سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المؤتمر الاعدادي لمؤتمر الدول المانحة عقد على مستوى السفراء . لبنان يرى في عدم مساعدة الجنوب تهديداً للاستقرار والأمم المتحدة تركز على صدقية آليتي المنح والتلقي
حول طاولة مستطيلة توسطت احدى القاعات الفخمة في السرايا الكبيرة مقر رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية وجلس اليها سفراء 38 دولة عربية وأجنبية الى جانب ممثلي صناديق عربية ودولية وتوزع ممثلو منظمات الأممالمتحدة على مقاعد خلفية، انطلقت أمس أعمال الاجتماع الاعدادي لمؤتمر الدول المانحة لتلبية احتياجات الجنوب. واقتصرت جلسة الافتتاح العلنية على كلمتين لرئيس الحكومة اللبنانية سليم الحص وموفد الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن. وقال الحص "إن استعانة لبنان بالمجتمع الدولي لاعادة تأهيل أراضيه المحررة بمساعدات طارئة ثم ببرنامج متوسط الأجل للاعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية خطوة يمليها شعوره بالمسؤولية حيال منطقة منكوبة من مناطق الوطن". وبعدما عرض ما خلفه الاحتلال الاسرائيلي من آثار سلبية على المنطقة المحتلة قال: "هولاء المواطنون اللبنانيون يحتاجون اليوم الى دعم المجتمع الدولي ليستعيدوا شروط الحياة الطبيعية. فتتوافر لهم سبل العيش بكرامة. وما لم يتحقق ذلك جدياً ستبقى الأراضي المحررة معرضة لعدم الاستقرار، ما يؤثر في استقرار لبنان ككل وبالتالي في استقرار المنطقة وفي سير عملية السلام". ورأى "ان اللبنانيين يشعرون أن المجتمع الدولي لم يبذل جهداً كافياً لالزام اسرائيل تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 425 منذ وقت طويل. وهذا التأخير جعل لبنان بكامله يتحمل نتائج الاحتلال الوخيمة فتدهورت الموارد وأصيب الاقتصاد بالضعف وتحمل السكان آلاماً شديدة"، مشيراً الى "أن في نفوس اللبنانيين اقتناعاً عميقاً بحقهم في ان يحصلوا من اسرائيل على تعويضات كبيرة عن الخسائر والأضرار الفادحة التي تكبدوها". ثم تحدث عن خطة ذات توجهين بالنسبة الى اعادة تأهيل الأراضي المحررة، وهي: برنامج عمل للإغاثة السريعة لتلبية الحاجات الحيوية الملحة، وبرنامج متوسط الأجل للاعمار والتنمية لتحسين مرافق البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية وتحسينها، كي تصبح المنطقة على مستوى حضاري لائق". وضمّن الحص كلمته تأكيداً على مواقف سياسية سابقة، وأكد "سعي لبنان الى التوصل الى تسوية سلمية شاملة وعادلة مع اسرائيل أكد التزامه تلازم المسارين اللبناني والسوري". وتحدث لارسن عن وقوف الأممالمتحدة الى جانب لبنان، مشيراً الى الدور الذي ادته قوات الطوارئ الدولية في جنوبه. وقال: "انها تواصل الآن مهمتها لمساعدة حكومة لبنان على استعادة سيادتها على الجنوب". وأشار الى مهمته في تنفيذ القرارين الدوليين الرقمين 425و426 "لضمان السلام والأمن للمواطنين اللبنانيين والانسحاب الاسرائيلي من كل الأراضي اللبنانية". وقال: "إنني اشارك كل المانحين الرأي في ان انتشار قوات الطوارئ الى جانب القوات اللبنانية المسلحة سيكون اساسياً بالنسبة الى عملنا الذي نتشارك في بدئه اليوم، وكما تمكنا من حل مشكلات سياسية في الماضي علينا التحول الى اختيار كيف يمكننا كمجتمع دولي العمل مع لبنان لتأسيس جهد تنموي يوفر الأساس لنمو طويل الأمد واستقرار في الجنوب". وأشار الى "أن حكومة لبنان كرست نفسها لتحسين شروط العيش في الجنوب خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم والبنى التحتية، ونحن كمانحين ومؤسسات دولية علينا التعاون مع الحكومة لضمان المسؤولية المتبادلة والشفافية المطلوبة في تنفيذ هذا الواجب المهم". وقال: "من المؤكد اننا نعمل