"هي امرأة صاحبة تجربة.. وقد تكون مظلومة في زواجها الأول، ولديها استعداد لاستئناف الحياة بشكل أفضل، بعد تجربتها السابقة"... هذه هي النظرة الجديدة لكثيرين اليوم الى المرأة المطلقة، على عكس النظرة الى الرجل المطلق الذي تنظر اليه الأسر بحذر، بل قد ترفض تزويجه من احدى بناتها على أساس ان الطلاق بيد الرجل، وان من فعلها مرة يمكن ان يفعلها أكثر من مرة، وبهذا يظل ماضي هذا الرجل يطارده دائماً. والأحكام هنا ليست مطلقة، فلا بد من وجود استثناءات، ولكن تفاقم عدد حالات الطلاق في المجتمع العربي تفرض وقفة استقراء واستطلاع امام قضية المرأة المطلقة لأنها الضحية الأكثر معاناة في هذا الحال، على عكس الرجل الذي يستطيع ان يتجاوز المشكلة بخسائر أقل، وبصورة خاصة من الناحية النفسية. الطلاقات نصف الزيجات الأرقام التي تتحدث عن حالات الطلاق في المجتمع العربي مخيفة، فنسبة حالات الطلاق تقترب كثيراً نصف حالات الزواج، وخصوصاً الطلاق الذي يتم بشكل سريع، وقبل ان يكون الزواج قد وصل الى حال الاستقرار، اذ انه يتم في ظل خوف الانثى من شبح العنوسة.. وحالات الطلاق هذه، انتجت "مجتمعاً" جديداً من المطلقات الى جانب مجتمع العوانس اللواتي فاتهن قطار الزواج لأسباب لا مجال لتفصيلها، أو مجتمع الشابات اللواتي لا يجدن فرصاً مناسبة للزواج بسبب الحال، الاقتصادية الراهنة ومعاناة الشباب من العجز عن تأمين الحد الأدنى من متطلبات المجتمع الاستهلاكي الجديد، وفي مقدمها السكن الذي أصبح مشكلة قائمة بحد ذاتها. ولما كان الرجل في المجتمع العربي لا يزال الضامن الأول لاستقرار العائلة، فهو مسؤول عن انهيارها بشكل أو بآخر، ولهذا فمعظم النساء اللواتي يلجأن الى المحاكم لطلب التفريق، يكنَّ في وضع لا يحسدن عليه، علماً ان الطلاق ينعكس سلباً على المرأة في مجتمع لا تزال النظرة فيه إليها تقليدية، تحكمها التقيم والآراء الموروثة. واذا كان الطلاق حلاً أحله الله للانسان، فهو ابغض الحلال، اذ كثيراً ما يخطئ الانسان فيسيء استعماله، بوعي أو من دون وعي، وهو الدواء المر الذي لا بد منه احياناً، وهو ايضاً أول الحلول السهلة التي تنطلق ببداية شرارة الغضب بين الزوجين، وقد يكون هواية لرجل مزواج. أو لامرأة لم تستطع الحفاظ على بيتها، ولكن الضحية في النهاية هم الأبناء. الف سبب وسبب وأسباب الطلاق الأساسية والثانوية لا حصر لها ومنها: - الاختيار غير المناسب. - الخلاف مع الأهل، أهل الزوج أو أهل الزوجة. - فارق السن بين الزوجين. - اختلاف المستوى الفكري والتعليمي والثقافي بين الزوجين. - البرودة الجنسية عند المرأة أو العنة عند الرجل.. اي انهيار الانسجام الحميم بين الزوجين. - خروج المرأة الى العمل ووعيها حقوقها متأخرة. - البخل الشديد لدى الزوج. - ضيق ذات اليد، أو الوفرة المادية لدى الزوج. - العنف في الحياة الزوجية وخصوصاً من جانب الزوج. - شخصية المرأة المسيطرة. - عدم انجاب الأولاد. - المراهقة المتأخرة التي يمر بها الرجل. - شعور الرجل بأنه مظلوم مع زوجته التي تهمله لتعتني بأولادها. - عدم قيام الزواج على الأسس الشرعية الصحيحة. - الزواج من اجنبيات. - المعاملة السيئة من الزوج الذي يصر على ممارسة بعض المحرمات. - اختيار النساء ازواجاً بدافع مادي فقط لاعتقادهن بأن حياتهن الزوجية ستكون مع هؤلاء سهلة ورغيدة. - اعتقاد المرأة وخصوصاً العاملة انها تستطيع ان تعيش بكرامتها من دون زوج، ولذا تفضل الانسحاب من الزواج عند أول منعطف حاد يواجه حياتها الزوجية. رأي لرجال الدين ولرجال الدين والشرع رأي في هذا الموضوع اذ يقولون: علينا ان نبحث عن نظرة الاسلام لهذا الأمر، فالطلاق مرتبط في الأصل بالزواج: فإذا قام الزواج على اسس صحيحة في مراعاة للمبادئ الاسلامية، لما حدث الطلاق، ولنقرأ ماذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في اختيار الزوجة: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". فلو احسن الرجل الاختيار، ونظر الخطيب الى خطيبته باذن أهلها ومن دون خلوة معها. وقام الزواج على مراعاة الشروط الشرعية من اخذ موافقة