في الوقت الذي استمرت فيه وسائل الاعلام الاسرائيلية بالحديث عن "حلول وسط" توصل اليها المفاوضون الفلسطينيون والاسرائيليون في كامب ديفيد، شرع المسؤولون الاسرائيليون في اليوم السابع لاعمال القمة بإشاعة جو من "التشاؤم" في شأن احتمالات التوصل الى اتفاق اطار، وذلك على ما يبدو في تمهيد لاعلان فشل هذه القمة. وفي هذا السياق، قال الداد يانيف احد مستشاري رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك امس للاذاعة الاسرائيلية ان المفاوضات دخلت "حالة ضبابية وليست لدينا أي ضمانة بأننا سنتوصل الى اتفاق في نهاية المطاف". واضاف يانيف الموجود مع قسم من الوفد الاسرائيلي في مكان قريب من كامب ديفيد: "نأمل في ان يتخذ الفلسطينيون القرارات المؤلمة الضرورية لاتفاق وان يبدوا مزيداً من المرونة لأنهم يعرفون ان رئيس الوزراء لن يحيد عن الخطوط الحمراء التي حددها". وأكد رئيس الكنيست ابراهام بورغ ووزيرة شؤون البيئة داليا ايتسيك المقربان من باراك انه ترك الانطباع لديهما في مكالمتين منفصلتين بأنه "غير متفائل بنجاح القمة". وقالت ايتسيك للاذاعة الاسرائيلية إن باراك أكد لها ان الجانبين "يتصارعان على كل جملة وان المفاوضات صعبة للغاية" ونقلت عنه قوله ان نسبة التفاهم بين الفلسطينيين والاسرائيليين لا تتجاوز ال50 في المئة، واشارته الى ان مسألتي اللاجئين والقدس هما العقدتان الرئيستان في المفاوضات. ولدى سؤالها رئيس الوزراء الاسرائيلي عن احتمال عودته من كامب ديفيد من دون التوصل الى اتفاق، رد باراك أن ذلك "وارد جداً". وقالت مصادر اسرائيلية ان باراك يدرس امكان مغادرة الولاياتالمتحدة غداً، أي عند توجه الرئيس بيل كلينتون الى اليابان. واضافت ان الطواقم الاميركية تعمل على بلورة "بيان ختامي" تجمل فيه ما توصل اليه الطرفان في القمة، سواء تم التوصل الى اتفاق ام لا، على ان يتضمن هذا البيان في حال عدم احراز تقدم عبارة تشير الى عقد قمة جديدة الشهر المقبل. تصويت الكنيست وعلى رغم انشغال باراك بأعمال القمة، لم ينس ان يتصل هاتفياً برئيس الكنيست لإطلاعه على آخر التطورات وذلك قبل ساعات من التئام جلسة الكنيست للتصويت على اقتراح آخر تقدمت به المعارضة اليمينية لحجب الثقة عن رئيس الحكومة على خلفية "تنازلاته" المحتملة في كامب ديفيد. وقال بورغ إن باراك أكد له ان المفاوضات حتى الآن "لم تتمخض عن اي تقدم" وليس من الواضح هل سيتم التوصل الى اتفاق قبل توجه كلينتون الى اليابان، مضيفاً انه "في حال التوصل الى اتفاق فإنه سيكون اتفاقاً جيداً يضمن أمن دولة اسرائيل". وقالت مصادر مطلعة ان باراك "تنفس الصعداء" بعدما علم ان حزب شاس الديني، وهو ثاني اكبر حزب في الائتلاف الحكومي قرر تغييب ممثليه ال17 عن جلسة الكنيست. وكان الناطق باسم الحزب اعلن انه يرفض اجراء تصويت بحجب الثقة عن رئيس الحكومة اثناء وجوده في الخارج. وفعلا رفضت الكنيست مذكرة حجب الثقة عن حكومة باراك، اذ لم تنل سوى اربعة اصوات، فيما صوت ضدها نائبان، وامتنع عن التصويت نائبان، في حين قاطع معظم النواب النقاش والتصويت. "حلول وسط" وتسابقت الصحف الاسرائيلية