أخذت المنافسة على الدعاية الانتخابية وتفاعلاتها، والاتهامات الموجهة الى الدولة وأجهزتها بالتدخل، وردود الفعل عليها، تحتل حيزاً يساوي النشاط الانتخابي في لبنان، ويشغل تصريحات المرشحين ويكاد يلهيهم احياناً عن متابعة حملات الترويج والزيارات التي عليهم القيام بها في الموسم الانتخابي، فضلاً عن ان هذه التفاعلات باتت تفرض على كبار المسؤولين التعليق عليها. وأمس اضطر رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص الى التأكيد مجدداً ان "قرار الحكومة هو عدم التدخل في الانتخابات النيابية"، وأنها "تحرص على ان تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة وديموقراطية". واستمرت تفاعلات الكتاب الذي وجهه نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر الى النيابة العامة التمييزية طالباً فيه اتخاذ تدابير قضائية ضد المؤسسات الاعلامية لممارستها الدعاية الانتخابية بحجة ان المادة ال68 من قانون الانتخاب تحظر عليها تعاطي الاعلان الانتخابي من تاريخ دعوة الهيئات الانتخابية... وقد تسلم عضوم الكتاب أمس وعكف على درسه تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب وتحديد صلاحية المرجع المختص لفرض العقوبات في حال وجود مخالفات. واذ انتقد نواب وسياسيون كتاب المر لتجاوزه وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع، عقد ممثلو المؤسسات المرئية والمسموعة عصر أمس اجتماعاً بدعوة من المجلس الوطني للبحث في الموقف من هذه القضية. وطرأ جديد على صعيد الحملات الاعلامية هذه، باعلان المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ان القانونيين لديه باشروا اعداد اجراءات دعوى أمام المراجع القضائية "ضد كل محرض وناشر ومروّج" لمقال نشرته مجلة "المشاهد السياسي" الصادرة في لندن شنت فيه حملة على رئيس الحكومة السابق متهمة اياه "بشراء الأصوات... وشراء السلطة". وكانت "الوكالة الوطنية للاعلام" و"تلفزيون لبنان" والاذاعة اللبنانية، وهي مؤسسات رسمية أذاعت هذا المقال، مشيرة الى أن المجلة تصدر عن هيئة الاذاعة البريطانية، فيما أكدت الأخيرة ان "لا مسؤولية لها عن المجلة". وتصاعدت الحملة المتبادلة بين النائب نسيب لحود والوزير المر، فأصدر مكتب الأول بياناً جديداً أمس أشار فيه الى "فصول الحرب القذرة التي تشن ضد المواطنين المتنيين المتمسكين بحريتهم في وجه كل الضغوط التي تمارسها السلطة وأجهزتها". وأضاف: "بعد نزع ملصقات النائب لحود عن اللوحات الاعلانية التجارية بحجج واهية ومتناقضة سقطت الواحدة تلو الأخرى، تم الانتقال الى الاعتداء السافر والمباشر على الأملاك الخاصة للمواطنين الذين رفعوا صور النائب لحود وملصقاته على شرفاتهم أو جدران منازلهم". وتحدث عن "وسائل اجرامية متنوعة، كإضرام النار في الملصقات في بلدة الرابية الأسبوع الماضي أو كقذف هذه الملصقات والمنازل والسيارات المرفوعة عليها بكميات من الزيت المحروق في بلدة الدوّار ليل الأحد - الاثنين". واضاف "ان هذه الاعتداءات وقبلها التصريحات الهستيرية للوزير المر، تضاف الى سجل الأخير، في ازدراء القانون وتسخير السلطة للمصالح الشخصية والسياسية والانتخابية، تعكس حال الذعر التي بدأت تنتابه". واتهم نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني سعد الله مزرعاني، المرشح عن دائرة الجنوب بعض وسائل الاعلام "باعتماد منحى فئوي استفزازي لمصلحة مرشحين معينين وضد مرشحين آخرين وتعتمد في احيان كثيرة لغة مبتذلة تتعارض مع آداب السياسة واخلاق التنوع والاختلاف". واعترض على كتاب وزير الداخلية الى النيابة العامة التمييزية، معتبراً ان المجلس الوطني هو المرجع المختص. وطالب المجلس الوطني بضبط وسائل الاعلام والزامها اعطاء الفرص المتساوية لكل الفئات والتيارات. على صعيد المواقف الانتخابية، أعلن المر مساء أول من أمس في خطاب له أثناء حضوره اجتماعاً للماكينة الانتخابية للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يتحالف مع مرشحه في المتن