على غرار تشارلز لوثون في هوليوود، وشادي عبدالسلام في مصر، كان يبدو الى وقت قريب ان اسامة محمد سيكون، داخل ملكوت السينما السورية، شهيراً بفيلم وحيد حققه. وعلى غرار سلفيه الكبيرين كان سيقال الى زمن بعيد ان الفيلم الوحيد الذي حققه اسامة محمد هو الأفضل بين افلام مواطنيه. اذ، حتى اليوم لا يزال فيلم "ليلة الصياد" للوثون واحداً من اشهر افلام النوع في هوليوود، ثم ان "مومياء" شادي عبدالسلام كان وسيظل واحداً من افضل الافلام العربية على الاطلاق. على ذلك النسق كان مقدراً ل"نجوم النهار" لأسامة محمد ان يظل داخل الأسطورة بصفة كونه واحداً من أفضل ما حقق في سورية من افلام حتى الآن. لكن الدلائل الأخيرة تشير الى ان اسامة محمد لن يحظى بهذا الشرف، وان "نجوم النهار" لن يظل متربعاً على عرشه متفرداً في مكانته. فأسامة محمد يستعد الآن للبدء، حقاً بتصوير فيلمه الثاني، والجديد، "صندوق الدنيا". وجزء كبير من عمليات التحضير انجز حتى الآن. وبعض زملائنا رأى بأم العين، ما كان كثيرون - وعلى رأسهم اسامة محمد طبعاً - يتمنون رؤيته منذ زمن بعيد: ديكور حقيقي اقيم من اجل "صندوق الدنيا" فوق مرتفع في الجبال الشمالية الغربية لسورية. وثمة من يؤكد أن قسماً كبيراً من ملابس الفيلم واكسسواراته بات جاهزاً بالفعل، ولن يمضي وقت طويل، حتى يكون أسامة محمد بابتسامته المتهكمة وفمه القلق وارتباكه المدروس بعناية، وقف وراء الكاميرا صارخاً "آكشن"، وربما يقولها بروسية لن يفهمها احد، أو بالعربية اذا تمكن من ابتكار معادل لها. المهم في الأمر ان اسامة محمد خرج أخيراً من اسطورة "صاحب الفيلم الواحد" التي تضم فئتها بعض أكبر المخرجين في تاريخ الفن السابع، وسيصبح قريباً مخرجاً من اصحاب الفيلمين، الا ان هذا الواقع الجديد لن يحول بينه وبين ان يدخل، بفيلمه العتيد، مسابقات "الافلام الأولى" في المهرجانات، لأن هذه المسابقات اعتادت ان تفتح ابوابها امام الأفلام الثانية. وفي المقابل يثور الآن سؤال بديهي: اذا كان اسامة محمد انتظر اكثر من عقد ونصف العقد من السنين قبل ان يحقق فيلماً ثانياً، هو الذي نال فيلمه الأول كل هذا النجاح وتبوأ كل هذه المكانة، كم سيتوجب عليه ان ينتظر بعد "صندوق الدنيا" قبل ان يحقق فيلماً ثالثاً يدخل به "مرحلة النضج" ويصبح من صاحب الأفلام المتعددة؟ وفي النهاية كم سيمضي من الوقت قبل ان تبهت ابتسامة اسامة محمد ويتحول تهكمه مرارة قاسية، اي قبل ان يصبح من ذوي الفيلموغرافيا الحافلة؟ ثرانا، حين نطرح هذا السؤال، هل نطرحه في صدد اسامة محمد وحده، أم نطرحه في صدد عشرات من المبدعين العرب الذين كانت احلامهم كبيرة ذات يوم ثم وئدت بالتدريج، حتى صار البقاء، لا الابداع، هدفهم الأول والأخير؟ وبعد هذا من يجرؤ على التحدث عن أمجاد وانتصارات ومواكبة للعصر؟ "عين"