الخطيبة عليه، وعدم اجبارها، لقام الزواج على اساس متين ولم يحدث الطلاق، أما اذا قام الزواج على اخلال بتلك الشروط الشرعية كمنع الرجل من رؤية المرأة الا يوم الزفاف وغيره. فإن هذا الزواج قد تكون نهايته الى طريق مسدودة". الطلاق العاطفي وهذا تعريف جديد من التعريفات التي يمكن ان نطلقها على بعض حالات الطلاق - مع وقف التنفيذ - وهي: الطلاق العاطفي الذي يلخصه احد التحقيقات التي وضعت عن هذا النوع من الطلاق بأنه: "حال يعيش فيها الرجل وسط اسرة يلتزم بالمسؤولية تجاه متطلباتها، ويشعر في الوقت نفسه انه زوج مع وقف التنفيذ، وأب، كل وظيفته تقديم المال بصرف النظر عن ظروفه وضيق يده. وهذا يعني انه وزوجته وقعا فريسة ما يسمى الطلاق العاطفي الذي لا يعترفان به عادة. ويبقى عليهما ان يسددا فواتير نقاط ضعفهما التي يكشفها الأولاد. واذا كان هذا النوع من الطلاق لا ينتهي عادة بالطلاق الشرعي الواقعي "الا انه يصيب الزوجين بأمراض خطرة أهمها: الشك والخيانة وتعذيب النفس. وقد يصل الأمر الى امراض عضوية قد تصيب عدواها الأولاد مثل: التوتر والعنف والعدوانية وارتفاع ضغط الدم والسكر والأزمات القلبية والاكتئاب والغربة والضياع والادمان. المطلقة ... مطلوبة عندما يقع الطلاق يكون هناك شبه اجماع على ان الزوجة هي الضحية، الا في حالات خاصة، ومن هنا تصبح المرأة المطلقة في وضع بائس تحاول أن تستدر فيه عطف الآخرين. المطلقات نوعان والمطلقات نوعان: واحدة تستسلم للمصيبة وتقضي بقية عمرها تندب حظها وأخرى ترفض الاستسلام، وتحاول ان تتجاوز المحنة وتتحدى الظروف، وتبدأ حياتها من جديد، خصوصاً اذا لم يكن لديها أولاد تضطر لاعالتهم أو لرعايتهم وتربيتهم. من هنا كانت هذه النظرة الجديدة والايجابية للمطلقات. تضعها في اطار يتجاوز حال الشفقة فهي: "صاحبة تجربة، وقد تكون مظلومة في زواجها الأول، ولديها استعداد لاستئناف الحياة بشكل افضل بعد فشل تجربتها الأولى"، اي انها تكون متساهلة في شروط الزواج والسكن والمهر والشبكة وبقية متطلبات الزواج اكثر من البنت البكر التي تتزوج للمرة الأولى... وعادة يكون الذين يتقدمون لهؤلاء المطلقات، إما رجالاً فاتهم قطار الشباب، أو ازواجاً مطلقين، أو توفيت زوجاتهم، او من النوع الذي يريد امرأة تهتم به وبأولاده من زواج سابق. وهؤلاء ينصرفون عادة عن العوانس اللواتي شكلت لديهن العنوسة نوعاً من العقد التي تتوق صاحبتها الى الرجال ولكنها تخشى المعاشرة الزوجية، كما تخشى عدم الانجاب بسبب تقدم السن. والعانس عادة وخصوصاً اذ كانت موظفة ذات دخل او تعيش بمستوى معقول في بيت اهلها، تصبح ظاهرياً في حال عداء جدلي مع موضوع الزواج خصوصاً وان رغباتها النفسية والجسدية التي تتفتح للحياة في أول الشباب، تنكمش مع السنين حتى درجة البرودة وبعضهن يرتضين ان يشاركهن الفراش رجل غريب بعد ان ظلت تنام وحدها اربعين سنة وأكثر. الارملة... اكثر صعوبة اما الأرملة فوضعها اكثر صعوبة من المطلقة. فهي تعيش، أو هكذا يجب ان توحي للناس والأهل، على ذكرى زوجها الراحل.. الرجل الطيب الذي كان "زينة الرجال" وتجد الكثير من الفظاظة اذا تزوجت من جديد، خصوصاً اذا كان لديها أولاد... ويخشى الرجل الذي يطلبها للزواج ان تجعله يعيش ضمن الاطار الأسود لصورة "المرحوم" المعلقة على الجدار، وان تعيّره بأنه لا يحبها أو يدللها أو يعتني بها كما كان المرحوم يفعل. أما البواكر والصغيرات بشكل خاص، فأحلامهن اكبر من الواقع.. ولهذا تبقى المطلقة، صاحبة التجربة، خصوصاً اذا كان عليها مسحة من الجمال. نموذجاً مطلوباً لدى كثيرين من الرجال، وخصوصاً الذين وصلوا الى الأربعين من العمر، فهي في نظرهم ستبذل جهداً مضاعفاً لاسعاد زوجها ولاقناعه واقناع كل من حولها انها كانت مظلومة في زيجتها السابقة، وانها كانت ضحية. وتبقى هناك استثناءات لا تدخل عادة في حساب التحقيقات العامة. وتظل الآية الكريمة التي جاءت في سورة الروم هي التي تحكم العلاقات الزوجية السليمة، والتي قال فيها الله تعالى: "ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". صدق الله العظيم.