الزواج شراكة حياتية بين الزوجين يسعى كل منهما لتحقيق السعادة للطرف الآخر ويكمل معه حياته, لكن قد تمر ظروف في هذه الحياة تمنع استمرارها أو يكون من مصلحة الطرفين أن ينفصل, هو أبغض الحلال عند الله, لكنه حل أخير لهما, وإنما في السنوات الأخيرة زادت حالات الطلاق وتعددت أسبابه, وخلّف وراءه آثاراً على نفسية المرأة المطلقة التي تحمل العبء الأكبر بعد الطلاق بين نظرة مجتمع لا يرحم, وفراق لأبنائها أحياناً أخرى. في هذا السياق, أوضح مدير مشروع التوفيق للزواج والإصلاح الأسري بالخرج الشيخ صالح حسن العموش أن أسباب ارتفاع حالات الطلاق متعددة ومتنوعة لكنها تختلف من زوج إلى آخر, ومن زوجة إلى أخرى, وهناك أسباب ينفرد بها الزوج دون الزوجة, وأسباب يشتركان فيها, منها الجهل في مفهوم الحياة الزوجية والسيطرة واستلام الدفة والقيادة بين الزوجين, والعناد وعدم الرضوخ منهما للآخر, وكذلك عدم التغافل بينهما ومسايرة الأمور بين الزوجين الموروث السابق لكل منهما, فكل واحد منهما يحاول تطبيق ما تربى عليه في بيته وبيئته, وانعدام الحوار بين الطرفين ومحاولة الاجتماع والاتفاق على رأي, تدخل الأهل والأقارب والأصدقاء في العلاقة الزوجية واقصد التدخل الأسري في العلاقة الزوجية والحالة الصحية والجنسية والنفسية لكلا الزوجين وصغر سنهما وعدم نضوجهما للحياة الزوجية وسائل الإعلام والاتصال المتنوعة والحالة الاقتصادية وخصوصاً الزوج, وعدم التكافؤ في النسب والتعليم والمكانة الاجتماعية والتعاطي والإدمان للمخدرات والمسكرات إضافة إلى السهر والاستراحات والمقاهي. من ناحيتها, أوضحت الأخصائية النفسية مها الزوري أن الطلاق يترك آثاراً سلبية جداً على المرأة المطلقة منها النفسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها وكذلك اصابتها بالاكتئاب. وأضافت «عندما يتخلى الزوج عن الزوجة بعد وقوع الطلاق وبعد صراعات ومعاناة في فترة الزواج وتشعر المرأة بالحزن الشديد والإحباط والوحدة, والدنيا بدأت تضيق عليها أكثر وتهاجمها أفكار أنها فاشلة في تكوين أسرة وانها مذنبة ومنبوذة, وبعدها يحولها المجتمع إلى كائن غير مرغوب فيه مع سبق الإصرار وتكون المرأة المطلقة أكثر حساسية وتقع فريسة سهلة للاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية». واستدلت الزوري بما جاء في مؤتمر صحة المرأة قبيل أربعة أعوام أن 40 بالمائة من المطلقات السعوديات مريضات نفسياً, والتي قد تؤدي إلى الاكتئاب الشديد الذي يعد أحد الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الانتحار بنسبة 15 بالمائة, مضيفة بقولها «المطلقة في هذه المرحلة تحتاج إلى تأهيل نفسي ودعم نفسي وأسري وإلى الاستشارة من أهل الاختصاص للخروج من هذه الأزمة النفسية والفراغ العاطفي وهو أكثر المشكلات التي تواجه المطلقة فهي كتلة متوهجة من المشاعر والأحاسيس, فبعد أن كانت تشبع هذه العاطفة مع زوجها بكلام الحب وكان يشغل قلبها الحب والاهتمام بزوج تفقد كل هذا فجأة فتصبح في العاطفة فجوة عميقة وانعدام الدخل المادي, فبعد أن كانت تنعم بمصروف شهري وسكن خاص وتلبى مطالبها, بعد الطلاق تعاني من الحاجة المادية وتشعر بالحساسية من الطلب إذا احتاجت فتشعر أنها حمل ثقيل على أهلها». وأردفت قائلة «لا تزال تعاني المرأة المطلقة من نظرة المجتمع الظالمة في حق المطلقة باعتبارها مذنبة وفاشلة لم تستطع الحفاظ على بيتها وزوجها, وكل المسؤولية تلقى على عاتقها وتكون في قفص الاتهام في حين أن الرجل أغلب الأوقات فوق الشبهات والشائعات, فقبل الطلاق كان لها صديقات يقتربن منها ويحاكينها, فما أن يسمعن بطلاقها إلا فررن منها خوفاً على أزواجهن منها, لأنهن ينظرن إلى المطلقة أنها تبحث عن أي فرصة لزواج مرة أخرى حتى لو كان زوج أعز صديقة لها, وإذا أخذت المطلقة قرار الزواج لبدء حياة جديدة لا تجد إلا رجلا متزوجا وتكون متهمة بأنها تخطف الرجل أو تسرقه من زوجته وكأنه مسلوب الرأي والإرادة والقرار، لذلك قد تتخذ المطلقة البعد والعزلة عن الآخرين وهذا غير صحي, وأغلب الشباب غير المتزوج إذا أراد أن يتزوج لا ينظر إلى المطلقة وخصوصاً إذا كان لديها أطفال ومن يطلبهن لزواج إما متزوج أو كبير في السن بحاجة إلى خدمة أو ترويح أو رجل مزواج أو مطلق أو أرمل لديه أولاد يريد امرأة تهتم بأولاده أو يريد مطلقة لدفع مهر اقل أو طمعا بها إذا كانت موظفة أو غنية». ولفتت الزوري إلى أن الأطفال يقعون ضحايا للطلاق وتقع الحيرة بين الزوجين حول تربيتهم, وتعيش المطلقة حالة صراع داخلي بين تلبية حاجتها الشخصية من إملاء الفراغ العاطفي والجنسي, وبين تربية الأبناء فقد تخاف من ضياعهم بعد الزواج مرة أخرى التي قد تحرم منها بسبب ضغوط الطليق والأهل والمجتمع الذي ينظر لها بأنها أنانية لم تفكر إلا بذاتها ويفرض عليها التضحية بعدم الزواج والبقاء لأجل أولادها فقط.