أخرجت حمى الانتخابات النيابية رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود عن صمته فوجّه دعوة الى جميع المرشحين "من أجل التحلي بروح المسؤولية لكي لا تتحول الحملات الانتخابية حملات على الوطن". وأكد لحود أمام نقيب المحررين ملحم كرم "حرصه على أن تكون الانتخابات وافية لمطالب اللبنانيين وأمانيهم لأن اللبنانيين يستحقون مجلساً يليق بطموحاتهم". وكان تبادل الحملات الإعلامية، خصوصاً بين رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص والإعلام الرسمي من جهة، ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والإعلام التابع له، بلغ درجة عالية من التوتر، تبعه تبادل الحملات في شكل غير مألوف في منطقة جبيل إثر اشتباكات بين عناصر المرشحين المتنافسين إميل نوفل وناظم الخوري. وعلمت "الحياة" أن الجانب السوري، بعدما أبلغ بعض القيادات اللبنانية عدم ارتياحه الى تصاعد الحملات على هذا الشكل، عاد فأكد استياءه الشديد من تماديها. وظهر أمس أصدر المكتب الاعلامي للحريري بياناً اتهم فيه الإعلام الرسمي بشن حملة عليه من خلال الوكالة الوطنية للإعلام والإذاعة وتلفزيون لبنان "في محاولة فاشلة لاستدراجه الى سجال عقيم يتنافى في لغته ومضمونه مع القيم الأخلاقية والتقاليد الديموقراطية". وأعلن البيان أن الحريري "لن يهبط في خطابه السياسي الى مستوى المهاترات الكلامية التي تسيء الى سمعة لبنان". وأشار الى حرصه "على أن تبقى المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وقاعدة لمواقفه السياسية تقتضي الترفع عن المهاترات". وأكد أن "الحملة عليه لن تغير من اقتناعه بأن الرد الحقيقي من خلال صناديق الاقتراع". وكان الحريري أعلن خلال أحد لقاءاته الانتخابية: "كثيرون يطلبون مني الرد على ما تنشره وسائل الإعلام الرسمي وأنا أقول لكم إن الجواب سيقوله أهالي بيروت وسيقولون لا لكل ما يقال وينشر من افتراءات". وقال أثناء لقاءاته الانتخابية الحاشدة في بيروت: "هناك معركة انتخابية في الدوائر الثلاث وكل ما يقال إن الانتخابات معلبة هدفه ثنيكم عن الاقتراع". واعتبر في لقاء في محلة المنارة "أنها أهم انتخابات في تاريخ لبنان الحديث لأنها ستحدد مصيرنا جميعاً ومصير البلد عموماً". وجدد مواقفه من رفض تقسيم بيروت، داعياً البيروتيين الى النزول بكثافة الى صناديق الاقتراع. وأكد أن المرشحين على "لائحة الكرامة" سينجحون كلهم. وأعلن بعد ظهر أمس انضمام مسؤول "الجماعة الإسلامية" عبدالله بابتي الى "لائحة التضامن والإنماء" برئاسة الوزيرين سليمان فرنجية ونجيب ميقاتي، مرشحاً سنياً خامساً فيها. وجاء هذا التطور بعد إعلان انفراط التحالف بين "الجماعة" ورئيس الحكومة السابق عمر كرامي. بري والحماسة وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في افتتاح مجمع تربوي في الجنوب "يقال ان المعركة محسومة، والحقيقة هناك ما يشبه التراخي ولا حماسة. لأن المطلوب كان ان نتقاتل بعد اندحار اسرائيل، نحن الممثلين في كتلة التحرير والتنمية من مختلف عائلات الجنوب واحزابه، حتى يسعد هؤلاء الناس، انهم يجمعون صفوفهم، ونحن نقول ليس من معركة وربما هناك معركة. وانا اقول لكم هناك معركة"، واضاف: "ان ابناء الكفر ملّة واحدة، عليكم ان تعتبروا ان القصة على اصوات، علينا خوض المعركة على هذا الاساس لأن التنمية لم يؤمنها نبيه بري او حزب او حركة، انما الوحدة والتضامن والكتلة الواحدة القوية وكلمة الجنوب التي قالت نعم للتحرير فتحقق. علينا اذاً ان نرفع مشاركتنا في الاستحقاق الوطني، وان انحيازكم الى لائحة المقاومة والتنمية هو اختيار للمستقبل ورفض بقاء الجنوب مكسر عصا ومكاناً محكوماً بالخوف والقلق على المصير". وانتقد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان حلول التراشق الإعلامي والسجالات السياسية العقيمة محل الخطاب الوطني الجامع والمفقود. واستنكر رمي التهم هنا وهناك "من دون ضوابط سياسية أو وطنية أو أي التزام للقواعد الانتخابية المطلوبة". ووصف السيد محمد حسين فضل الله الحال كمن "لا يزال يعيش في دوامة الوحل السياسي حيث تختفي الحياة السياسية النظيفة لمصلحة التحالفات التي لا تأخذ المبادئ في الاعتبار والتي تقف فوق الاعتبارات القيمية لمصلحة الاعتبارات الشخصية والمصلحية". وقال: "إن هذه الموت السياسي الذي يتشكل في استمرار في المشاهد السياسية اليومية وفي الممارسات التي لا تمت الى الأخلاقية