تجري اليوم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية اليوغوسلافية، اضافة الى المحلية الصربية، وسط اجواء من التوتر والمخاوف من عزم الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش على التلاعب بنتائجها لمصلحته. وأعربت الدول الغربية عن قلقها ازاء الوضع المضطرب الذي يمكن أن يؤثر في منطقة البلقان، غير المستقرة اصلاً، ومارست أساليب الترغيب والترهيب في محاولة لدعم المعارضة وحسم النتيجة لمصلحتها. وتعتبر هذه الانتخابات الأهم منذ انهيار يوغوسلافيا لأنها الأولى التي يتم فيها انتخاب رئيس الاتحاد وأعضاء البرلمان 178 نائباً بالاقتراع المباشر لولاية مدتها أربع سنوات، إذ كان انتخاب الرئيس لولاية واحدة فقط - حالياً يمكن التجديد له لفترة ثانية يتم في البرلمان الاتحادي الذي يتم اختيار أعضائه من برلماني الجمهوريتين صربيا والجبل الأسود، وجرى هذا التغيير نتيجة تعديلات دستورية بإيعاز من ميلوشيفيتش قبل حوالى ثلاثة أشهر، رفضتها حكومة الجبل الأسود لأنها تقلل من الوضع المتكافئ لجمهوريتها مع صربيا، وبررت مقاطعتها الانتخابات، بأنها تجري حسب هذه التعديلات. ويشمل الاقتراع، رسمياً أنحاء دولة الاتحاد اليوغوسلافي، التي تتكون حسب الأعراف الدولية، من جمهوريتي صربيا والجبل الأسود واقليم كوسوفو، ويبلغ عدد الذين ينبغي ان يشاركوا فيه أكثر من سبعة ملايين ناخب، إلا أن التصويت سيقتصر في الجبل الأسود على أنصار "الحزب الاشتراكي الشعبي" بزعامة الرئيس السابق لهذه الجمهورية رئيس الحكومة الاتحادية حالياً مومير بولاتوفيتش، المؤيد لميلوشيفيتش، في حين ان السكان الصرب وحدهم سيدلون بأصواتهم في كوسوفو. ويرى المراقبون ان مقاطعة حكومة الجبل الأسود وألبان كوسوفو تصب في مصلحة ميلوشيفيتش، لأنها تنقذه من ناخبين معارضين له يزيد عددهم عن المليون، اضافة الى انه يراهن على تشتت أصوات معارضيه بين ثلاثة تجمعات سياسية. ويتنافس في الجزء الرئاسي من هذه الانتخابات أربعة مرشحين: ميلوشيفيتش عن حزبه الاشتراكي وحزب زوجته مير ماركوفيتش اليسار اليوغوسلافي الموحد وثلاثة معارضين: فويسلاف كوشتونيتسا رئيس الحزب الديموقراطي الصربي ويؤيده 17 حزباً آخر وتوميسلاف نيكوليتش الحزب الراديكالي وفويسلاف ميخائيلوفيتش حزب حركة التجديد الصربية وينبغي أن يحصل الفائز على نصف مجموع أصوات المقترعين، والا تنظم جولة ثانية بعد اسبوعين. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي ان كوشتونيتسا يتقدم ب11 نقطة على ميلوشيفيتش، وهما المرشحان اللذان يتركز بينهما الصراع الرئيسي، وعلى رغم ان المصادر الحكومية تؤكد ان المنافسة بينهما ستكون شديدة، إلا أنها تشير الى ان الاستطلاعات لا يمكن اتخاذها معياراً حقيقياً، لأنها جرت في صربيا وحدها وشملت بلغراد والمدن الكبرى حيث تحظى المعارضة بالتأييد، ولم تشمل القرى والأرياف المعروفة بتأييدها لميلوشيفيتش. واعربت المعارضة عن خشيتها من اقدام الحكومة على التلاعب بنتائج الانتخابات، خصوصاً انها رفضت اعطاء تأشيرة دخول الى يوغوسلافيا لمراقبين مفوضين من الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية "ما يشكل دليلاً آخر على جدية المخاوف المتصاعدة من عزم ميلوشيفيتش اجراء هذه الانتخابات بعيداً عن رقابة دولية حقيقية، كي يتاح له التلاعب بها لمصلحته". وكان عشرون برلمانياً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، طلبوا تأشيرة دخول من الاجهزة القنصلية اليوغوسلافية في دولهم، إلا أنهم لم يتلقوا أي رد. وعلى رغم ان بلغراد اعلنت وصول 210 مراقبين من 52 بلداً ينها أربع دول عربية هي: العراق والأردن وليبيا وفلسطين، إلا أن المعارضة اعتبرتهم غير حياديين. وامتدت المخاوف لتشمل دول الاتحاد الأوروبي التي وعدت برفع العقوبات عن يوغوسلافيا اذا فازت المعارضة. وأعرب الأمين العام للحلف الأطلسي جورج روبرتسون عن قلقه ازاء الوضع الراهن في يوغوسلافيا وحذر ميلوشيفيتش من "مغبة تزوير الانتخابات أو انتهاك حقوق جمهورية الجبل الأسود".