انطفأ آخر بصيص أمل في وجود بحّارة أحياء على متن الغواصة "كورسك"، وأعلنت قيادة الاسطول مقتل 118 ضابطاً وبحاراً ، وبدأ خصوم الرئيس فلاديمير بوتين حملة واسعة لاستغلال الحادث سياسياً واتهموا القيادة ب"العجز". وبعد مرور عشرة ايام على غرق الغواصة النووية في بحر بارنتس تمكّن غواصو الأعماق النروجيون من تحقيق مع عجز عنه الروس طوال الايام الماضية، اذ فتحوا الغطاء الأعلى لمخرج الطوارئ في القسم التاسع تتألف الغواصة من عشرة أقسام يبدأ تعدادها من المقدمة ثم تمكّنوا من رفع الغطاء الواقع في اسفل "المعبر" الذي يصل الى عمق الغواصة. وتأكد لهم ان المياه غطّت كل اجزاء "كورسك" مما يقضي على أي أمل بوجود بحارة أحياء. وأعلن قائد قوات شمال النروج ايفار سكورغن انه وقائد اسطول الشمال الروسي فيالاتشيسلاف بوبوف اتفقا على ان "عمليات الانقاذ لم يعد لها جدوى". وذكر ان الغواصين النروجيين سيعتبرون مهمتهم منتهية بعد ان تُنجز كاميرا تعمل اوتوماتيكياً تصوير الاجزاء المغمورة بالماء في الغواصة. الا ان قيادة الاسطول الروسي اعلنت ان عمليات الانقاذ ستستمر، ونقلت وكالة "انترفاكس" عن مصدر رفيع المستوى في سلاح البحرية ان هذه العمليات لن تتوقف "ما لم يتأكد لنا ان المياه غمرت فعلاً كل المرافق". وأوضح خبير في شؤون الغواصات ان هناك املاً ضئيلاً بوجود "جيوب هوائية" لكن غالبية الخبراء أجمعوا على ان مثل هذه الجيوب "ضرب من خيال". في وقت لاحق أعلن الاميرال بوبوف انه "لم يبق أحياء" على متن الغواصة. ونقلت "وكالة الانباء العسكرية" غير الرسمية عن مصادر في وزارة الدفاع ان الرئيس بوتين كان أبلغ منذ اللحظات الاولى ان بحارة الغواصة المنكوبة لقوا مصرعهم الا ان الكرملين "أخفى الحقيقة أملاً في العثور ولو على شخص واحد حي". ويرى المراقبون ان بث مثل هذا النبأ يأتي في سياق حملة واسعة يشنها خصوم الرئيس الروسي مستثمرين حادث الغواصة وضعف ادائه اثناء التعامل معه. وعقد بوتين سلسلة اجتماعات مع رئيس الوزراء ميخائيل كاسيانوف واركان الحكومة لدرس الخطوات اللاحقة، ومن بينها امكان "تعويم" الغواصة. وذكر نائب رئيس الوزراء ايليا كليبانوف ان روسيا لا تملك المعدات اللازمة لرفع "كورسك" التي يبلغ وزنها 18 ألف طن ترتفع الى 24 ألفاً حينما تكون مغمورة بالمياه من الداخل. وأضاف ان موسكو ستقدم مشروعاً دولياً تشارك فيه جهات عدة لرفع الغواصة من القاع. ويرى المحللون ان بوتين ومساعديه درسوا ايضاً سبل مواجهة الانتقادات المتزايدة التي توجه الى السلطة التنفيذية ورئيسها. فقد اعلن رجل الاعمال بوريس بيريزوفسكي الذي استقال من البرلمان ليشكل حركة معارضة لبوتين انه جمع اكثر من مليون دولار لمساعدة عائلات البحّارة القتلى، في حين ان الحكومة خصصت 500 ألف روبل 18 ألف دولار في البداية. وأعلن بوتين امس تخصيص مليون روبل آخر 36 الف دولار لمثل هذه المساعدات. وأكد بيريزوفسكي أن بوتين "نسي انه انسان … واتخذ قراراته من دون قلب". ودعت كتلة "اتحاد قوى اليمين" التي تُعدّ موالية للغرب وكتلة "بابلوكو" القريبة منها الى تشكيل لجنة برلمانية خاصة للتحقيق في "حجم الكارثة" وتشخيص المسؤولين عنها بمن فيهم رئيس الدولة. وأكد رئيس مجلس الدوما النواب غينادي سيليزنيوف ان 90 في المئة من ابناء الشعب "يعانون من صدمة ويريدون معرفة الحقيقة كاملة"، وانتقد التلكؤ في قبول المساعدة الاجنبية، لكنه حاول إبعاد سهام الانتقاد عن بوتين، مؤكداً ان قيادة القوات البحرية لم تقدّم له معلومات كافية. ومن جانبه ذكر زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف ان الحرب الشيشانية وتفجير ألغام في موسكو وغرق الغواصة هي "سلسلة كوارث تُظهر عجز القيادة" وتخلق في روسيا حالة من عدم الثقة بالدولة شبيهة بالحالة التي كانت قائمة في الاتحاد السوفياتي عشية انهياره. واثار الاعلان ا ف ب عن وفاة جميع البحارة، امس، تساؤلات عن مصير حطام الغواصة التي كانت من اهم غواصات اسطول الشمال، وطرح خياري القيام بعملية ضخمة لتعويم الحطام او وضعها تحت الحماية لتجنب حصول اي تسرب اشعاعي. واعلن الناطق باسم اسطول الشمال فلاديمير نافروتسكي في مؤتمر صحافي في مورمانسك ان انتشال الجثث من الغواصة سيستغرق "شهرا على الاقل". وتحدث الاميرال فلاديمير كورويدوف رئيس هيئة اركان البحرية الروسية عن مشروع تعويم يتمثل برفع الغواصة التي تزن في حال الغرق 24 الف طن ويبلغ طولها 155 متراً بواسطة كابلات مرتبطة بطوافات يبلغ وزن كل منها مئات الاطنان او بواسطة بالونات هوائية عملاقة. ويمكن ايضاً رفع كورسك القابعة منذ 12 اب اغسطس الجاري على عمق 108 امتار الى عمق يراوح بين 30 و 50 متراً للتمكن من سحبها الى سطح المياه. وكلف مكتب روبين للدراسات الذي صمم الغواصة في سان بطرسبورغ وضع خطة التعويم.