فقد الجيش الروسي عشرة من أبرز جنرالاته اعفاهم الرئيس فلاديمير بوتين في خطوة قد تكون بداية حملة "تطهير" واسعة بسبب الخلاف بين وزير الدفاع ورئيس الأركان، بالإضافة إلى أنها تعبر عن استياء الكرملين من اخفاق الجنرالات في إنهاء الحرب القوقازية التي تدخل بعد أيام سنتها الثانية. وأكد الديوان الرئاسي أن مراسيم تسريح الجنرالات قد صدرت، لكنه شدد على أن عدداً منهم احيل إلى المعاش بسبب "عامل السن"، وان آخرين سرّحوا بناء على طلبهم. ومن بين المسرّحين المدير العام لتسليح الجيش الروسي أناتولي ستينوف وقائد قوات المدفعية والصواريخ نيكولاي كارادلوف وقائد الدفاع الجوي للقوات البرية بوريس دوخوف وآمر الدائرة الاعلامية لوزارة الدفاع الجنرال أناتولي شاتالوف. ويجمع المراقبون على أن المناقلات بين كبار الجنرالات هي نتيجة مباشرة للصراع بين وزير الدفاع ايغور سيرغييف ورئيس هيئة الأركان العامة أناتولي كفاشتين. فقد طالب الأخير بتقليص القوات الصاروخية الاستراتيجية واستخدام الأموال الفائضة للانفاق على ما يسمى بالوحدات العامة، فيما اعتبر الوزير مثل هذه الخطوة "جريمة" وهدد بالاستقالة في حال قبول الكرملين خطة رئيس الأركان. وكان مقرراً ان يحسم الصراع في اجتماع لمجلس الأمن القومي يوم 27 تموز يوليو، إلا أنه ارجئ إلى وقت لاحق من شهر آب اغسطس. وأشار المحللون إلى أن الرئيس بوتين لم يخف استياءه لأن الصراع بين أكبر قائدين عسكريين انتقل إلى صفحات الجرائد. وذكرت صحف موسكو ان بوتين قد يمهد لتعيين وزير دفاع مدني. من جهة أخرى، فإن الكرملين لا يبدو مرتاحاً لسير العمليات الحربية التي بدأت ضد الشيشانيين الذين احتلوا مناطق في جمهورية داغستان في مطلع آب من العام الماضي. وبعد انتقال العمليات إلى الأراضي الشيشانية، وعد الجنرالات بانهائها في غضون فترة قصيرة قالوا في البداية إنها لا تتجاوز الأسابيع ثم تعهدوا بأن الأمور ستستتب قبل انقضاء عام 1999، وحددوا لاحقاً مواعيد أخرى ولم يفوا بأي من وعودهم. واتخذت القيادة العسكرية الفيديرالية اجراءات احترازية خوفاً من عمليات انتقامية تجري هذا الأسبوع لمناسبة مرور سنة على بدء الحرب الثانية، ولمناسبة الذكرى الرابعة ل"يوم الثأر"، وهو اليوم الذي استعاد فيه الشيشانيون غروزني عام 1996. واغلقت العاصمة الشيشانية جزئياً ومنع دخول الشاحنات إليها ولم يسمح بدخولها إلا لمن سجلوا سابقاً للإقامة في المدينة. إلا أن الدائرة الإعلامية للرئيس الشيشاني أصلان مسخادوف أكدت أمس أنها لا تخطط لعمليات واسعة النطاق تكرس ل"مناسبات". وذكرت ان المقاتلين يقومون بواجباتهم وفق مخططات مدروسة. وأشار موقع "صوت القوقاز" على الانترنت، إلى أن معارك ضارية جرت الليلة الماضية في غروزني وقتل فيها زهاء 30 من عناصر القوات الروسية. ومن جانبه، أعلن مكتب سيرغي ياسترجيمبسكي الناطق الرسمي باسم رئيس الدولة للشؤون الشيشانية ان المعارك جرت بين فصيلين شيشانيين وليس مع القوات الفيديرالية. وأضاف ان الوحدات الخاصة تمكنت من قتل عمر باشايف الذي وصف بأنه مساعد مسخادوف للشؤون المالية، وقد كذب مكتب الرئيس الشيشاني النبأ، وذكر ان مسخادوف لم يكن له مساعد يحمل هذا الاسم. وذكر قائد قوات المظليين غيورغي شباك ان مسخادوف نفسه كان اصيب ب"جروح خطيرة" قبل أكثر من شهر أثناء عملية خاصة في الجبال. إلا أن المراقبين لفتوا الانتباه إلى أن الرئيس الشيشاني كان ظهر قبل أقل من شهر في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في واحد من مقراته. واعترف الجنرال شباك بأن الشياشنيين ارغموا القوات الروسية على تغيير التكتيك بعد ان عمدوا إلى اتباع أساليب جديدة، ومنها تشكيل فرق سريعة الحركة تستخدم سيارات "الجيب" والخيول. إلا أن الجنرال هدد بأن المقاتلين "لن يخرجوا أحياء" من الحرب الحالية.