غادر لاعب كرة القدم الأردني بدران شقران مدينة صفاقس وناديها المحلي بمشاعر ممزوجة بالإحباط والحسرة اثر فشله في تقديم ما بحثت عنه ادارة الصفاقسي عندما تعاقدت معه مطلع الموسم الماضي. والواقع، ان بدران وزوجته الروسية الأصل تمتعا بأجواء المدينة الرائعة وبالمرقة الصفاقسية أكلة محلية من الأسماك اكثر مما امتع اللاعب جماهير فريقه. والنتيجة ان احد أفضل الهدافين الآسيويين رحل من دون ان يترك اثراً في ذاكرة الصفاقسية الذين راهنوا عليه من أجل تعزيز هجومهم وقدراتهم التهديفية. المدرب الحالي للصفاقسي خالد بن يحيى، وهو من أفضل الشباب التونسي تدريباً وأخلاقاً، أثنى على القدرات البدنية والفنية للاعب الأردني طويلاً من دون ان يتحول كلامه الذي تشابه كثيراً مع موضوعات الانشاء العربي الى فعل على ارض الملعب. وفي بداية دوري هذا الموسم شهدت تونس أغلى صفقة انتقال محلية، فقد انتدب النجم الساحلي اللاعب الليبي طارق التايب من النادي الصفاقسي بنصف مليون دينار وكان الصفاقسي دفع في التايب لنادي المحلة الليبي 30 ألف دينار فقط. وقد اختير التايب في الموسم الماضي كأحد أفضل اللاعبين الأجانب في تونس لابداعاته المتميزة وقدرته على التهديف وصغر سنه حيث لم يتجاوز بعد ال 22 عاماً. لكن التايب كان مستعداً لدفع مليون دينار ليرحل عن صفاقس، فالاختلاف في الأمزجة والتنافس الحاد بين هذا اللاعب القادم من الجماهيرية واسكندر السويح ابن المدينة المدلل جعلا التعايش بينهما مسألة مستحيلة. وتعتبر مدينة صفاقس الرئة الاقتصادية لتونس وعاصمة المال والأعمال، ويعرف أهلها بنجاحاتهم العلمية وقدرتهم الجيدة على التفاعل مع المتغيرات، لكن يعاب عليهم انكماشهم على الذات وحساسيتهم المفرطة تجاه الآخرين. ويعشق الصفاقسية ناديهم الى حد النخاع، واذا كان حمادي العقربي اسطورة المدينة في عقد الثمانينات واسكندر السويح نجمها المدلل في التسعينات أطاحا رؤساء عدة للنادي، فان رغبة الصفاقسية في التتويج والابداع بمقدرات ابنائه ونجومه جعلت من الصعب ابداع الاجانب في ظل هذه الاجواء وصارت عقدة اللاعب العربي مضاعفة لانه لا يفهم جيداً هذه الخصوصية وهو الذي يتكلم مثلهم بلسان عربي ولا يجد صعوبة في الاندماج في البيئة المحلية. وان لم يتمكن طارق التايب من اثبات ذاته مع ناديه الجديد النجم الساحلي لبروز نوع من "النرجسية" لديه بعد صفقة "القرن" في تونس ولسقوطه في الفخ الذي نصبه له لاعبو الترجي ما كلفه الابتعاد عن الملاعب لأكثر من 4 أسابيع، فإن مجموعة من اللاعبين العرب بقيت في ذاكرة التوانسة حيث ابدع هؤلاء وخصوصاً مع النادي الافريقي وكان نجاحهم متميزاً امثال اللاعب الجزائري فيصل مغارياً الذي توج بلقب أفضل الهدافين في تونس في نهاية التسعينات، وابن بلده المدافع الرزقي عمروش الذي استبسل في الذود عن شباك الافريقي في المواسم الأخيرة حتى لُقب بالمجاهد. كما يزال جمهور الافريقي يتأسف على رحيل اللاعب المغربي عبدالجليل حدة "كماتشو" الذي انتقل الى خيخون الاسباني بعد ان اذاق الترجي، الخصم التقليدي، للافريقي الأمرين. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه... لماذا فشل الاردني شقران والليبي التايب على رغم قدراتهما الكبيرة في اسعاد جماهير الصفاقسي والنجم الساحلي في حين نجح في ذلك مغارياً وعمروش وكماتشو مع الافريقي؟ ربما يعود ذلك لانفتاح الافريقي على الجماهير العريضة في البلاد وانكفاء الصفاقسي والنجم الساحلي على خصوصية صفاقس وسوسة.