السياسية بصلة، لا يبشر بمستقبل سياسي واعد يُقبل عليه البلد بل يبشر بالمزيد من الاندحار السياسي وعلى كل المستويات". ونقل مرشحو "التوافق الأرمني" ومرشحو الأرمن في "لائحة الكرامة" عن كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس في بيت كيليكيا آرام الأول كيشيشيان إشادته بالأجواء الإيجابية التي رافقت عملية اختيار المرشحين الأرمن. وشدد على "أهمية التوافق والانسجام بين أبناء الطائفة الأرمنية". وأكد أنه "على مسافة واحدة من جميع الأطراف". وعن موقفه من الأعمال التي سجلت بين صفوف الأرمن ومنها إلقاء قنبلة على جمعية "أرارات الرياضية"، قال رئيس حزب الرامغافار آغوب قصارجيان نقلاً عن كيشيشيان إنه استنكر كل "هذه الأعمال وأراد أن يكون الجو ديموقراطياً تسوده الروح الرياضية". ورأى النائب بشارة مرهج في حوار فكري سياسي في جمعية الإرشاد والإصلاح "أن فوز المعارضة الحالية في الانتخابات، إذا حصل، سيؤدي الى إعادة وضع القاطرة على السكة الصحيحة، إذ إن خفض الضرائب والرسوم وزيادة الرأسمال الاستثماري وتسهيل أعمال رجال الأعمال، ستخرج البلاد من حال الركود". وفي حديث إلى إذاعة "صوت الشعب" قال النائب نسيب لحود رداً على حديث وزير الداخلية ميشال المر عن إسقاطه: "هذا كلام وإن صدر عن وزير داخلية أو مرشح، هو من مستوى متدنٍ يعكس المستوى المتدني للأخلاق السياسية التي يتمتع بها وزير الداخلية. هذا النوع من الخطاب والممارسة السياسية مرفوض من جميع اللبنانيين، فلا ميشال المر يستطيع أن يُربيني ولا أكبر من ميشال المر يستطيع أن يفعل. هناك واحد يربيني فقط هو الشعب اللبناني". وأبدى لحود ثقته بربح المعركة الانتخابية، معتبراً أن "الضغوط فقاقيع صابون، ولا يملك الوزير المر بعد الانتخابات أي مكان لينفذ التهديدات التي يتوعد بها". وعن سبب فرط تحالفه مع الدكتور البير مخيبر، قال لحود أن الأخير "هو الذي يتحمل "مسؤولية انقسام لائحة المعارضة وعدم اكتمالها، وهذا يخدم تماماً مخطط السلطة ومخطط الوزير المر". وعن علاقته الآن بالرئيس الحريري قال: "كانت في كل مرحلة متوترة لكنها لم تخرج عن الاحترام والموضوعية". ووضع النائب راجي أبي حيدر البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير في أسباب عدم ترشحه الى الانتخابات قائلاً: "السبب هو فك حلفي مع المر الذي قرر التحالف مع الدكتور مخيبر"، معرباً عن أسفه لتدني الخطاب السياسي. ووجه النائب غسان الأشقر الحزب السوري القومي الاجتماعي نداء الى الناخبين قال فيه: "إننا نحتاج الى أصحاب العقول المعرفية لا الى وارثي العائلات التي قادت لبنان الى شفير التهلكة، ولا الى أصحاب المحميات المالية والصيد الانعزالي". وجال المرشحون على لائحة "الشوف للجميع" برئاسة المحامي ناجي البستاني على عدد من البلدات، واستهجن البستاني "تدني مستوى الخطاب السياسي لدى بعض الذين يتحركون وفق مصالح انتخابية آنية وضيقة". وزاروا الأمير طلال أرسلان الذي أكد "أن الحظ سيحالفنا وسيعود الشوف يؤدي دوره الرائد لطي صفحة الابتزاز للمهجرين"، مؤكداً أن "العيش المشترك أكبر من الأشخاص والزعامات والطوائف". ورفض الوزير السابق إدمون رزق "الانتخابات الملطخة بالمال والمال الملطخ بالابتزاز والارتهان". وأعلن أنه لن يترشح ولن يشارك في الاقتراع مع ترك حرية الاقتراع للناخبين شرط ألا يقترعوا نكاية أو انفعالاً. وأعلن العميد الركن المتقاعد بول فارس ترشحه الى الانتخابات منفرداً عن كسروان - الفتوح تحت شعار "لا للاحتلال السوري للبنان". وقال: "نحن تحت الاحتلال ولا يوجد من يعترض على ذلك إلا نادراً، بل إن الساحة خالية للمستفيدين وقد سيطروا على وسائل الإعلام وأجهزة الدولة". وعزف الدكتور عبدالرحمن البزري عن الترشح في دائرة الجنوب، وأورد جملة ملاحظات على العملية الانتخابية، في مقدمها قانون الانتخاب الذي فصل من دون المساواة بين المناطق، مشيراً الى "أن الانتخابات ولّدت الإحباط لدى الكثيرين من اللبنانيين وأشعرت الصيداويين أن قرارهم انتزع وتأثيرهم في اختيار ممثلهم انعدم". كذلك عزف عن الترشح المحامي نورالدين نورالدين بسبب النشاز المتمادي الذي ولد قهراً في تأليف اللوائح مقترحاً التمديد للمجلس النيابي الحالي سنة. وانتهت منتصف ليل أول من أمس مهلة تقديم تصاريح الترشح الى الانتخابات في دوائر بيروت والجنوب والبقاع بعدما كانت انتهت مهلة سحب الترشيحات في دوائر جبل لبنان والشمال.