حسمت الحكومة اخيراً الجدل القائم حول زيادة في رواتب العاملين في الدولة وقيمة هذه الزيادة. واقرت "زيادة معقولة تحقق توازناً مقبولاً من دون ان ترافقها زيادة في الاسعار ما امكن ذلك"، مع الاخذ في الاعتبار ان الاجور لم يطرأ عليها أي تغيير منذ عام 1994 وان نسبة الحاصلين على اجور تعادل اقل من 100 دولار اميركي شهرياً تبلغ 52 في المئة من القوى العاملة. وكان موضوع زيادة الرواتب والاجور للعاملين في الدولة الذين يشكلون مع عائلاتهم نحو 40 في المئة من عدد السكان قفز اخيراً الى رأس سلم أولويات اهتمامات المواطنين والحكومة على حد سواء خصوصاً مع تشكيل حكومة الدكتور محمد مصطفى ميرو والتغييرات التي شهدتها البلاد أخيراً. وبعد مضي اكثر من خمسة اشهر على بداية عمل الوزارة وعدم لحظ اي زيادة في الرواتب ظهر الكثير من الاشاعات حول حقيقة وجود زيادة وقيمتها وما إذا كانت ستتجاوز 200 في المئة كما اقترح احد الوزراء "لتحقق نوعاً من المستوى المعاشي المطلوب للمواطنين" ام ستقتصر على زيادة معقولة 35 في المئة مع ثبات في الاسعار. وذكرت مصادر رسمية ان اللجنة الاقتصادية برئاسة ميرو درست أخيراً "تسريع وتائر عملية التنمية بما يسهم في تحسين المستوى المعاشي للمواطنين من خلال تنشيط العمل بالمشاريع الاستثمارية والتنموية التي تضمنتها موازنة السنة الجارية ومن خلال الاعلان عن تنفيذ مشاريع جديدة لامتصاص البطالة إذا تم رصد خمسين بليون ليرة اضافة الى الاعتمادات الواردة في الموازنة". واعلنت المصادر ان اللجنة "درست الخطوات التي اتخذت في اطار تنفيذ توجيهات الرئيس بشار الاسد لاعداد الدراسة اللازمة لزيادة الرواتب والاجور للعاملين في الدولة ضمن السياق العام لعمليات الاصلاح الاقتصادي والضريبي للاجور لتكون الزيادة جزء من عملية اصلاح الاجور تستكمل لاحقاً لتحقيق التوازن بين الدخل والانفاق لجميع العاملين في الدولة ولجميع المواطنين ضمن الامكانات المتاحة والموارد اللازمة لتغطيتها". وحسب احدى الدراسات فان القيمة الشرائية للاجور تراجعت بمقدار 12 في المئة سنوياً منذ آخر زيادة شهدتها والتي مضت عليها ستة اعوام. واوضح احد الخبراء ان 80 في المئة من السكان يحصلون على دخل اقل بكثير من دخل شريحة لا يتجاوز عددها 10 في المئة، أي ان دخل الفرد من هذه الشريحة يعادل دخل عشرة الاف مواطن من الشرائح الأخرى. وخصصت اذاعة دمشق تعليقها السياسي للمرة الاولى للحديث عن موضع زيادة الرواتب والاجور بعدما اثارت الندوة التلفزيونية التي استضافت وزراء الاقتصاد والمال والتخطيط لغطاً حول هذا الموضوع. وقال التعليق "ان زيادة الرواتب باتت الهم الشاغل للحكومة وانه بقدر ما تبدو مسألة زيادة الرواتب والاجور ضرورة قصوى بقدر ما تبدو الوسائل والسبل المناسبة لتحقيق هذه الزيادة اكثر ضرورة لجهة الحرص على تحقيق هذه الزيادة من دون قفزة في الاسعار تمتص هذه الزيادة من دون قفزة في الاسعار تمتص هذه الزيادة وتسهم في زيادة نسب التضخم وتأكل سعر صرف الليرة". واشار التعليق الى ان "اي زيادة ستكون في اطار استراتيجية دائمة تراعي التوازن بين الدخل والانفاق وهي بذلك ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح من دون اي انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني والمواطن وهي خطوة ستتبعها خطوات خاصة". وقال ان "التفاؤل هو سيد الساحة ما دامت الخطوات ستتوالى ضمن استراتيجية دائمة وشاملة ترى في تحسين وضع المواطن المعاشي هدفاً دائماً سيتعزز مع الخطوات الواثقة لتحسين الوضع العام للاقتصاد الوطني وتحقيق تنمية شاملة بوتائر متسارعة". يشار الى ان الحد الادنى للاجور في البلاد يبلغ نحو 2500 ليرة وحد الاعالة هو 4,1 شخص اي نصيب الفرد الواحد من الحد الادنى للاجر هو 600 ليرة ما يعني ان نحو 40 في المئة من حد الفقر المتعارف عليه دولياً وفي حال عمل اثنين في الاسرة يكون 1200 ليرة وهو لا يغطي بعد خط الفقر والمتعارف عليه دولياً بحدود 1500 ليرة. وفي العودة الى حساب تكاليف المعيشة التي اقرها مؤتمر الابداع والاعتماد على الذات عام 1987 نجد ان وسطي السعرات الحرارية اللازمة لحياة الفرد 2400 حريرة يومياً. وفي سورية فان كلفة تلك السعيرات للفرد تعادل في حدها الادنى 49.5 ليرة سورية اي ان انفاق اسرة مؤلفة من 4.1 شخص على الطعام يتطلب شهريا نحو 6200 ليرة ولاسرة من ستة اشخاص 9000 ليرة سورية وهذا الحد الادنى للانفاق على الطعام هو حد الفقر فيما ان الحد الادنى للاجر القائم حالياً وفي حال عمل شخصين في الاسرة يوفر نحو 5000 ليرة سورية. وتقول الاحصاءات ان الحد الادنى الضروري للحياة 8580 ليرة شهرياً وهذا الدخل يساوي الحد الادنى لتكاليف الحياة في البلاد اليوم.