توجه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أمس الى نيويورك للمشاركة في الندوة السنوية ال53 للمنظمات غير الحكومية التي ستشارك فيها أكثر من ألف منظمة. وذكر بيان رسمي ان الرئيس بوتفليقة سيشارك، بعد انتهاء الندوة، في قمة ألفية منظمة الأممالمتحدة التي سيلتقي على هامشها الرئيس الايراني محمد خاتمي والرئيس الأميركي بيل كلينتون، وأن الزيارة ستستمر عشرة أيام كاملة. وفضل الرئيس الجزائري مغادرة البلاد من دون الرد على تساؤلات مختلف الأوساط السياسية والإعلامية وحتى صناع القرار في شأن التغييرات التي أجراها في الحكومة من دون استشارتهم ما جعلهم أمام مصير مجهول، خصوصاً في ضوء افتقادهم المبررات الحقيقية للتغييرات والتعيينات التي مست ثلاثة مناصب حساسة في الحكومة. والواقع ان التوافق التكتيكي الحاصل بين ضباط الجيش الجزائري والرئيس بوتفليقة اهتز كثيراً منذ مطلع الاسبوع لاعتبارات عدة أبرزها عدم استشارته ضباط المؤسسة العسكرية في تعيين كل من رئيس الحكومة الجديد ووزيري الخارجية والاتصال الإعلام والثقافة. وتؤكد أوساط مطلعة ل"الحياة" وجود حال من التململ في علاقة الفريق محمد العماري رئيس أركان الجيش وزملاءه مع رئيس الجمهورية وبرزت بوضوح أمس في مطار هواري بومدين، إذ برز الجو الفاتر في تبادل السلام بين الرجلين قبل مغادرة الرئيس بوتفليقة البلاد. وتتعلق الاختلافات بين الطرفين بملفات حساسة مثل تشكيل الحكومة الجديدة وتعديل الدستور نحو توسيع سلطات رئيس الجمهورية على حساب صلاحيات كل أجهزة ومؤسسات الدولة بما في ذلك وكالة الأنباء الرسمية التي أصبح تعيين مراسليها في الخارج من اختصاص الرئيس الجزائري. وبالنسبة لتعديل الدستور الجزائري، وبعدما كانت المؤسسة العسكرية تؤيد مثل هذا التعديل في جوانبه التقنية والاقتصادية، جاءت استقالة رئيس الحكومة السابق وما أعقبها من تطورات لتدفع صناع القرار الى إبداء مخاوف أكبر من إمكان وقوع انزلاقات نحو تأسيس نظام فردي يعقد من مهمة مراقبة الأجهزة لنشاط مختلف المؤسسات. والواقع كما تؤكد مصادر مطلعة فإن الرئيس بوتفليقة الذي شن حملة صاخبة على قادة المؤسسة العسكرية كون غالبيتهم "مافيا" يحتكرون التجارة الخارجية قد يجد نفسه مضطراً، خلال المرحلة المقبلة، الى مواجهة المتاعب التي ستجلبها له محاولاته المتنامية لفرض نظام سياسي جديد ذو سلطة رئاسية كاملة من دون الحاجة الى إجماع صناع القرار في المؤسسة العسكرية. وأثارت المصادر مخاوف من أن يكون الرئيس بوتفليقة قرر التخلي عن شركاءه من صناع القرار في خطوة للتفرد بالحكم وفق النظام الرئاسي الذي يعمل على وضعه منذ توليه الحكم قبل سنة وهو ما يبرر المخاوف التي يثيرونها من حين لآخر. ولاحظ أحد الكتاب في مقال افتتاحي، نشرته صحيفة "الخبر الاسبوعي"، أمس، ان ما حدث من تغييرات في الحكومة "هو مجرد فصل صغير من تمثيلية ساخرة تخفي وراء الستار الكثير من المفاجآت غير السارة، ومن الظلمة الدامية والمزيد من الصخب، العنف والجنون". ولفت الى أن خروج السيد أحمد بن بيتور من رئاسة الوزارة "ما هو إلا جانب من جوانب ضعف بوتفليقة.