تبت نيابة أمن الدولة العليا في مصر غداً في أمر تمديد حبس رئيس "مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية" الدكتور سعد الدين إبراهيم، في ظل لبس في شأن التهم التي يواجهها، بعدما أعلن الناطق باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر أن السطات المصرية ابلغت بلاده انها لم توجه بعد أي تهم الى ابراهيم الذي يقضي فترة حبس احتياطي على ذمة التحقيق منذ القبض عليه بداية الشهر الماضي. وعقد النائب العام المصري المستشار ماهر عبدالواحد مؤتمراً صحافياً أمس نفى فيه أن تكون نيابة أمن الدولة انتهت بعد من التحقيقات في القضية أو أن تكون أصدرت لائحة الاتهام فيها، مشيراً الى أن التحقيقات ما زالت جارية مع المتهمين في القضية وأن نتائجها ستعلن قريباً. وأوضح أن من حق المتهم اثناء مرحلة التحقيق مواجهته بكل المعلومات والبيانات والمستندات لتتاح له الفرصة ليرد عليها ويقدم دفاعه عنها. وأفادت مصادر رسمية ان النظام القضائي المصري يقوم على أن التهم توجه، رسمياً، الى المتهمين بعد انتهاء النيابة من التحقيقات تماماً، وتحديد لائحة الاتهام واسماء المتهمين، ومواد القانون التي تطبق عليهما، مشيرة الى ان التحقيقات التي تجريها النيابة مع المتهمين في قضية "مركز ابن خلدون" تتعلق بوقائع وردت في التحريات التي قامت بها اجهزة الامن واقوال شهود الاثبات وما استخلصته النيابة من اعترافات المتهمين انفسهم. وأشارت المصادر الى أن لائحة الاتهام "قد تتضمن كل او بعض التهم التي وردت اثناء التحقيقات"، وان النيابة "قد تستبعد بعض التهم التي اسندتها اجهزة الامن الى بعض المتهمين او كلهم اذا رأت ان الادلة الثبوتية عليها غير كافية"، مؤكدة ان النيابة "ستكون حريصة على أن تتضمن لائحة الاتهام فقط التهم التي ستقتنع المحكمة بصحتها اثناء مرحلة المحاكمة". وفسر خبراء قانونيون الخلط حول موقف ابراهيم في القضية بأنه يعود الى أن القانون المصري يختلف عن القانون الانغلوسكسوني المطبق في اميركا وبعض الدول الغربية. لكن فريد الديب محامي ابراهيم اعتبر موقف النائب العام "ايجابياً"، وقال ل"الحياة": "التطور الأخير يتفق والتطبيق القانوني السليم من حيث عدم الاعتداد بالتهم التي توجه الى المتهم اثناء التحقيق إلا إذا شملها أمر الإحالة على القضاء أو لائحة الاتهام". وأضاف: "اذا خلت اللائحة من تهم وردت في التحقيقات فإن تلك التهم تعتبر ساقطة وتوصف في القانون بأن لا وجه لتطبيقها على المتهم". وأعرب الديب عن أمله في أن "يسود الاتجاه العاقل الحكيم باقي مراحل القضية"، وان "يصدر قرار إداري بحفظ القضية"، معتبراً أن "كل التهم التي وردت في التحقيق بما فيها التخابر مع الولاياتالمتحدة معدومة الأدلة". وعلى مدى يومين واجهت النيابة ابراهيم بتهم تتعلق ب"التخابر مع دولة أجنبية هي الولاياتالمتحدة بقصد الإضرار بمصالح مصر العسكرية والاقتصادية والسياسية" بسبب عبارات وردت على لسانه اثناء مشاركته في مؤتمر نظمته في نيسان ابريل 1994 "أكاديمية الدفاع الاميركية" وكذلك تعاقده مع شركة "÷اريتي" الاميركية التي تمنح شهادات ضمان الجودة الى المنتوجات الصناعية والتي اعتبرتها النيابة واجهة للاستخبارات الاميركية "سي. اي. ايه" ليكون وكيلاً عنها في مراقبة مصانع تعمل في مجال الغزل والنسيج والتفتيش عليها. وكان باوتشر سُئل عن الموقف الاميركي تجاه اتهام ابراهيم بالتخابر لصالح الولاياتالمتحدة، فذكر أن مسؤولين في السفارة الاميركية في القاهرة التقوا مسؤولين مصريين كبار فأبلغوهم أنه لم يتم بعد توجيه أي تهم رسمية الى ابراهيم. واضاف: "اننا سعداء في أن نجد التقارير التي تحدثت عن تلك التهمة غير دقيقة ولكننا نظل نعبر عن عميق قلقنا في شأن استمرار احتجازه من دون توجيه تهم اليه". وتابع: "الافتراض المنصف لدينا ان ابراهيم يقبع في السجن بسبب دعواته المتكررة لإقرار حقوق الانسان في مقره"، وكان السفير الاميركي في القاهرة دانيال كيرتزر التقى بناء على طلبه أول من أمس رئيس الحكومة المصرية الدكتور عاطف عبيد بعد انتشار معلومات عن التخابر الى رئيس "مركز ابن خلدون". ويعطي القانون المصري اعضاء النيابة في القضايا التي تتعلق بأمن الدولة سلطة قاضي التحقيق وكذلك القاضي الجزئي الذي يحق له تمديد حبس المتهمين على ذمة التحقيق في تلك القضية بحد اقصى 60 يوماً.