حرص الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على إبراز انفتاحه وتسامحه مع الثقافات العالمية مساء اول من امس، عندما سلم الفنان الفرنسي اليهودي الجزائري الاصل روجيه حنين وسام الإستحقاق الوطني الذهبي بدرجة "عشير". ولفت إلى أن هذا الوسام يأتي "تنويهاً باعماله حنين الفنية الهادفة اساساً الى التواصل بين الشعبين الجزائرى والفرنسي". وتسلم بوتفليقة من حنين وسام فاعليات الاحتفال باطلاق الفيلم السينمائي "تاكسي" في الجزائر للمخرج جيرار كوزيك، قبل أن يشاهد جانباً من العرض. وخلال محادثاته مع الفنانين الفرنسيين شدد الرئيس الجزائري على تأكيد أهمية السينما فى "تقريب الثقافات بين دول البحر المتوسط واقامة جسر من الصداقة والتعاون بين شعوب هذه البلدان". وكان بوتفليقة إضطر في آذار مارس الماضي إلى إلغاء دعوة رسمية وجهها الى المغني الفرنسي اليهودي الجزائري الاصل أنريكو ماسياس، وذلك بعدما هددت الأوساط الإسلامية والمحافظة باللجوء إلى الشارع لاعلان رفضها اي محاولة لتطبيع العلاقات مع اليهود و"الأقدام السود". وتطلق عبارة "الأقدام السود" على الرعايا الأوروبيين غالبيتهم فرنسيون واسبان الذين ولدوا في الجزائر خلال الفترة الإستعمارية ووقفوا الى جانب الإستعمار في قمع الثورة التحريرية التي بدأت العام 1954. ولا يزال الجزائريون، خصوصاً الاوساط الشعبية والمثقفين، يشعرون بحساسية خاصة ضد "الأقدام السود" بسبب الاتهامات التي وجهت إليهم بقمع قادة الثورة التحريرية. وتحتضن الجزائر العاصمة، منذ مساء الجمعة وحتى الأربعاء المقبل، احتفالات اسبوع "سينما الصيف" للفيلم الفرنسى. وحضر إفتتاح الاحتفالات الى جانب بوتفليقة، وزير الاعلام والثقافة السيد محيي الدين عميمور والمستشار لدى رئاسة الجمهورية السيد رشيد عيسات، ووالى العاصمة ورئيس المجلس الشعبي الولائي وعدد من السفراء المعتمدين في الجزائر اضافة الى عدد من الفنانين الفرنسيين. وأسندت الحكومة عملية تنظيم الاحتفالات الى المخرج الفرنسى الكسندر اركازى الذي كان مُنع من زيارة البلاد خلال السبعينات لانه ينتمي الى "الاقدام السود" واحد أبرز الشخصيات اليهودية التي أجبرت على مغادرة البلاد مع الإستقلال العام 1962. وقال وزير الإعلام: "ان الهدف من هذه الحيوية الفكرية، مد جسر الصداقة والتعاون بين كل الشعوب المحبة للسلم تحقيقاً لحوار الحضارات واثراء التبادل الثقافي بين الجزائر وكل الاشقاء والاصدقاء". وحتى ساعة متقدمة من مساء أمس، لم يصدر اي تعليق من الأوساط المناهضة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في شأن الخطوة التي قام بها الرئيس الجزائري والتي تعتبر سابقة في تاريخ البلاد في تعامله مع ما كانوا يسمون ب "الخونة". وتزامن تكريم أبرز رموز "الأقدام السود" مع مضى أسبوع كامل على إستئناف العلاقات الديبلوماسية مع إيران وسط قلق الأوساط الفرانكوفونية مما يكون قد شجع الرئيس على التوجه بقوة نحو الانفتاح أكثر على الجالية اليهودية من ذوي الأصول الجزائرية لإبداء نوع من التوازن مع مختلف الفاعليات والأوساط الخارجية. وترجح أوساط سياسية مطلعة أن يكون رد الفعل محدوداً للغاية مقارنة بما حدث مع الدعوة الموجهة للفنان أنريكو ماسياس، وذلك بسبب التطورات التي ميزت الوضع الداخلي والتي كان أبرزها دخول شخصيات من التيار المناهض للتطبيع في الحكومة، وابرز هؤلاء وزير الخارجية السيد عبدالعزيز بلخادم المعروف بتوجهه المحافظ