لم يعد يفصل اللبنانيين عن موعد الجولة الأولى من الانتخابات النيابية سوى أربعة أيام، ستكون حافلة بتحركات كثيفة للمرشحين في دوائر الشمال وجبل لبنان، وبمواقف لحث الناخبين على الاقتراع لهم. وكان الملاحظ أمس، خلافاً للأيام السابقة، تراجع حدة الحملات المتبادلة. وأكد رئيس الجمهورية اميل لحود أمس "ان التنافس الانتخابي ينبغي ان يسهم في صون الوحدة الوطنية التي تمكن لبنان بفضلها من تحرير أرضه والتي تشكل ضماناً لمواصلة النهوض بالبلاد". وقال امام زواره "ان كرامة لبنان هي الأساس وان كل حسابات الربح والخسارة في الانتخابات تسقط عندما يكون الخاسر الأكبر هو الوطن، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم في هذا الاطار". وفي إطار التحضيرات الادارية والقضائية، ترأس امس وزير العدل جوزف شاول اجتماعاً للقضاة رؤساء لجان القيد واعضائها في محافظتي الشمال وجبل لبنان، وبحث المجتمعون في آلية العمل والمهمات الموكلة الى رؤساء لجان القيد. واستكمالاً للتحقيق الذي تقرر اجراؤه بناء على كتاب وزير الداخلية ميشال المر في شأن "الفلتان الاعلامي" وجه النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم كتاباً الى وزير الاعلام انور الخليل تمنى فيه عليه تزويده المعلومات المتوافرة عن البرامج الانتخابية التي بثت في وسائل الاعلام المرئي والمسموع والتي تضمنت تجاوزات لأحكام القوانين المرعية الاجراء، وقد نتجت عنها حملات تضليل للناخب اللبناني من جهة، واساءة الى مرشحين بهدف تعويم منافسين لهم في الانتخابات. وطلب الافادة هل تقاضت وسائل الاعلام المذكورة مبالغ مالية من اجل عرض هذا النوع من البرامج في سبيل تحسين اوضاع بعض المرشحين على حساب منافسين لهم؟ وسأل "هل يمكن اعتبار البرامج الانتخابية التي عرضت بمثابة اعلان انتخابي محظور وفقاً لما هو منصوص عليه في قانون الانتخاب والقوانين الاخرى المرعية الاجراء؟". وطلب الافادة "هل يمكن في حال ثبوت عرض برامج انتخابية من النوع المذكور تحديد وسائل الاعلام التي قامت ببث هذه البرامج تمهيداً لاتخاذ التدابير القانونية المناسبة؟". وجدد البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير أمله في "أن تأتي الانتخابات معبرة عن رأي الشعب فتترك له الحرية في اختيار ممثليه". واعتبر ان "اللوائح المعلبة والضغوط والوعود والتهديد والمال لا تمكن الناس من ابداء رأيهم في هذا أو ذاك من المرشحين، ونحن نطمح الى ان تكون الديموقراطية في لبنان ديموقراطية صحيحة لا شبه ديموقراطية". ورحب صفير امام وفد من "المؤتمر الشعبي اللبناني" بعودة رئيسه كمال شاتيلا، "اذا تمت ونحن نتمنى ان تتم". وأمل "أن يعود جميع اللبنانيين الى وطنهم ويلتفوا حوله لكي يقوم". وقال المرشح الى الانتخابات النيابية اميل اميل لحود نجل رئيس الجمهورية، بعد لقائه صفير: "عندما تقرر تشكيل لائحة في المتن الشمالي وتسميتها ب"الوفاق المتني" كان لدينا اقتناع أن على كل انسان يريد الخوض في السياسة في لبنان ان يكون لديه هذا التوجه". ووجه النائب نسيب لحود ومرشحو "لائحة الحرية" في المتن الشمالي استدعاءً رسمياً الى وزارة الداخلية يطلبون فيه تزويدهم قائمة بأسماء الناخبين في القضاء الذين حصلوا على بطاقات انتخابية والذين يحق لهم بالتالي الاشتراك في الاقتراع. وأكد الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب "تحالفهما الانتخابي في الشوف وعاليه وبعبدا وكل المناطق. وشددا في بيان مشترك بعد اجتماع عقد بين وفدين منهما في بعقلين أمس، على "تطور العلاقة بينهما في اطار الحوار والتفاعل الوطني الديموقراطي والعمل المشترك في مواجهة كل مَن يحاول اللعب على الأوتار الطائفية والمناطقية من اجل غايات انتخابية وشخصية مفضوحة". وأكدا ان "مستقبل لبنان السيد المستقل، يرتكز الى الحوار والعيش الوطني والنظام الديموقراطي الحقيقي". وندد "التقدمي" ب"ممارسات السلطة السلبية"، بما يعني انها "دفنت نزاهة الانتخابات"، ورأى "ان الإعلام الرسمي لم يعد يكتفي بالانحياز بل انتقل الى الترويج المفضوح لمرشحي السلطة، فيما وزارة الداخلية تنظم لعبة التدخل والانحياز، وترى ان