علمت "الحياة" أن مكتب الإرشاد الذي يسير أمور جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر اتخذ قراراً قضى بعدم توسيع مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وأن تقتصر عملية الترشيح على رموزها والعناصر الفاعلة فيها بحيث لا يزيد عدد المرشحين على نصف من رشحوا في الانتخابات السابقة العام 1995. وأفادت مصادر مطلعة أن القرار استند إلى الحرص على عدم استفزاز الحكومة وتفادي منحها الفرصة لاصطياد من تعتقد بأن التنظيم قد يرشحهم، وكبادرة لإثبات حسن النية ازاء الاتهام بالرغبة بالاستئثار بالمقاعد التي يمكن ان تحصل عليها المعارضة في حال اجراء الانتخابات من دون تدخل حكومي. وأوضحت المصادر أن رأياً طرح خلال مناقشات قادة "الاخوان" طالب بتوسيع المشاركة في الانتخابات وتغطية غالبية الدوائر الانتخابية على أساس ان الحكم الذي أصدرته اخيراً المحكمة الدستورية العليا ببطلان بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية، والذي ألزم الدولة اجراء تعديلات تشريعية اوجبت اشرافاً قضائياً كاملاً على العملية الانتخابية "سيغل يد الحكومة في التدخل في الانتخابات وسيقلل بدرجة كبيرة احتمال تزويرها في بعض اللجان لمصلحة مرشحي الحزب الوطني الحاكم". لكن الغالبية تمسكت بمشاركة محدودة، معتبرة ان التطور الاخير "قد يدفع السلطات الى اتخاذ اجراءات امنية لمنع مرشحي الجماعة من ترشيح انفسهم من الاساس من دون انتظار ما يمكن ان يحدث اثناء الانتخابات". وشهد العام 1995 مواجهات عنيفة بين الحكومة و"الاخوان" بدأت بالقبض على اكثر من 80 من قادتهم ورموزهم، واحالتهم على ثلاث دوائر قضائية عسكرية اصدرت في حق غالبيتهم احكاماً بالسجن تراوحت بين سنة وخمس سنوات، مما حرمهم من المشاركة في الانتخابات التي جرت في ذلك العام. ورد "الاخوان" بترشيح 150 من رموزهم، على رأسهم نائب المرشد العام المستشار مأمون الهضيبي. لكن هؤلاء المرشحين فشلوا جميعاً بالوصول الى البرلمان واتهمت الجماعة حينها الحكومة بتزوير الانتخابات لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم. ولاحظت مصادر "الاخوان" أن الحملة التي تشنها السلطات منذ نحو شهرين على عناصر الجماعة في غالبية المحافظات المصرية "استهدفت الفاعلين في النشاط الانتخابي ممن شاركوا من قبل في الحملات الانتخابية لمرشحي الاخوان"، مشيرة الى أن قادة التنظيم "فضلوا اعلان مشاركة محدودة في الانتخابات المقبلة قبل ان تمتد الحملات لتشمل مستويات اعلى في التنظيم". ونفت المصادر أن يكون للقرار الاخير علاقة بالاحكام التي ستصدرها المحكمة العسكرية العليا غداً في قضية "النقابات المهنية" المتهم فيها 20 من رموزهم في النقابات على رأسهم النائب السابق مختار نوح، مؤكدة ان القرار "نهائي ولن يتأثر بخروج الاحكام مخففة او مشددة". وتحالف "الاخوان" في الانتخابات العام 1984 مع حزب الوفد الليبرالي كون الانتخابات جرت بنظام القوائم المطلقة، وفازوا بثمانية مقاعد. لكن البرلمان حل في شباط فبراير العام 1987 عن طريق المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية الانتخابات كونها حرمت المستقلين من غير اعضاء الاحزاب من الترشيح. وتحالفت الجماعة مع حزب العمل في الانتخابات التالية التي جرت في نيسان ابريل من العام نفسه وتمكن 35 من رموزها من الوصول الى البرلمان الذي حل العام 1990 عن طريق المحكمة الدستورية أيضاً. وقاطع التنظيم مع قوى سياسية أخرى الانتخابات التي جرت ذلك العام بعدما رفضت الحكومة استجابة طلبها تحقيق اصلاح في البلاد.