ظهرت اخيراً في الوسط الدرامي السوري، مجموعة من الوجوه الفنية الجديدة، استطاعت ان تترك بصمتها الخاصة، الى جانب الفنانين الكبار. وبرز بينها اسم الفنانة الشابة رانية حالوت ذات الملامح البريئة، والجمال الهادئ، فكان لها حضور لافت على رغم ادوارها القصيرة، في معظم الاعمال التي اشتركت فيها. والفنانة حالوت، لبنانية الاصل، حازت شهادة البكالوريا من طرابلسلبنان، ثم تابعت دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وتخرجت عام 1996، وهي تتقن اللغة الفرنسية، وتكتب القصة القصيرة، وتهوى المطالعة. ويعرض لها الآن على شاشة التلفزيون السوري مسلسل "تل الرماد" للمخرج نجدة انزور. عن مسيرتها الفنية القصيرة نسبياً، ورأيها في الدراما السورية، ومواضيع اخرى، كان ل"الحياة" معها هذا الحوار: كيف كانت البدايات، وما اهم المحطات في مسيرتك الفنية؟ - منذ صغري كنت اتابع، باهتمام، الافلام السينمائية، والمسلسلات التلفزيونية، وترك ذلك انطباعاً جيداً في نفسي، وفتح امامي آفاقاً للخيال والانطلاق، ثم تطور الانطباع الى حب لفن التمثيل، فانتسبت الى المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرجت فيه، واعجب الفنان ايمن زيدان بدوري في عرض التخرج الخاص بالمعهد، فطلب مني العمل معه في مسلسل "تل الرماد" الذي انتجته "شركة الشام" التي يملكها، وتولى اخراجه نجدة انزور. فكان هذا المسلسل البداية الحقيقية التي فتحت امامي الفرصة للعمل في مجموعة من المسلسلات، اذ عملت في مسلسل "حمام القيشاني" الذي اخرجه هاني الروماني، ومسلسل "هوى بحري" للمخرج باسل الخطيب، واشتركت في العمل الكوميدي "جميل وهناء" للمخرج هشام شربتجي، وفي مسلسل "الفوارس" للمخرج محمد عزيزية، مجسدة دور "سيما" الجارية العربية، وقد احببت جداً دوري في هذا العمل، على رغم الانتقادات التي وجهت الى العمل ككل. وانهيت اخيراً العمل في مسلسل كوميدي من اخراج عماد سيف الدين بعنوان "حنطة وبس"، وشاركت في بعض الاعمال للأطفال مثل "كلمة وحرف" و"قضية تمام". اما سينمائياً فأديت دوراً صغيراً في فيلم "نسيم الروح" للمخرج عبداللطيف عبدالحميد، الذي فاز بالجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي الاخير. كونك اسهمت في كثير من الاعمال الدرامية السورية، ما تقويمك لهذه الدراما؟ - لم يعد خافياً على احد ان الدراما السورية حققت انتشاراً واسعاً، خصوصاً في السنوات الاخيرة. وتكفي جولة سريعة على المحطات الفضائية العربية حتى تكتشف هذه الحقيقة. وهذا الانتشار يعود، في رأيي، الى جهود الجميع من ممثلين ومخرجين وفنيين، والى التقنيات الفنية والاخراجية الجديدة التي ظهرت في السنوات الاخيرة، فضلاً عن ان هذه الدراما تتناول في معظم الاحيان مواضيع اجتماعية مهمة مستمدة من واقع الحياة اليومية للانسان العربي، وعلى رغم توافر الجرأة في الطرح، والبذخ في الانتاج، لا ينفي كل ذلك وجود بعض الثغر والسلبيات التي يجب تخطيها. ما هي تلك السلبيات، وهل يصح الحديث عن "أزمة في الدراما السورية" في ضوء انتشارها الواسع؟ - الانتشار الواسع للدراما السورية، لا يلغي، بالضرورة، وجود ازمة، والازمة الحقيقية في الدراما السورية ازمة النص، وغياب السيناريوهات الجادة، فهناك نصوص هشة، ثم ان كاتب النص لا يستطيع، عموماً ان يتجاوز ذاته الكاتبة، فينطق كل الشخصيات بلسانه هو، من دون فروق واضحة بين شخصية واخرى. فكل شخصية في اي عمل لها مستواها الفكري والثقافي المختلف عن غيرها، لذا ينبغي ان يكون الحوار مناسباً لطبيعة الشخصية ومستواها. ثم ان الرقابة المفروضة على الاعمال التلفزيونية تكبح احياناً الامكانات القائمة، ونجاح بعض الاعمال يدفع ببعض المخرجين الى تكرار نسخ مشوهة عنها، فيتناولون مواضيع مستهلكة في اكثر من عمل من مثل "الفانتازيا التاريخية". اديت دوراً في فيلم "نسيم الروح"، فما رأيك في السنما السورية؟ - السينما السورية على العكس من الدراما، غير منتشرة الا انها متميزة جداً، من مختلف النواحي. فحصيلة الافلام السورية قليلة لكنها ناجحة. وحصدت جوائز كثيرة، ويمكن ان نذكر على سبيل المثال فيلم "أحلام المدينة" و"الليل" للمخرج محمد ملص، و"نجوم النهار" للمخرج اسامة محمد، وافلام عبداللطيف عبدالحميد، و"الكومبارس" للمخرج نبيل المالح، وكلها تهتم بالنوع على حساب الكم. ولا ان السينما في سورية تلقى قليلاً من الدعم المادي، لذلك فانتاج المؤسسة العامة للسينما لا يتجاوز، في السنة، فيلماً واحداً، وفيلمين في احسن الاحوال، وهذا رقم ضئيل جداً قياساً الى السينما المصرية مثلاً، ثم ان توزيع الفيلم السوري لا يتم بالشكل المطلوب، ولا يتناسب مع اهميته. من المسرح الى التلفزيون الى السينما، اين تجد رانية حالوت نفسها كفنانة تستطيع ان تبدع؟ - على رغم ان هذه الاشكال الثلاثة تندرج تحت مسمى واحد هو الفن الا ان لكل منها خصوصيته. ففي المسرح يكون الممثل مشحوناً بالطاقة، ومتوتراً، والجميل فيه ان تجاوب المتلقي يكون مباشراً وفورياً، اما السينما فتعتمد اظهار قدرات الفنان من الداخل... فيما العمل التلفزيوني يتطلب العبر والاستعداد، ويهدر العواطف... وفي كل مرة ارى فيها نفسي على الشاشة اشعر بالندم، لأنني فعلت كذا ولم افعل كذا، والابداع عموماً مرتبط بقدرات الفنان وموهبته، لا بالشكل الفني. ما الدور الذي تطمحين إلى تجسيده؟ - اطمح الى تجسيد دور شرير ومركب، لأن معظم المخرجين الذين عملت معهم يرون في شخصيتي دائماً، الفتاة البريئة والحالمة والمرحة... فأتمنى ان اؤدي دوراً هو بعكس ذلك، لأثبت للمخرجين قدرتي على تجسيد دور مناقض لملامحي وطبيعتي، كأن اجسد شخصية "الليدي ماكبت" لشكسبير، وانا متفائلة بأن الفرصة ستأتي. الى التمثيل، لديك موهبة الكتابة، فماذا عنها، ولمن تقرأين؟ - انا اكتب منذ سنوات الدراسة الثانوية، وحصلت آنذاك على جائزة افضل قصة قصيرة كانت تنظمها المدرسة للطالبات. ومذ ذلك وانا اكتب، ولكن بصورة متقطعة، اكتب حين اكون حزينة جداً، وحين اكون مسرورة جداً. فالكتابة هي المنفذ الوحيد للتعبير بصدق عما يجول في النفس. أما بالنسبة الى قراءاتي، فأنا أقرأ الأدب الفرنسي: اميل زولا وفيكتور هوغو وشارل بودلير وجاك بريفير وجان راسين، واقرأ لأدباء اميركا اللاتينية مثل غارتيا ماركيز وايزابيل الليندي، فضلاً عن الابداعات العربية. ويحضرني هنا اسم الاديبة الجزائرية احلام مستغانمي التي تكتب بشفافية لا حدود لها. من يعجبك من الفنانين، وكلمة اخيرة تودين قولها في هذا الحوار؟ - محلياً أحب أعمال أمل عرفة وبسام كوسا وغسان مسعود، أما عربياً فتعجبني عفوية يسرا وعبلة كامل، وتلقائية صلاح السعدني. وما اتمناه، ككلمة اخيرة، ان يكون هناك تعامل مشترك وكثيف جداً على صعيد الانتاج والاخراج والتمثيل. ولا اطمح الى النجومية، بمقدار ما اطمح الى تجسيد الادوار المتميزة، وان كانت قصيرة وهامشية.