جميعاً من أجل تلبية الحاجة الملحة الى رفع المعاناة في الجنوب. ولكن علينا الذهاب أبعد من ذلك الى منح الأسس لتنمية مستديمة طويلة الأمد". وإذ شدد على أهمية العمل في اطار واحد يشمل المانحين والمؤسسات المتعددة والمنظمات الأهلية وحكومة لبنان، أكد الحاجة "الى آلية منح وآلية تلق، لهما صدقية، لضمان تلبية حاجات الناس في جنوبلبنان في صورة أفضل". وختم "ان مؤسسة الأممالمتحدة في لبنان والأمانة العامة تقدمان دعمهما الكامل لما سيتم البدء به". وخصصت الجلسة الأولى المغلقة لعرض انعكاسات تحرير الجنوب على الاقتصاد اللبناني وقدمها وزير المال جورج قرم الذي اعرب عن اعتقاده أن الانسحاب الاسرائيلي سيؤدي الى "عهد ايجابي جديد من النمو الاقتصادي المركز. فلبنان لن يتصدر العناوين الرئيسية للاخبار المتعلقة بأعمال عنف، وسيعيد تأكيد نفسه لمركز اقليمي مهم بمنح خدمات جديدة وسلع تتكيف أكثر مع حاجات الاقتصاد العالمي والتنمية المرتفعة المستوى لاقتصاديات الدول العربية المجاورة". وتحدث عن الدور الذي يمكن ان يؤديه لبنان في مجال خدمات السياحة والمصارف والتأمين والاستفادة من مصادره الزراعية والمائية ومهارة الأيدي العاملة والنخبة المتعلمة، عارضاً "عوامل النهوض التي وضعتها الحكومة نصب اعينها لجهة اعادة تشكيل الموارد المالية العامة وخطط الخصخصة وخفض معدلات الفائدة والمديونية". وقال: "إن الدين الداخلي يشكل 75 في المئة من اجمالي المديونية فيما يشكل الدين الخارجي 25 في المئة ويبلغ نحو 5.5 بليون دولار أميركي، تساوي القروض من مؤسسات مالية دولية 760 مليون دولار وتبلغ القروض الطويلة الأجل 2.1 بليون دولار فقط، فيما باقي الدين الخارجي سندات خزينة دولية". وأشار الى "ان الحكومة تعمل على تنويع كلفة الدين الخارجي المصدر في الأسواق الدولية، وخفضها". وأعرب عن اعتقاده "أن الانسحاب الاسرائيلي سينعكس بالتأكيد على مستوى معدلات الفوائد في السوق المحلية". وتحدث عن مناخ الاستثمار في لبنان، مشيراً الى "ان التشريع فيه ليبرالي وهو لا يفرق بين المستثمر المحلي والمستثمر الأجنبي، وعملت الحكومة على تحديث عملية منح التراخيص للمستثمرين تفادياً للبيروقراطية عبر تأسيس نظام "One stop shop" للمستثمرين المحليين والأجانب. وتعد الحكومة الآن تشريعاً خاصاً يشجع على الاستثمار في مجالات الاعلام وصناعة الالكترونيات والمعلوماتية". وأشار الى ان لبنان تلقى منحاً خاصة تصل الى 30 مليون دولار منذ أول اعتداء اسرائيلي على المنشآت الكهربائية في حزيران يونيو 1999 ما يبرهن الثقة به وبحكومته. وتحدث وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة ناصر السعيدي عن الآفاق الاقتصادية لجنوبلبنان من خلال عرض الخطة الانمائية الخمسية، فتناول الخسائر البشرية والمادية التي تعرض لها الجنوب خلال الاحتلال فضلاً عن حال الفقر والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي انتجها. وقال: "ان هدف الخطة خفض حال الفقر، بتوفير القدرة على تطوير خطة اجتماعية لمواجهة الوضع الأكثر تردياً، وترسيخ السلم الأهلي وضمان الأمن للسكان والممتلكات خصوصاً في ما يتعلق بمسألة الألغام المزروعة وربط المنطقة بالدولة لخدمة سكانها". وقدّر كلفة خطة انماء الجنوب ب14.1 بليون دولار "وهي تتوزع على أربعة محاور: تأهيل البنى التحتية وكلفتها 990 مليون دولار وتنفيذ برامج التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية وتقدر كلفتها ب 149 مليون دولار، وتقديم مساعدة الى العائلات التي سقط لها جرحى واعتقل عدد من افرادها، اضافة الى دعم زراعة التبغ وتبلغ كلفته 190 مليون دولار، أما عملية نزع الألغام فتكلف 6.8 مليون دولار. وقال: "هذه الخطة تشكل جزءاً من الخطة الخمسية