الهاربون من جحيم الحرب القوقازية التي دخلت سنتها الثانية ليسوا في مأمن من الرصاص في كل أنحاء روسيا. وقتل أخيراً في ظروف غامضة رجل الاعمال المعروف جوزف سوسلانيكوف الذي كان رأس "رابطة شعوب القوقاز"، كما قتل أحد "جنرالات النفط" ضياء باجايف في حادث تحطم طائرة اثار تساؤلات. وغدت الاغتيالات ظاهرة مألوفة، حتى ان ضيوف مهرجان موسكو السينمائي الذي اختتم قبل ايام لاحظوا كثرة الحرس المرافقين للمسؤولين البارزين ولنجوم السينما والغناء. وصار القتل، خصوصاً بواسطة "مأجورين" يستخدمون تقنيات متقدمة، ويتكرر يومياً في روسيا، وشهد الشهر الماضي تزايداً ملحوظاً، فبات معدل هذه الجرائم 2 - 3 يومياً. وبعدما كانت رصاصات القناصة أو العبوات تترصد أصحاب المصارف، جعلت الأزمة المالية ايدي القتلة تتحول الى كبار الصناعيين. في مدينة يكاترينبورغ شمال الأورال قتل اوليغ بيلوفينكو المدير العام لمصانع "اورالماش" وهي من اكبر مجمعات الصناعة الثقيلة في أوروبا، بعدما اخترقت صدره سبع رصاصات. وفي اليوم ذاته اغتيل في مدينة سمولينسك غرب روسيا سيرغي كوليسنيكوف مدير معمل "ياخوس" الضخم لانتاج الكحول، وهذا رابع حادث يستهدف أقطاب هذا القطاع الذي يدر ارباحاً خيالية،مما يؤدي الى صراعات دموية بين عصابات المافيا التي تتنازع السيطرة عليه. واغتيل أخيراً ايليا فايسمان مدير "بلطيقا" اكبر معامل الجعة في سانت بطرسبورغ، وكان قتل مدير احد مصانع الجعة في مدينة أومسك السيبيرية لرفضه "اقتسام" الارباح مع المافيا. ولم ينج مسؤولو الشركات الحكومية والمختلطة من الرصاص. ففي الأسبوع الماضي عثر في احدى الغابات في ضواحي موسكو على جثة واحد من كبار أقطاب شركة الكهرباء الموحدة، التي تعد من أضخم المؤسسات وأغناها في روسيا. ولم يبق رجال الثقافة والصحافيون في منأى عن الخطر، اذ اغتيل بمسدس كاتم للصوت الاحد الماضي سيرغي ايسايف، عميد اكاديمية الفنون المسرحية التي خرّجت عدداً كبيراً من المسرحيين العرب. وينظر المحققون في احتمال ان يكون دافع الجريمة "مشاكل غرامية" أو اسباباً مالية. وفي مدينة نوفغورود وجد الأديب المعروف دميتري بالاشوف مذبوحاً، واعترف بارتكاب الجريمة... ابنه المدمن على المخدرات! واتهم الأمين العام لاتحاد الصحافيين الروس ايغور ياكوفينكو السلطات ب"التقاعس" عن حماية الاعلاميين الذين قتل منهم 118 شخصاً خلال السنوات السبع الأخيرة. وكأن آخر الضحايا ايغور دومنيكوف مراسل صحيفة "نوفايا غازيتا" الليبرالية، وسيرغي نوفيكوف مدير محطة التلفزيون المستقلة في سمولينسك. ولم تعد الشرطة تكترث كثيراً بجرائم قتل "روتينية" مثل اطلاق مزارع النار على لصوص سرقوا حقله، أو طعن سكير لنديمه بسكين اثر شجار تافه. لكن المحصلة المرعبة ان روسيا فقدت العام الماضي 32 ألف شخص بسبب جرائم القتل.