من المآسي الحقيقية التي أخذت تواجه ساحة الغناء في السنتين الأخيرتين تحول المغني الى مادة أساسية في حياة المجتمع المخملي وخصوصاً في أفراحه وفي مناسباته الاجتماعية الخاصة. بكلام أوضح إن طبقة الأثرياء في عالمنا العربي باتت تعتبر حفل زفاف ولدها على أنها حدث اجتماعي فني يجب أن تحظى بكل المظاهر الفخمة والمضخمة، خصوصاً أن الاعلام بات يخصص صفحات من أغلفته وبثّه لتغطية هذه الاحتفالات. وبالتافي فإن السخاء على مثل هذه المناسبات بات له أهمية مضاعفة. ومن الطبيعي جداً ان يدخل المغني طرفاً رئيسياً في هذا الحدث، ومنذ سنوات قليلة أصبح المغنين اللبنانيين والعرب ينتظرون بفارغ الصبر مثل هذه الاحتفالات لينالوا أجراً كبيراً قد لا يحملون بالحصول ع ليه من أي حفلة أو مهرجان خصوصاً في السنوات الأخيرة بعد أن تراجع الى حد كبير نشاط وحفلات، هؤلاء المغنين. ولو أن الأمر بقي في هذا الاطار فقط لما كان لنا موقفاً من هذه الظاهرة. إلا أن استفحال الأمور أدى الى أزمة حقيقية على صعيد الأغنية انتاجاً وحضوراً وعلى صعيد تراجع الحفلات الفنية التي تحمل مستوى معيناً يجعلنا نقول أيها الأثرياء لا توقفوا حفلاتكم هذه ولكن لا تعطوا الفنان مبلغاً بالملايين يجعله لا يفكر بجهوره وبأغنياته وبحفلاته. وليس مستغرباً أبداً ان تنعكس هذه الحال الرديئة على الأغنية تلحيناً وكتابة وغناء. فالركض وراء الثراء السريع يدفع الفنان الى استسهال العمل الفني وإلى تلبية السوق بما توافر. وهكذا يعرض الفنان عن اختيار الجميل والأجمل وعن البحث عن العمل الراقي الذي يتوجه الى القلب والعقل والمخيلة. ويكفي أن نفتح أي إذاعة أو أي شاشة صغيرة لندرك كم أن كثيراً من الفنانين، ولا سيما المطربين باتوا أسرى لعبة السوق في ما تعني من عرض وطلب. وفي كل الأحوال الأمور تبقى من مسؤولية الفنان أولاً وأخيراً وإذا كان لكل فنان الحق في أن يكسب المال وأن يعيش براحة وبهدوء بال لكننا نعتقد أنه لا يجوز أن يتحول الى مطرب يغني في القصور وأمام جمهور وفئة معينة فقط، بل يجب أن ينشر أغنيته في كل مكا ن وأمام كل الناس. كلمة أخيرة الجلسات الخاصة الفنية دائماً كا نت موجودة ولها سعرها الخاص المرتفع، ولكن نتكلم هنا عن أغنية خلطت ما بين الخاص العام وكانت الأغنية نفسها والفنان ضحاياه الزول.