الامن يكون مستقراً عندما ترافق السيارات العسكرية الرسمية بعض المرشحين الذين اعترف احدهم بذلك من دون خجل، كأنها هي نفسها تريد استفزاز الناس وتعكير الامن لتعرقل حركة الناخبين، وتؤثر في النتائج، فضلاً عن اللعبة المكشوفة التي اقدمت عليها الوزارة عندما انتقت عدداً من رؤساء الاقلام للمتن الشمالي، من موظفي الدفاع المدني والكهرباء والبريد في الشوف الذين افرغت المراكز منهم، لحرمانهم حقهم الانتخابي". وفي دوائر بيروتوالجنوب والبقاع التي ستجرى الانتخابات فيها الأحد 3 أيلول سبتمبر المقبل، لم تختلف الصورة عنها في الشمال وجبل لبنان. وقال وزير السياحة ارتور نظريان المرشح عن المقعد الأرمني في بيروت على لائحة الرئيس سليم الحص، بعد لقائه المفتي عبدالأمير قبلان، ان "التمثيل ثانوي لكن المهم ان تكون الوحدة الوطنية في كل لائحة". وانتقد المرشحان على لائحة الحريري النائب السابق محمد قباني وناصر قنديل، تجييش الاعلام وتزخيمه بالحملات والاستغلال غير المشروع لتلفزيون لبنان. ورأت النائبة بهية الحريري ان "هناك محاولة للعبث بأمن صيدا تحت شعارات مختلفة"، داعية الى "الحذر والتنبه". واعتبرت "ان هناك اشباحاً تدير حملة شرسة لا تمت الى الاخلاق ولا الى القيم بصلة عنوانها فقط تهشيم مشروع رفيق الحريري وصورته"، مستغربة "تنكر رئيس الحكومة الحص للتلفزيون الرسمي وتنصل وزير الاعلام الخليل منه". واعتبر رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب مصطفى سعد أن "تفشي ظاهرة تعليق صور المرشحين على الطرق العامة والشوارع والأرصفة بلغ حداً تجاوز المألوف والعادي في أساليب الدعاية الانتخابية بعيداً من أي ضوابط موضوعية". وأعلن أهالي بلدة كفرشوبا في العرقوب جنوبلبنان مقاطعتهم الانتخابات. وقالوا ان بلدتهم شهدت عشرة مرشحين أغدقوا الوعود بتنميتها ودفع التعويضات المستحقة لهم، ولكن الى اليوم لم يروا شيئاً. ونفى نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني مرشحه في الجنوب سعدالله مزرعاني أي علاقة بقرار اعلان "لائحة الخيار الديموقراطي" في مؤتمر صحافي في استراحة مدينة صيدا اليوم، في ما يعني ان التحالف مع النائب السابق حبيب صادق بات صعباً. وكان صادق أكد ل"الحياة" ان قيادة الحزب الشيوعي تراجعت عن اتفاق عقده معها الاسبوع الماضي، ينص على بندين: اعتبار مزرعاني المرشح الوحيد عن الحزب في الجنوب، وعدم الاعتراض على ترشيح احمد مراد عضو المجلس الوطني في الحزب على لائحة الخيار الديموقراطي ليس بصفته الحزبية وانما كواحد من الوجوه الديموقراطية في الجنوب. ولفت الى ان مراد وافق بناء على طلب قيادة الحزب على ان يضع انسحابه او ترشحه، في يد المجلس الوطني للحزب. وقال: إن لا صحة لما تردد انه سيخوض المعركة منفرداً، مؤكداً انه ماض في التزامه مع عدد من الاصدقاء لخوض المعركة في لائحة واحدة. وقال صادق ان قيادة الحزب تراجعت عن الاتفاق، بعد اجتماع للمكتب السياسي، علماً ان مزرعاني اكد ل"الحياة" انه لم يكن هناك اتفاق، وان صادق طرح افكاراً نقلت الى المكتب السياسي الذي عارض ترشح مراد. واوضح صادق انه اعترض على ترشح رئيس الاتحاد العمالي العام الياس ابو رزق على لائحة الخيار الديموقراطي. وعزا السبب الى ان لديه ملاحظات على ادائه وسلوكه على رأس قيادة الاتحاد، اذ "انه تخلى عنا وبالتالي لا يجوز ان نقدم اليه مكافأة في الموافقة على ترشحه". عون وفي المواقف، حمّل العماد ميشال عون سورية "المسؤولية عن تشويه الديموقراطية في لبنان وتزويرها، منذ اتفاق الطائف". وانتقد "السجالات بين ركاب البوسطة السورية، مع غياب الفريق المعارض، الأمر الذي يزيد في الفوضى واليأس ويعطي الديموقراطية صورة كاريكاتورية، ويمهد لالغائها شكلاً بعدما الغيت جوهراً". وقال: "ربما كان لهذا التدهور حسنة، اذ بدد الوهم الذي احاط بالعلاقات الشقيقة، وبدأ البعض يتحسس اماكن الخلل التي أوصلت لبنان الى قعر الهاوية". وختم "ان المؤسسات اللبنانية اليوم تشبه القاطرة المتدهورة، لا تستطيع العودة الى مسلكها بقواها الذاتية، وتتعذر مساعدتها من داخلها المقيد بسلاسل الارتهان، ووحده الحوار من خارجها ينقذها".