في نشر "الحلول الوسط" التي عرضها كل من الفلسطينيين والاسرائيليين في القمة التي يرجح انها وصلت الى نهايتها. وأشار المحلل السياسي الرئيسي في صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير له إلى ان باراك يدرس امكان الاعتراف بقرار مجلس الامن الرقم 194 الخاص بحق العودة للاجئين الفلسطينيين "كتعبير عن انهاء الخلاف في قضية اللاجئين" مقابل اعلان فلسطيني - اسرائيلي بانهاء النزاع التاريخي بينهما. ونسب الكاتب المعروف الى مصادر اسرائيلية انه طرح في القمة اقتراح يقضي بأن يتضمن بند اللاجئين في اتفاق الاطار كل التفاهمات على تسوية المشكلة والتي تشمل حسب المصدر ذاته: - استيعاب عشرات آلاف اللاجئين في اسرائيل في اطار جمع شمل العائلات واعتبارات انسانية، واعتبار الدولة الفلسطينية موطن اللاجئين الفلسطينيين، وتعويض دولي لتأهيل معظم اللاجئين في اماكن سكناهم. وترد في نهاية هذا البند عبارة "تنفيذ الاتفاق يعتبر تطبيقاً لقرار 194". ووصفت وزيرة الاستيعاب يولي تامير، الناطقة باسم باراك في كامب ديفيد، هذه الانباء بأنها "لا اساس لها من الصحة". وقالت ان "رئيس الوزراء أكد مراراً انه لن يعترف بحق اللاجئين في العودة الى الاراضي الاسرائيلية". أما في ما يتعلق بالقدس، فاستدعى باراك الى المفاوضات رجل الاستخبارات الاسرائيلي السابق، المدير العام لوزارة الخارجية سابقاً ديفيد زيئوفن مرحاب الذي يعتبر خبيراً في موضوع القدس. ورأت مصادر اسرائيلية ان استدعاءه يشكل "انعطافة دراماتيكية" في المفاوضات المتعلقة بالمدينة المقدسة. وشارك خبير العلاقات الدولية الاسرائيلي في اعداد وثيقة صدرت عن "معهد القدس" ونشرت قبل قمة كامب ديفيد، وطرحت ثلاثة بدائل لحل قضية القدس: - الابقاء على مجال حدود نفوذ بلدية القدس تحت السيادة الاسرائيلية وتكون الحدود بين الدولة الفلسطينية والقدس مفتوحة وتستمر حرية العبادة في الاماكن المقدسة - اي الحفاظ على الوضع الراهن. وهذا هو الخيار الاسرائيلي. - تبقى القدس تحت السيادة الاسرائيلية لكن يكون هنالك تبادل مناطق في المدينة وضواحيها بحيث تنضم الى اسرائيل المناطق المأهولة بغالبية يهودية أي المستوطنات مثل معاليه ادوميم وغفعات زئيف فيما تنضم احياء عربية مثل بيت حنينا الى الدولة الفلسطينية، ويحصل المقدسيون على حكم ذاتي داخل الاحياء التي يقيمون فيها وتكون للفلسطينيين "رموز سيادية" في البلدة القديمة ويكون الحرم القدسي تحت السيادة الاسرائيلية العليا لكن يديره الفلسطينيون، وقد يكون هنالك وضع خاص للبلدة القديمة برمتها. - تقسيم المدينة الى عاصمتين حيث تقام في القدسالشرقية سيادة فلسطينية وتبقى المدينة مفتوحة من دون اسوار داخلية ويتم الاحتفاظ بتواصل اقليمي بين الاحياء الاسرائيلية والفلسطينية. وهذا الاقتراح الاقرب الى الموقف الفلسطيني. وتزامن هذا الاستدعاء مع طلب الوفد الفلسطيني من خبراء مقدسيين "خرائط للقدس القديمة" مساء الجمعة الماضي. وقالت مصادر في "بيت الشرق" ل"الحياة" ان الوفد الفلسطيني طلب مساعدة خبراء فلسطينيين لتحديد حدود الحي الأرمني في البلدة القديمة من القدس.