} أدت ثورة الانترنت والاتصالات التكنولوجية الجديدة، في وقت قصير، الى خلط الأوراق بقوة في مجالات الاستثمار ونقل اهتمام المستثمرين من الشركات المنتمية الى ما أصبح يعرف ب"الاقتصاد القديم" الى شركات الاقتصاد الجديد. وحصل هذا التحول على شكل فورات غير مدروسة أثرت في استقرار أسواق الأسهم في نيويورك والعالم على حد سواء. في هذا السياق ركز إنفستكورب الذي يعمل في حقل الاستثمار المباشر بالشركات في السوقين الأميركية والأوروبية على هذا التحول السريع باتجاه شركات الاقتصاد الجديد واستثمر في شركات عدة في كلا السوقين. وتميز إنفستكورب دوماً باستباق الاتجاهات الحاصلة في السوق كما تميز بالقيام بذلك مع مراعاة جانب الحيطة والمحافظة على مجموعة من الثوابت والمقاييس في عمله وفي نوع الاستثمارات التي يدخلها، فكيف يرى إنفستكورب التغييرات السريعة الحاصلة في الاقتصاد العالمي، وكيف يقيم إنفستكورب بروز قطاعات الاقتصاد الجديد وما تثيره من تحديات في وجه الشركات القائمة وبعضها شركات تملكها مجموعة إنفستكورب؟ وما هي استراتيجية المجموعة تجاه الاقتصاد الجديد والاستثمار في شركاته؟ هذه بعض الأسئلة التي أثرناها مع سلمان عباسي، مدير إنفستكورب البحرين وعضو لجنة الإدارة التنفيذية في المجموعة، فكان هذا الحوار: كيف ترون في إنفستكورب الفرص التي يوفرها الاقتصاد الجديد؟ - هناك الكثير من الفرص المتوافرة الآن في قطاع الاقتصاد الجديد. ونعني بذلك فرص الاستثمار في الشركات التي تأتي الى السوق بمنتجات وخدمات جديدة تعتمد في وجودها على التقنيات الرقمية وتكنولوجيا الاتصالات والانترنت. ليس مصادفة لذلك أننا نتحرك بقوة منذ 18 شهراً في هذا القطاع، وقد استثمر إنفستكورب وعملاؤه من المستثمرين في تلك الفترة في سلسلة من العمليات في قطاعي التكنولوجيا والاتصالات. وقامت استراتيجية إنفستكورب على التقدم بقوة وثقة في هذا القطاع لكن بعد التمحيص الكافي والدراسة المستفيضة لكل عملية، فنحن في النهاية مستثمر حذر ونضع في صدارة اعتباراتنا مصلحة المستثمرين والمساهمين على حد سواء. ما هي أول عملية دخلتم بها الى قطاع الاقتصاد الجديد؟ - بدأ إنفستكورب الاستثمار في قطاع التكنولوجيا في بداية العام 1999 عندما قام بتملك شركة "ستراتوس كمبيوتر". في ذلك الوقت كانت هناك حماسة كبيرة لشركات الاقتصاد الجديد مثل شركات التجارة الالكترونية التي استهدفت انشاء العلاقة المباشرة مع العملاء واستغلال الامكانات التي توفرها شبكة الانترنت العالمية لتقديم منتجاتها وخدماتها للمستهلكين. وسمي هذا القطاع لذلك Business-to-consumer أو B2C، إلا أن إنفستكورب لم يجار موجة "الdot com" إذا صح التعبير، واعتبر أن التركيز على هذا النوع من الاستثمارات السريعة التقلب إنما يحرف الانتباه عن الفرص الهائلة للاستثمار الطويل الأجل في شركات الاتصالات والتكنولوجيا التي توفر البنى التحتية لاقتصاد الانترنت ذاته. من هنا فإن أول استثمار لإنفستكورب في قطاع التكنولوجيا كان في إحدى شركات البنى التحتية للاقتصاد الجديد، "ستراتوس كمبيوتر"، وهذه الشركة تعتبر مزوداً رئيسياً بمشغلات انظمة الكمبيوتر Servers المصممة لخدمة التطبيقات الحساسة التي لا يمكن السماح بتعرضها للأعطال المفاجئة مثل أنظمة الدفع بالبطاقات. لقد كان إنفستكورب واثقاً من ان الطلب على هذا النوع من المشغلات المحصنة ضد الأعطال سيزداد بسرعة مع اتجاه الشركات وقطاعات الأعمال الى المزيد من الاعتماد على الخدمات الالكترونية الفورية على الشبكةon-line ، وهذه الخدمات تصبح حساسة جداً لأي أعطال مفاجئة قد تصيب ولو بالتوقيف الموقت خدماتها للعملاء. وبالفعل فإن التطورات أثبتت صحة وجهة نظر إنفستكورب إذ أن الطلب على منتجات "ستراتوس كمبيوتر" يشهد نمواً كبيراً. بعد ذلك قمنا بتملك حصة الأكثرية في شركة "إندبندنت وايرلس