من المؤسف ان المواجهة بين اسرع رجلين في العالم الاميركيين مايكل جونسون وموريس غرين في سباق ال200 متر لم يكتب لها ان تتم بحسب السيناريو المرتقب في التجارب المؤهلة لدورة سيدني الاولمبية في سكرامنتو، والذي كان مُهد له اعلامياً على اعتباره يجسد المواجهة الاعظم في تاريخ رياضة العاب القوى، وصولاً الى جعلها اشبه بمباراة في بطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل. وعرف العداءان مصير الانسحاب ذاته بسبب الاصابة في الدور النهائي. وشملت اصابة جونسون قدمه اليمنى في مرحلة اولى، حين شعر بتشنجات فيها عقب تسجيله افضل زمن، ومقداره 89،19 ثانية، في التصفيات التمهيدية للسباق، ثم طالت الاصابة قدمه اليسرى في مرحلة ثانية من تصفيات الدور نصف النهائي، التي حل فيها ثانياً خلف جون كامبل، ما اجبره على الانسحاب من النهائي ليفوت فرصة دفاعه عن لقبه الذي تحقق برقم قياسي عالمي مقداره 32،19 ثانية في اتلانتا عام 1996. ووصف جونسون الالم بالاشد الذي شعر به في مسيرته الرياضية، لكنه امل الا يكون ناتجاً عن اصابة بالغة يمكن ان تؤثر سلباً على استعداداته للقاءات الاوروبية الدولية. وأكد في اليوم التالي لاصابته انه لن يخوض بعد الآن هذا السباق بعدما سئم منه، ثم تراجع عن خطوته في اليوم التالي، وصرح مدربه كلايد هارت ان جونسون تسرع في اتخاذ قراره بسبب خيبة امله. اما اصابة غرين، صاحب اربعة القاب في بطولة العالم، واسرع رجل في العالم بصفته يحمل الرقم العالمي في سباق المئة متر، ومقداره 79،9 ثوان، فحصلت في الجزء الاول من السباق النهائي الذي فاز فيه كامبل مسجلاً 85،19 ثانية، وعزاها الى عدم اكتمال جهوزيته البدنية مستبعدًا اقترانها بالحرارة المرتفعة او اشتداد المنافسة. كبش محرقة وبانسحابهما تحول العداءان الى كبش محرقة الصحافة الرياضية في الولاياتالمتحدة الاميركية التي اتهمتهما بالثرثرة اكثر من محاولة تقديم الاداء الفني الراقي الذي يليق بهذه المسابقة. اهتمام اعلامي وجسدت مكاتب المراهنات صورة الاهتمام، حيث حددت نسبة ترجيح فوز جونسون قبل السباق بنسبة 5 على 7 في مقابل 6 على 5 لغرين. كما منحت احدى شبكات الانترنت، التي كانت وضعت نموذج استفتاء خاص لتحديد هوية الفائز على غرار نموذج استفتاء انتخابات الرئاسة الاميركية التي ستجرى هذا العام، افضلية الفوز لجونسون ايضاً بنسبة 84 في المئة في مقابل 14 في المئة لغرين واثنين في المئة لسائر العدائين الستة المشاركين في النهائي. يذكر ان هذه الشبكة تناولت موضوع السباق بشكل مكثف لم يحظ به اي سباق منذ المواجهة الخاصة التي جمعت بين جونسون نفسه والعداء الكندي دونوفان بايلي لمسافة 150 متراً على جائزة المليوني دولار عام 1997، والتي انتهت لمصلحة الاخير اثر اصابة جونسون. وكانت صورة المواجهة المثيرة بين البطلين تجسدت للمرة الاولى منذ الاعلان عن احتمال لقائهما في البطولة المحلية في اوجين واوراغون العام الماضي، الا ان جونسون انسحب في اللحظة الاخيرة وقتذاك بسبب الاصابة، ما جعل غرين يؤكد أن جونسون يتذرع بالاصابة ليتفادى مواجهته. اتهامات وتبادل العداءان تصريحات التحدي بشكل مكثف مع انطلاق التجارب الحالية، واعلن غرين بعد فوزه في سباق 100 م الذي ضمن عبره تأهله للمرة الاولى الى الدورة الاولمبية بعد خروجه من تصفيات التأهل لاولمبياد اتلانتا عام 1996 ،انه يرغب بقوة في هزيمة جونسون. في حين وصف جونسون غرين بغير الناضج وقليل الاحترام مؤكداً ان الاستفزاز ليس من طباعه، وانه بات محصناً جيداً لئلا يتأثر بذلك. لكن تصريح غرين بأنه لا يحب ان يخسر امام عداء لا يحبه حتى في مواجهة تعتبر مجرد بروفة للدورة الاولمبية، فرض جدية تحدي جونسون له. كذلك لم يحبذ غرين فكرة الخسارة امام جونسون خصوصاً بعدما قرأ مقالة كتبها الاخير في احدى الصحف اشار فيها الى انه يفتقد الحنكة والثقة للفوز عليه. واعلن غرين أن المقالة اثارت حماسته واتهم جونسون بالغرور "في ظل اعتقاده أن احداً لا يستطيع هزمه، علماً انني تغلبت عليه في آخر لقاءجمع بيننا عام 1998 في دورة بريفونتين"، اي بعد عام واحد من الحاق جونسون الهزيمة به في مواجهتهما الاولى في الدورة ذاتها . وهزأ غرين ايضاً من تصريحات جونسون أنه لن يبذل مجهوده الكبير في التجارب، واعتبرها اشارة الى احتمال خسارته بعدما تعرض لثلاث هزائم حتى الآن هذا الموسم، من بينها خسارتان قبل فترة وجيزة من موعد التجارب الحالية. واكد عزمه الكبير على الفوز، وتعزيز حجم تفوقه الذي يثبت ان تعرضه لثلاث هزائم ايضاً هذا الموسم لم يكن سوى زلة قدم عابرة.