الشمالي النائب غسان الأشقر على اللائحة نفسها، ان "تحالفنا استراتيجي وستكون النتائج باهرة عند الفوز". وطمأن المر، الأشقر الى أن أصوات الوطنيين مثلكم هي التي تفتش عن المرشحين وأن سواعدكم أيها القوميون هي التي ستساعد رئيس الجمهورية الذي جاء لينقذ البلد والخط الوطني في هذا البلد" وقال: "الناخب سيختار بين نهج أدى بالبلاد الى الدمار والطائفية والمذهبية ونهج أقفل ملف الحرب بدعم من سورية". واعتبر ان "هناك مرشحين في الحكم مثلي وفي السلطة التشريعية مثل غسان الأشقر يعملون بطريقة هادئة، وهناك مرشحون هدفهم هدم مسيرة الانقاذ ويذكرون بأن هناك فلاناً في السجن علينا ان نعفي عنه لجذب الأصوات واللعب على الغرائز". ونفى اتهامات النائب لحود له من دون ان يسميه بأنه ضغط على المخاتير ورؤساء البلديات. ورد على انتقادات ساقها ضده النائب رشيد الخازن، نافياً تدخله في تشكيل لوائح كسروان. وسأل الأشقر: "من هم هؤلاء المعارضون الذين يبشروننا بأنهم سيبنون لبنان؟ أهم أصحاب السلطة والمال أم الذين شتتوا الناس وداسوا كرامتهم أم الذين يزورون بعضهم بعضاً اليوم". وامتدح الرئيس اميل لحود لأنه "يتقن لغة العز" وأضاف: "هذه الأفاعي التي خرجت من حجورها سنعيدها اليها وسنقتل الحية قبل ان تفرّخ". وأكد أننا لائحة متكاملة لا نريد ان تلعب بها العواطف ولا نريدها على اسم أحد... ومن صارعنا وصادمنا في الماضي لم يعد موجوداً لنخبركم ماذا اصابه" وأشار الى ان "المنفرد الشيخ" قاصداً بيار أمين الجميل سيتبادل الأصوات مع اللائحة الأخرى. وفي المتن الشمالي ايضاً، أعلن الدكتور ألبير مخيبر "لائحة لبنان" التي تضمه والمحامي حنا الشدياق لتخوض الانتخابات على أساس نهج مخيبر وخطابه السياسي. وسيعقد مخيبر وزميله في اللائحة لقاء صحافياً في وقت قريب يعلنان فيه برنامجها والركائز الآتية: الجلاء والسيادة والقرار الحر والمصالحة الوطنية الشاملة والديموقراطية والحريات. وقال المرشح المحامي ابراهيم كنعان انه أبلغ مخيبر "ان الظروف السياسية لا تسمح بالاستمرار في التحالف الانتخابي معه، مع تأكيدي التحالف السياسي معه وارتباطي الوثيق بالنهج والخطاب السياسي المعلن القائم على السيادة والقرار الرقم 520". وأعلن المهندس هنري صفير اللائحة الرابعة في كسروان من منزل الرئيس فؤاد شهاب. وضمت اليه الأمير عبدالله شهاب والدكتور شربل عازار والمحامي انطوان خيرالله وأبقى مقعداً شاغراً عن كسروان. أما عن جبيل فضمت النائب السابق ميشال خوري والعقيد ميشال كرم والدكتور محمد علي حيدر. ونقل وفد من الكتائبيين المعارضين ضم الفرد ماضي وجورج كساب وعادل صقر وخليل باسيل وجورج العلم الى البطريرك الماروني قراراً بالمشاركة في الانتخابات النيابية. ودعا جميع المحازبين الى "تكثيف مشاركتهم". وقال ماضي: "نحن كمجموعة تمثل شريحة معينة على الساحة الوطنية والمسيحية والقواتية بنينا قرارنا بالمشاركة على قواعد واضحة ومحددة وهي تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة باصدار قانون عفو عام للعفو عن الدكتور سمير جعجع والسيادة واستقلال القرار الوطني الحر وبسط سيادة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية واطلاق حرية العمل السياسي لجميع اللبنانيين والأحزاب وخصوصاً اعادة الترخيص لحزب القوات اللبنانية". وفي الشمال أكد المرشح القومي عبدالناصر رعد عن المقعد السني في الدائرة الأولى ترشحه، على رغم استمرار ترشح رفيقه في الحزب الوزير السابق حسن عزالدين عن المقعد السني في عكار. وزار رئيس "حركة 24 تشرين" عبدالرحمن المقدم البطريرك الماروني وأعلن انه بحث معه في ما يحصل من "تدخلات سافرة وممارسات وضغوط وتهديدات وفرض لوائح معلبة ورشوة ولعب على الأوتار الطائفية..." وفي بيروت أعلن المرشح النائب حسين اليتيم أمس انسحابه من المعركة بعد لقاء بدعوة من رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين حضره رئيس المجلس النيابي نبيه بري والشيخ عبدالامير قبلان، وبناء على تمني المجتمعين.