يجب ان يتعامل العرب مع جوزف ليبرمان ويعاملونه على اساس افكاره وافعاله، لا دينه، بعد ان اختاره آل غور لمنصب نائب الرئيس معه ضد جورج بوش ودك ريتشارد تشيني. لم يشتهر آل غور بشيء في السياسة الخارجية عندما اختاره بيل كلينتون الى جانبه سوى انه يؤيد اسرائيل بشدة. وهو الآن المرشح المتوقع عن الديموقراطيين للرئاسة، وقد اختار الى جانبه نائباً للرئيس السناتور من كونتكت، وهذا يهودي، وأرثوذكسي ايضاً، فأصبح اول يهودي اميركي يرشح لمثل هذا المنصب. ليس مهماً ان المرشح لمنصب الرئيس يهودي او بوذي، فالمهم مواقفه السياسية، وهنا نجد ان ليبرمان: - ايد نقل السفارة الاميركية الى القدس، وعمل من اجله. - دعا العرب الى انهاء المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل، وكان بين اعضاء الكونغرس الذين وقعوا الرسائل لذلك، وضغطوا على الادارة لتضغط على الدول العربية. - طالب العرب باقامة علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل حتى وهي تحتل ارضهم وازيد عن نفسي ان اسرائيل كلها ارض فلسطينية محتلة. - كان بين اعضاء مجلس الشيوخ الذين هددوا بقطع المساعدات الاميركية عن السلطة الوطنية اذا اعلن ابو عمار الدولة الفلسطينية المستقلة من جانب واحد. واستطيع ان ازيد طلباً للموضوعية ان ليبرمان كان واحداً من ستة اعضاء في مجلس الشيوخ بعثوا برسالة الى رئيس الوزراء ايهود باراك في نيسان ابريل الماضي تطلب وقف صفقة بيع نظام رادار متقدم الى الصين، وانه عارض اطلاق الجاسوس جوناثان بولارد. غير ان هذين الموقفين من صفقة السلاح وبولارد اميركيان خالصان، اما مواقفه السابقة، من المقاطعة حتى قمة كامب ديفيد، فهي تصب كلها في خانة اسرائيل. جوزف ليبرمان يهودي ارثوذكسي يمتنع هو وزوجته هداسا عن اي عمل بين غروب الشمس الجمعة وغروبها السبت، وقد رفض في السابق ان يقوم بأي نشاط ضمن نطاق حملته الانتخابية السبت. وفي حين انه ولد لأبوين اميركيين، وكان ابوه هنري يملك متجراً للخمور في بلدة ستامفورد، بولاية كونتكت، فان زوجته هداسا، من تشيكوسلوفاكيا اصلاً، وقد وصلت الى الولاياتالمتحدة وهي صغيرة، بعد ان نجت اسرتها من المحرقة النازية، ولهما معاً بنت هي هانا وعمرها 12 سنة، كما لهما ابناء من زيجات سابقة. ليبرمان يتمتع بسمعة سياسية ناصعة في الولاياتالمتحدة، وعندما اختاره غور الى جانبه اختارت الصحف الاميركية كافة تقريباً ان تذكِّر القارئ انه كان اول ديموقراطي ينتقد كلينتون، علناً بعد فضيحة مونيكا لوينسكي. وهو في الثالث من ايلول سبتمبر 1998 رفع اصبعه في مجلس الشيوخ وقال ان تصرف كلينتون "معيب" و"غير اخلاقي"، وتحدث مطولاً عن واجبات الرئيس وكيف ان فضيحة مونيكا لوينسكي تؤذي قيم الاسرة التي يفترض ان يصونها الرئيس. هل يستغل الجمهوريون هذا الموقف وينشرون مثلاً اعلانات يظهر فيها ليبرمان وهو يقول ان تصرف كلينتون "معيب" و"غير اخلاقي"، والى جانبه غور وهو يقول ان كلينتون "من اعظم الرؤساء في تاريخ اميركا"؟ ليبرمان لم يصوت مع حزبه الديموقراطي في قضايا اساسية من نوع اصلاح التعليم والضمان الاجتماعي، ومع ذلك فالجدل الذي دار فور اعلان اختياره كان حول دينه لا مواقفه، وهل يفيد ذلك الديموقراطيين او يضرهم. اليهود الاميركيون في غالبيتهم العظمى يصوتون مع الديموقراطيين اصلاً، لذلك فاختيار ليبرمان لا يزيد كثيراً من تأييدهم للحزب، ولكنه قد يجعل ناخبين آخرين يتحفظون. وقد ينتهي هؤلاء بالتصويت لرالف نادر، مرشح الخضر. واليهود الاميركيون انفسهم منقسمون حول اختياره، فهم فخورون ان يهودياً اختير لثاني منصب في البلاد، الا ان بعضهم يخشى ان يؤدي التركيز عليه الى اذكاء مشاعر اللاسامية. ورحب قادة اليهود الاميركيين باختياره، وقال غاري روزنبلات، رئيس تحرير "جويش ويك" في نيويورك ان اختياره يعني ان النظام السياسي الاميركي بلغ سن الرشد. وكذلك فعل ايلي فيزنتال، الفائز بجائزة نوبل الذي رأى ان اختياره يفتح الطريق امام جميع الرجال والنساء من مختلف الاصول الاثنية. غير ان النزعات اللاسامية موجودة، وقد اثار اختيار ليبرمان 12 الف اتصال في اليوم الاول مع "اميركا اونلاين" على الانترنت، في مقابل الفي اتصال فقط بعد اختيار جورج بوش وزير الدفاع السابق تشيني الى جانبه. وبدا قرب نهاية النهار ان نصف الاتصالات له صبغة لا سامية. لو جرت الانتخابات غداً لفاز بوش وتشيني بالتأكيد، غير ان الانتخابات موعدها تشرين الثاني نوفمبر واشياء كثيرة ستتغير حتى ذلك التاريخ. وكان بوش استفاد من الوهج الاعلامي الذي رافق مؤتمر حزبه في فيلادلفيا الاسبوع الماضي، فاظهرت استطلاعات الرأي العام، هذا الاسبوع انه يتقدم على غور بنسبة 54 في المئة في مقابل 40 في المئة. البقية من دون رأي. ولا بد ان غور سيحسن وضعه بعد مؤتمر حزبه الديموقراطي الاسبوع المقبل. ويبقى ان نرى بعد ثلاثة اشهر ان كان لاختيار الجمهوريين تشيني نائباً للرئيس والديموقراطيين ليبرمان تأثير في الحملة الانتخابية ككل وفي نتائجها.