لا يكاد يخلو شارع تجاري في مصر من محل يرفع شعار "قسم خاص للمحجبات" أو "لك يا أختي المحجبة" أو "أناقة المحجبات مسؤوليتنا"، وهي ظاهرة بدأت تنتشر في مصر قبل نحو عشرة أعوام، وتحديداً منذ انتشر ارتداء الحجاب. وإذا كانت الظاهرة ترتبط بعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية عدة اشبعها المحللون بحثاً، إلا أنها كانت باب استفادة لمئات المستثمرين وكبار التجار وصغارهم. ففتحت مصانع مخحصصة لتفصيل ملابس المحجبات الحديثة منها والتقليدية، وفتح باب استيراد "الايشاربات" الملونة على مصراعيه. ولما ثبت أنها تجارة مضمونة الربح، زادت نسبة التخصص فيها، حتى أضحت هناك محلات لا تبيع سوى قطع الاكسسوار الخاصة بالمحجبات، مثل مشابك الإيشاربات، وقطع الزينة التي توضع على الرأس من أشرطة ملونة وغيرها. كما خصصت مصانع الجوارب خطوط انتاج خاصة بالمحجبات، وتتلخص مواصفاتها في أن تكون سميكة وذات ألوان قاتمة غير ملفتة للنظر. وتحاول مصانع عدة منافسة البضائع المستوردة فتبشر إعلاناتها "أختي المحجبة" بأن مشاكلها مع الإيشارب المصنوع من ألياف صناعية انتهت بمنتجها الجديد من الإيشاربات المصنوعة من القطن الخالص. كذلك قرر العاملون في مجال مستحضرات التجميل والكريمات ألا تفوتهم الفرصة من دون الانتفاع، فأعلنوا عن تركيبات خاصة لتقوية شعر المحجبات ومنعه من التساقط نتيجة عدم تعرضه للهواء والشمس. إلا أن الصيحة الأكثر ابتكاراً، والتي بزغت على استحياء قبل سنوات كانت مايوهات البحر الخاصة بالمحجبات، وهي ذات أكمام وأرجل طويلة ملتصقة على الجسم مع تنورة قصيرة تغطي منطقة الوسط، وتلاقي تلك المايوهات إقبالاً كبيراً من جانب المحجبات الميسورات ، نظراًَ الى ثمنها الباهظ. وتتردد الفئة نفسها من المحجبات على نحو خمس محلات في القاهرة مملوكة لفنانات مصريات معتزلات، تخصصن في بيع ملابس لمحجبات مسايرة لأحدث خطوط وألوان الموضة ولكن بمقاييس مختلفة. ولعل مصففي الشعر كانوا أول من تنبه الى ضرورة التغيير "لمواكبة روح العصر"، فلا يخلو محل "كوافير" من قسم خاص للمحجبات جميع العاملات فيه من النساء، ولحقت بهم مراكز التجميل والتخسيس الراغبة في اقتسام الكعكة، فخصصت أماكن للمحجبات الباحثات عن الرشاقة والجمال تحت الملابس الفضفاضة.