دمشق، بغداد - "الحياة"، ا ف ب - عاد القطار العراقي الى الموصل مساء أمس بعد قيامه بأول رحلة إلى سورية منذ نحو عشرين سنة، واكتملت بذلك شبكة السكك الحديد التي تربط سورية بمحيطها الاقليمي. وسيكون العراقيون والسوريون على موعد اسبوعي لاستخدام خط الموصل - حلب الذي يتوقف مرات في مدن الجزيرة السورية، بعد خروجه من المدينةالعراقية في رحلة لمسافة 520 كيلومتراً. وكانت بغداد ا ف ب اكدت انطلاق اول قطار من العراق اول من امس باتجاه سورية معلناً بذلك بدء استئناف رحلات السكة الحديد بين البلدين المتوقفة منذ 1981. وغادر القطار الموصل 400 كلم شمال بغداد في الساعة السادسة من مساء الجمعة متوجهاً الى حلب السورية 350 كلم شمال دمشق في حضور وزير النقل والمواصلات العراقي احمد مرتضى. ويمر القطار عبر محور القامشلي الحسكة ودير الزور والرقة الذي يبلغ طوله 520 كلم، ويضم عربات مبردة مع شاحنة بضائع. ونقلت وكالة الانباء العراقية عن الوزير العراقي قوله "أننا نأمل بتسيير قطار ثان عن طريق القائم عكاشات في العراق حيث اكملنا الاستعدادات للتسيير وننتظر استكمال الجانب السوري لخط السكة من جانبه". وكانت الشركة العامة للسكك الحديد العراقية اعلنت في الاول من آب اغسطس ان خط الموصل - حلب سيقوم في مرحلة اولى بتسيير رحلة اسبوعية واحدة ذهاباً واياباً. وقال مديرها العام غسان عبدالرزاق ان سعر التذكرة للشخص الواحد سيكون عشرة آلاف دينار 5 دولارات. وكان تم بناء خط السكة الحديد الذي يربط الموصل بحلب في العام 1940، وعلق العمل بهذا الخط الذي كان "يسير بمعدل رحلتين اسبوعياً" بين المدينتين في 1981 اثر قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين بسبب دعم دمشق لطهران اثناء الحرب العراقية - الايرانية 1980-1988. وتكمن أهمية تشغيل هذا الخط في مدى تأثيره في العلاقات الاجتماعية بين الناس على جانبي الحدود، باعتبار ان السفر بالقطار أكثر شيوعاً لرخصه وسهولة التنقل به عبر الحدود. لكن الأهم أنه يأتي في سياق توجه سوري عام بتشغيل خطوط الحديد مع الدول المجاورة، في اطار الانفتاح السياسي على الجوار الاقليمي. وأصبح اطلاق القطارات الى الدول المجاورة مرآة تعكس مدى تطور العلاقات، علماً أن خطاً مشابهاً دشن العام الماضي مع الأردن، كما تم تشغيل خط دمشق - اسطنبول، وهناك دراسة لاطلاق خط إلى إيران وآخر إلى لبنان. ويُفهم المغزى في سياق خطوات انتهجتها الحكومة السورية في السنوات الأخيرة بتحسين العلاقات مع الجوار، وازالة التوتر مع هذه الدول. وكان ذلك عنواناً لمداخلة مطولة قدمها وزير الخارجية فاروق الشرع في المؤتمر القطري التاسع لحزب "البعث" الحاكم، والذي عقد في حزيران يونيو الماضي. وقال المدير العام ل"الخطوط الحديد السورية" السيد آياد غزال ان "مذكرة تفاهم" وقعت اخيراً مع "الخطوط الحديد الايرانية" لتسيير خط ركاب بمعدل رحلة اسبوعياً بين دمشق وطهران، مروراً بالأراضي التركية. وأشار خبراء آخرون إلى وجود دراسة لربط دمشق بمدينة خورمشهر الإيرانية عبر الأراضي العراقية، وأكدوا ان تنفيذ الخطة ينتظر تشغيل الخط بين البصرةوالمدينة الايرانية. ويُعتقد بوجود بعد سياسي وراء هذه "الخطوط" الحديد، ففي مقابل "استراتيجية" العلاقات بين دمشق وطهران، "تتطور تدريجياً" علاقات سورية مع العراق، و"تنمو بحذر" مع تركيا و"تتعزز" مع الأردن و"تتصلب اخوياً" مع لبنان، بحيث يترجم ذلك بتشغيل خط تلكلخ - طرابلس.