بعد ثماني سنوات من مشاركته في الادارة الاميركية الى جانب الرئيس بيل كلينتون، اختار آل غور مرشحاً يهودياً كان من أول منتقدي كلينتون لعلاقته بمونيكا لوينسكي، ليكون نائبه في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية. وسيعلن آل غور اليوم اختياره جوزيف ليبرمان السناتور عن ولاية كونكتيكت، ليكون الى جانبه في معركة الرئاسة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، بعدما أبلغه امس عزمه على ترشيحه. وسيكون ليبرمان 58 سنة أول يهودي يختاره أحد الحزبين الكبيرين في الحياة السياسية الاميركية لمنصب نائب الرئيس. ومعروف انه يهودي ارثوذكسي وديموقراطي محافظ من أشد المتحمسين لاسرائيل وكان من أوائل منتقدي كلينتون حين افتضحت علاقته الجنسية مع لوينسكي، وكادت تطيحه. عندها وصف ليبرمان تصرف كلينتون بأنه "غير اخلاقي"، ومع ذلك صوت ضد قرار عزله في مجلس الشيوخ، حيث يقضي فترته الثانية عن ولاية كونكتيكت. وواضح ان اختيار غور ليبرمان الذي اعتبر الأمر "معجزة" لم يكن يتوقعها، لم يأت لاستمالة اليهود الذين يؤيد معظمهم غور، ولا للفوز بولاية كونكتيكت الصغيرة التي تصوت الى جانب المرشح الديموقراطي، وانما ليفصل بينه وبين كلينتون بعدما تعرض الأول لانتقادات شديدة من الجمهوريين في مؤتمرهم الأخير بوصفه امتداداً للرئيس الحالي. ويقود ليبرمان تياراً محافظاً في الحزب الديموقراطي - خصوصاً في مواضيع التأمين الصحي والضمان الاجتماعي والتمسك بالقيم العائلية - يسعى الى اجتذاب الحزب الى الوسط. وهذا الأسلوب يتبعه ايضاً الحزب الجمهوري، مما سيجعل معركة الرئاسة معركة لاحتلال الوسط. وأثناء الغزو العراقي للكويت صوت ليبرمان الى جانب الخيار العسكري لتحرير الكويت، فيما عارض بعض زملائه في الحزب ارسال قوات أميركية لتحرير الكويت. كما تبنى ليبرمان تقديم مشروع "قانون تحرير العراق" الى مجلس الشيوخ أواخر 1998. وباختياره لمنصب نائب الرئيس يكون غور ادخل الاعتبار الديني كعامل مؤثر في انتخابات الرئاسة للمرة الأولى منذ اربعين سنة، حين انتخب الكاثوليكي جون كينيدي رئيساً. وكون ليبرمان يهودياً ملتزماً سيترك تأثيراً كبيراً في قرار الناخبين، على رغم ان احداً من الجمهوريين لن يجرؤ على انتقاد ليبرمان علناً ليهوديته. ويصبح الانقسام الديني واضحاً حين يقارن الناخبون ليبرمان بخصمه الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، المسيحي المتدين المحافظ ريتشارد تشيني. ويأتي إعلان اختيار ليبرمان في وقت يتقدم المرشح للرئاسة جورج بوش الابن على غور ب17 نقطة بعد الدفع الكبير الذي حصل عليه نتيجة المؤتمر الوطني للحزب. وأظهر استطلاع اجرته شبكة تلفزيون "سي. إن. إن" ان بوش حصل على 54 نقطة في مقابل 37 لغور، لكن بعض المراقبين حذر من هذا الرقم لأنه كان ذاته الذي حصل عليه مايكل دوكاكيس بعد المؤتمر الديموقراطي ضد بوش الاب الذي هزمه عام 1988. وكان وزير الخارجية السابق وارن كريستوفر، الذي اختار غور لنائب الرئيس، رأس فريقه المكلف البحث عن شريك في الانتخابات. ويصبح تأثير ليبرمان واضحاً بعد مؤتمر الحزب الديموقراطي الذي يعقد في الفترة من 14 الى 17 الشهر الجاري، ويتوقع أن يساعد في تضييق الهوة بين غور وبوش.