وان" Independent Wireless One IWO التي تتمتع بالحق الحصري لتسويق خدمات الهاتف اللاسلكي لشركة سبرنت Sprint في الشطر الشمالي الشرقي من الولاياتالمتحدة، والذي يتمتع سكانه بمستوى معيشي مرتفع ويمثلون بالتالي سوقاً استراتيجية. وتقوم خدمة شركة IWO على تمكين العملاء من الشركات والأفراد من الاتصال الدائم بالانترنت بواسطة تقنيات الاتصال الرقمية للهاتف الجوال اللاسلكي. ويسرني القول أن المستثمرين أدركوا بعد النظر في استراتيجية إنفستكورب، وأقبلوا على شراء الحصص التي عرضناها في الشركتين بحماسة كبيرة. لكن هذا القطاع معقد ويتطلب خبرة طويلة وعالية في مجالات التكنولوجيا والاتصالات، وهناك المئات من الشركات المستهدفة بعمليات الاستثمار. فكيف يقرر إنفستكورب الاستثمار في هذه الشركة وليس في تلك ووفق أي معطيات؟ - هذا صحيح ولهذا قمنا ببساطة باستحداث قطاع عمل جديد هدفه الوحيد الاستثمار في التكنولوجيا. وركزنا هذا القطاع على أسس متينة تتمثل بفريق متفرغ من أفضل الخبراء في هذا المجال. وهذا الفريق أناط إنفستكورب به مسؤولية اتخاذ القرارات من خلال تنسيق ذلك مع مختصين وفنيين آخرين في إنفستكورب ومتابعة استثماراته كافة في قطاع التكنولوجيا والاتصالات والانترنت على النطاق العالمي. ومن خلال هذا القدر الكبير من التركيز والتناول الشديد التخصصي للموضوع استطعنا أن نضمن امتلاك المعرفة والخبرة اللازمتين لتقييم وإدارة هذا النوع من الاستثمارات وتقدير حجم المخاطرة وحجم المردود المتوقع في أي منها. ويتولى عضو لجنة الادارة التنفيذية في إنفستكورب سافيو تاتغ قيادة فريق الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، ويدعمه في ذلك خمسة من كبار المهنيين في هذا الحقل وعدد من المسؤولين التنفيذيين في مكاتبنا في لندنونيويورك. ويستخدم هذا الفريق خبرته الواسعة لتزويد عملائنا بأفضل فرص الاستثمار سواء في الشركات القائمة في قطاعات التكنولوجيا والاتصالات والانترنت أم في شركات الاقتصاد الجديد عندما تكون هذه في مرحلة مبكرة من نموها وتطورها. بالاضافة الى ذلك، فإن انفستكورب، سعياً منه لتدعيم فريقه المشرف على استثماراته التكنولوجية، قام في المدة الأخيرة بعقد شراكة مع "شركة 212 للاستثمارات" وهي شركة للاستثمار المشارك Venture Capital تأسست أخيراً في مدينة نيويورك. واستهدف إنفستكورب من تلك الشراكة الحصول على المساندة الخبيرة لهذه الشركة في عمليات تقييم واختيار استثماراته في قطاع التكنولوجيا ثم تولي تطويرها وإدارتها. إذ ان الشركاء المؤسسين ل"شركة 212 للاستثمارات" يمتلكون في ما بينهم خبرة كبيرة ومتنوعة في حقل إطلاق شركات الاقتصاد الجديد او الاستثمار فيها أو إدارتها. هل ساعدتكم هذه الخبرة في توسيع اهتمام إنفستكورب بفرص الاستثمار في شركات الاقتصاد الجديد؟ - لقد أصبحنا نشطين للغاية في هذا الحقل. وفي الأشهر الستة الأخيرة فقط استثمرنا في أربع شركات تحتل مواقع طليعية في مجال تطبيقات أنظمة الاتصالات الحديثة. وهذه الشركات هي: "كالاهان جرمان كيبل" Callahan German Cable، و"كالاهان برودباند" Callahan Broadband، وشركة "تليباسيفيك تليكوميونيكيشنز" Telepacific Telecommunications وأخيراً شركة "أسبكتيف" Aspective. وعلى نطاق أصغر، قام إنفستكورب أيضاً بسلسلة من عمليات الاستثمار في عدد من شركات الاقتصاد الجديد الحديثة العهد من حيث نموها وتطورها. ما هي شركات الاتصالات التي اخترتم الاستثمار فيها وعلى أي أساس؟ - قمنا بالاستثمار في شركتي "كالاهان جرمان كيبل" و"كالاهان برودباند" في شهر شباط فبراير 2000 كمشاركين في مجموعتين لمستثمرين ماليين تقودهما شركة "كالاهان أسوشياتس"Callahan Associates وهي شركة اميركية متخصصة في الاستثمار الدولي في قطاع الاتصالات. و"كالاهان جرمان كيبل" هي شركة اتصالات بالكابلات التي تستخدم القنوات العريضة وتمتلك حالياً حصة الأكثرية في خدمة الاتصال بالكيبل التابعة لدويتشه تلكوم في منطقة نورث راينه وستفاليا المزدهرة والغنية في ألمانيا. أما "كالاهان برودباند" فهي شركة لخدمات الاتصالات الدولية العريضة عبر الشبكات الثابتة، وهي تمتلك تراخيص للعمل في سويسرا وفنلندا والفيليبين. وفي نيسان ابريل قمنا باستثمار 125 مليون دولار في شركة "تليباسيفيك تليكوميونيكيشنز" وهي إحدى أبرز شركات الاتصالات المتكاملة Integrated Communication Provider ICP العاملة في غرب الولاياتالمتحدة الأميركية. ويطلق اسم شركة الاتصالات المتكاملة ICP على تلك الشركات المتخصصة في تقديم خدمات الاتصالات المتكاملة من مصدر واحد لعملائها، بما في ذلك المكالمات المحلية والدولية وخدمات نقل البيانات والربط بالانترنت. وفي أيار مايو قمنا باستثمار 57 مليون دولار في شركة "أسبكتيف" Aspective وهي إحدى الشركات الرئيسية المزودة بتطبيقات البرامج على الانترنت Application Service Provider ASP. وتتولى الشركة "تأجير" عملائها عبر الأنترنت تطبيقات البرامج التي يحتاجون اليها في أعمالهم ثم إدارة هذه التطبيقات. كما تتولى عن بعد استضافة التطبيقات الجاهزة التي تختارها لعرضها على مستخدمي الشبكة وذلك من خلال أجهزة تشغيل Servers مركزية. إننا نعلم الآن وبالتجربة أن هناك خصائص محددة تمثل في حد ذاتها الشروط الأساسية للنجاح في قطاع الاتصالات. ونحن نجد هذه الخصائص كلها في هذه الشركات الأربع. إذ إن كلاً منها يعمل في صناعة يتوقع أن تشهد نمواً كبيراً نتيجة الطلب الكبير المتوقع من المستهلكين أم المستخدمين. كما أن كلاً من هذه الشركات إما أنها طورت أو هي في معرض تطوير استراتيجيات لتقديم منتجات وخدمات تستند الى التكنولوجيات القائدة وتوفر للمستخدمين ميزات تنافسية. أخيراً فإن كلاً منها يتمتع بفريق إدارة قوي وعلى مستوى عال من المهنية والخبرة في حقل عمل الشركة. وهل سيقوم إنفستكورب بعرض هذه الفرص الاستثمارية الفريدة على عملائه من المستثمرين وكيف؟ - بالطبع، وكما تعلمين فإن مهمة إنفستكورب الاستثمارية تقوم على انتقاء أحسن العمليات الاستثمارية وأكثرها جدوى ومردودية لعرضها على عملائه من المستثمرين في منطقة الخليج العربي. ونحن بصدد إتمام الترتيبات النهائية لعرض هذه الاستثمارات الأربعة معاً في محفظة واحدة، حيث ان ذلك يوفر فرصة تقليل المخاطر من خلال تنوع الاستثمارات وجغرافيتها. يمكن القول ان ما ينطبق على إنفستكورب لجهة مواكبة الاقتصاد الجديد ومتطلباته ينطبق على شركاته أيضاً. فما هو الدعم الذي تقدمونه من هذه الجهة لمحفظة الشركات التي تستثمرون فيها؟ لا شك في أن التكنولوجيات الجديدة وأنظمة الاتصالات والانترنت تسمح للشركات القائمة بتقديم منتجات وخدمات جديدة أو تقديم المنتجات والخدمات الموجودة بطرق أخرى، من هنا فإن الشركات القائمة التي "تعيد انتاج نفسها" بحيث تتحول شركات للاقتصاد الجديد هي التي ستشهد ازدهاراً. لهذا السبب فإننا في الوقت الذي نقوم باستثماراتنا الجديدة نسعى الى تحديث الاستثمارات القائمة وجعلها مواكبة تماماً لمتطلبات العمل في الاقتصاد الجديد. إن فريقنا المسؤول عن الاستثمار في التكنولوجيا يقدم خبرته لشركات المحفظة الاستثمارية بهدف مساعدتها على تقييم أثر التغييرات المتسارعة في التكنولوجيا على أعمالها وبالتالي مواجهة التحديات التي تثيرها تلك التغييرات. إن إنفستكورب ما زال يؤمن بالقيمة الكبيرة للشركات العريقة. فضلاً عن ذلك فإن ما يسمى "الاقتصاد القديم" و"الاقتصاد الجديد" يتجهان الى الاندماج والتكامل في ما بينهما. لهذا فإننا سنستمر في الاستثمار في الشركات القائمة التي تتطابق مواصفاتها مع المقاييس المجربة والثابتة لإنفستكورب والتي تملك في الوقت نفسه القدرة على تحويل نفسها والاندماج في الاقتصاد الجديد.