجمعيات. والحزب الذي يدخل البرلمان يجب أن يحصل على نسبة 6 في المئة من الناخبين على الأقل. وعندما فاز حزب "الخضر"، متحالفاً مع الاشتراكيين الديموقراطيين أسس جمعية سياسية بيئية تمولها وزارة الخارجية. والجمعيات الأخرى القائمة "كونراد أديناور"، المرتبطة بالحزب المسيحي - الديموقراطي، وجمعية "فريدريك ناومدن" المرتبطة بحزب الأحرار وتتعاون معها "مؤسسة رينيه معوض" في لبنان. أما أكبر هذه الأحزاب "الحزب الاشتراكي الديموقراطي"، فأقدم الجمعيات السياسية العاملة لترويج أفكار الحزب هي مؤسسة "فريديرش إيبرت" التي تأسست في ألمانيا عام 1925. وتنتشر في نحو مئة دولة في العالم. وهذه المؤسسة تعمل في لبنان منذ الستينات، ويدير مكتبها ببيروت السيد سمير فرح، وهو ممثل المؤسسة لدى الحكومة. قال فرح ان في طليعة برامج مؤسسة "إيبرت" التثقيف النقابي وحماية البيئة وتعزيز دور المرأة وتعزيز الصناعات الصغيرة والحرفية. "نحن لسنا مؤسسة خيرية، ولا نملك مالاً نوزعه. نحن نقدم خبرتنا للمؤسسات المحلية الراغبة فيها، ونستقدم خبراء وباحثين ونجمع الهيئات المعنية بتحقيق العدالة الاجتماعية خصوصاً النقابات. نغطي كلفة الاجتماعات والسفر والخبرات. ونتعاون في لبنان مع الوزارات المعنية، خصوصاً وزارة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسات خاصة لتعزيز الديموقراطية مثل مؤسسة جوزيف ولور مغيزل وجمعية حقوق الانسان. وقدمنا للحكومة اللبنانية خبرات في مجال الاصلاح الاداري واصلاح البلديات. ونحن في صدد تأسيس مركز استشاري تدريبي للبلديات في منطقة الشمال يلبي حاجة 159 بلدية. ومن برامجنا في لبنان تعزيز دور المرأة السياسي من خلال ندوات وبرامج تثقيفية. وكان حضورنا قوياً في حملة ترشح المرأة في الانتخابات البلدية والنيابية". وقال فرح أن الاتحاد الأوروبي طلب من "مؤسسة فرديديش إيبرت" في لبنان ادارة مشروع Meda Democracy الذي يهدف الى تعزيز الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمجتمع المدني في لبنان.