لإنماء لبنان". ورأى "ان نجاح الخطة غير ممكن من دون دعم المجتمع الدولي من خلال مساعدات تقنية ومالية ومنح وغيرها من المساهمات. وفي المقابل على الادارة اللبنانية تحسين قدرتها التنفيذية والاستيعابية والتعاون التام مع القطاع الخاص". وعرض نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية والشؤون البلدية ميشال المر الحاجات والمشاريع الملحة في الجلسة التي عقدت، بعد استراحة، قائلاً ان كلفة هذه المشاريع لمدة عام تبلغ 260 مليون دولار وتتوزع على الشكل الآتي: 121 مليون دولار لاعادة بناء المنازل بمعدل 20 الف دولار لكل منزل مهدم اي مئة مليون دولار لخمسة آلاف منزل مهدم. وثلاثة آلاف دولار لكل منزل متضرر اي 21 مليون دولار لسبعة آلاف منزل متضرر". وقدّر الأموال اللازمة لتأمين المياه للسكان الذين كانوا يُزودونها من شبكات المياه الاسرائيلية ب 42 مليون دولار وهي مخصصة لانشاء شبكات جديدة عوضاً عن المهترئة والملوثة وجر مياه الينابيع وانشاء آبار ارتوازية وخزانات ماء ومحطات ضخ وتأهيل وانشاء اقنية الري. وفي قطاع الكهرباء قال المر: "إن الحاجة ملحة إلى تأمين طاقة وشبكات اضافية بقيمة 20 مليون دولار مخصصة لإنشاء شبكات داخل القرى وصيانتها وخطوط توتر متوسط لنقل الطاقة من محطات التحويل المركزية الى المحولات الفرعية وتصليح المجموعة الأولى في محطة صور. وفي قطاع الهاتف قال إنه يحتاج الى عشرة ملايين دولار لانشاء السنترالات والشبكات وتجهيزها". وقدّر كلفة تأهيل الطرق وتوسعتها وتعبيرها وشق اخرى جديدة وتأهيل جسري ميس الجبل والخردلي ب5.27 مليون دولار. وعلى صعيد الاستشفاء قال إن المبلغ المطلوب 5.7 مليون دولار لإنشاء مراكز صحية وتجهيز مستشفى ميس الجبل. وقدر المبلغ المطلوب لصيانة المباني الحكومية الموجودة وتأهيلها بنحو 5.2 مليون دولار، وتسعة ملايين دولار لإزالة الردم الذي خلّفه الاسرائيليون وثمانية ملايين و500 الف دولار لإزالة الألغام. وخصصت الجلسة وأخرى ثالثة لمداخلات المشاركين ونقاشاتهم، فأكد مدير قسم الشرق الأوسط في البنك الدولي أندر سود استعداد البنك لتنظيم مؤتمر الدول المانحة، الخريف المقبل، وترؤسه ك"لقاء مجموعة استشارية" إذا كانت الحكومة اللبنانية ومجتمع المانحين يعتقدان أن الأمر مفيد. ودعا السلطة اللبنانية إلى إزالة بعض العوائق لتسريع القروض المتوافرة وزيادة فاعليتها. وإذ أكد السفير الإيطالي جيوسيب كاسيني اتزام بلاده مساعدة لبنان، شدد السفير الهولندي رونالد ألكسندر مولينغر على اتخاذ الحكومة اللبنانية إجراءات لتعزيز القدرة الاستيعابية المحلية لتسريع تنفيذ البرامج المدعومة من السلطة للجنوب، على أن يقابلها توزيع عادل للمساعدات على كل التجمعات. وفي المواقف من المؤتمر، قال السفير الفرنسي في لبنان فيليب لوكورتييه بعد الجلسات الأولى "لدينا هدفان. نريد مساعدة لبنان عموماً وقد عبّرنا عن ذلك عبر اتصالاتنا مع مجلس الإنماء والإعمار، وسنعلن في الأيام المقبلة اتفاقات وخصوصاً في مجال الإعلام، ونريد مساعدة الجنوب في مجال التعليم عبر تأهيل الجهاز التعليمي في المدارس الرسمية. ولم أطلب من الحكومة في باريس قروضاً فقط بل أيضاً إرسال خبراء في هذا المجال. وفي مجال الصحة، تأهيل مستشفى عندما تستعيده الدولة اللبنانية، وأخيراً مياه الشفة، وقد لاحظنا خلال جولتنا على الجنوب أن السكان يحتاجون الى مياه صالحة للشرب وصحية، ومياه للري. وسنعمل مع الدول المانحة على تمويل المشروع". وعلق أحد الديبلوماسيين الأجانب الغربيين على الجلسات التي قدم فيها لبنان مداخلاته لعرض حاجاته بالقول "إنها موضوعية وتتضمن الحاجات، لكن الطروحات لا تعكس فهماً لحقيقة الوضع الاقتصادي في البلد كأن الدول المانحة أتت للتسوق Shopping".