"الى سيادة الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية. سيدي، اسمح لي أن أهنئك بالرئاسة الأولى، وأيضاً بكلمات وردت في بيانك، حقاً واعدة احترام الرأي الآخر - ترجيح وجهة نظر الدولة على وجهة نظر الزعامة... وبالاجراءات التي اتخذتها ونُفِّذت: إلغاء اللافتات، منع المسيرات، إغلاق المضافات. إنها بداية لدرب طويل إذا سلكناه يمكن أن ننتقل تدريجياً من البداوة والحكم العشائري الى حكم القانون وبداية الدخول في القرن الواحد والعشرين. لقد كفانا يا سيدي من الكلام الفضفاض: مكاسب الشعب، انجازات الشعب، ارادة الشعب. الشعب غائب يا سيدي منذ زمن طويل. إرادته مشلولة تقوم اليوم على تحقيق هدفين: الأول وعلى الصعيد الخاص، أن يعمل ليلاً ونهاراً كي يضمن قوت أولاده. الثاني وعلى الصعيد العام، أن يقول ما يُطلب منه قوله، وأن يتبنى السلوك الذي يُطلب منه: مسيرات، هتافات.... إن الذي يعصم هذا الشعب من الدمار، هو أنه يتعايش مع هذا الوضع المتردّي تعايُش المريض مع مرض مزمن. ربما بدأ هذا الشعب يشعر بوجوده في أواسط الأربعينات، بعد نضال طويل ضد الأجنبي. ولكن سرعان ما توالت الانقلابات العسكرية، فلم يعد أمامه سوى العودة الى قوقعته بانتظار الأوامر... الوضع العام، وباختصار يا سيدي: انهيار عام، سياسي واقتصادي وأيضاً ثقافي وانساني. ربما كانت سورية في السبعينات بعد نكبة 1967، وبعد انهيار البُنى العشائرية، بحاجة الى حكم قوي يَلُمُّ شتات البشر. لكنّا اليوم صرنا كما قلت سيادتك، في القرن الواحد والعشرين. إن الشعب بحاجة، بادئ ذي بدء، أن تعود اليه ثقته بنفسه وبحكومته - والاثنان واحد - وهذا ليس بالأمر السهل، فقد يحتاج الى سنوات من أخذ الرأي الآخر بالاعتبار، كما قلت، ومن ثمّ يتحول تدريجياً من وضع الرعية الى وضع المواطنة. أتمنى لك يا سيدي التوفيق في السير على درب محفوفة بالمزالق من كل الأنواع. وتفضل بقبول فائق احترامي". * مفكر سوري. وقد وصف نفسه في الرسالة بأنه "موظف متقاعد ومتعاقد مع وزارة الثقافة - مديرية التأليف والترجمة".