لم يحقق شادي عبدالسلام طوال حياته سوى فيلم روائي طويل واحد. وهذا الفيلم كان من أقل الافلام المصرية نجاحاً على صعيد شباك التذاكر حين عرض في القاهرة عروضه التجارية الاولى، كما ان حظه في عروضه العربية خارج القاهرة لم يكن احسن. ومع هذا لا يجري استفتاء حول أفضل فيلم حققته السينما العربية في تاريخها الا ويحتل الفيلم المكانة الاولى، حتى قبل افلام راسخة مثل "الأرض" ليوسف شاهين و"بداية ونهاية" لصلاح أبو سيف، و"الحرام" لهنري بركات. وحين يكون السؤال متعلقاً بمن هو أفضل مخرج عربي يكون الجواب دائماً: شادي عبدالسلام هو الذي يحتل المكانة الأولى. لكن شادي عبدالسلام مات في الثامن من تشرين الأول اكتوبر 1986، وهو عاجز عن تحقيق أي فيلم ثان له. ف "المومياء" - وهو عنوان فيلمه الوحيد - ظل فيلمه الطويل الأول والأخير، اما مشروعه عن "اخناتون" فلن يرى النور ابداً. ومن المؤكد ان شادي عبدالسلام لو ظل حياً بيننا حتى اليوم لظل عاجزاً عن العثور على طريقة تمكنه من تحقيق حلمه الثاني. وما حكاية شادي عبدالسلام سوى حكاية الفن الأصيل في بلادنا. الفن المتميز الذي لا ينحو لتقديم التنازلات ولا يريد ان يقيم أي وزن لمفهوم "الجمهور عاوز كده" الشهير. واذا كان شادي عبدالسلام قد تمكن من ان يكون، ويبقى حتى نهاية عمره، مشاكساً، فما هذا إلا لأنه لم يقارب فن السينما، والفن بشكل عام، الا من موقع الهاوي.