فشلت المعارضة الاسرائيلية في حشد 61 صوتا في الكنيست لحجب الثقة عن رئيس الوزراء ايهود باراك قبل ساعات من توجهه الى الولاياتالمتحدة للمشاركة في قمة كامب ديفيد الثلاثية التي تعقد اليوم، وذلك بعدما قررت ثلاثة احزاب سياسية من بينها حزب التجمع الوطني الديموقراطي العربي الامتناع عن التصويت. وبذلك توجه باراك الى المنتجع الاميركي بعد ان فقد ستة من وزرائه يمثلون 26 مقعدا في الكنيست. وكان باراك اضطر الى تأجيل سفره حتى الانتهاء من التصويت على اقتراحين بحجب الثقة قدمتهما المعارضة على خلفية مشاركته في القمة "واستعداده لتقديم تنازلات تمس امن اسرائيل". وردد باراك من على منصة الكنيست "خطوطه الحمر"، مدافعا عن قراره المشاركة في القمة وسط مقاطعة نواب ليكود، ومؤكدا انه حصل على "ثقة الشعب من اجل قيادة هذه الدولة والبحث عن حلول للمشاكل". وفي الوقت الذي دعا فيه زعيم ليكود ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائىلي الى عدم "تقديم التعهدات" في القمة "لانه ليست لديك اي باراك حكومة ولا غالبية في الكنيست ولا تأييد الشعب ولا خطة"، اتهم الوزير حاييم رامون اليمين بالتخوف من "رأي غالبية الشعب الاسرائيلي التي تريد السلام". وتساءل في مداخلته التي قوطع خلالها مرات عدة موجها حديثه للمعارضة: "لماذا تخافون رأي الشعب؟ لقد قلنا ان اي اتفاق سيخضع للاستفتاء ... وانتم تعلمون ان غالبية الشعب تريد السلام". وأشارت مصادر في حزب "اسرائيل واحدة" الذي يتزعمه باراك ان الاخير غادر الى واشنطن "متعلقا" بنتائج استطلاع للرأي العام الاسرائيلي تشير الى ان 52 في المئة ممن استطلعت اراؤهم من الاسرائيليين يؤيدون مشاركته في القمة مقابل 45 في المئة قالوا انه لا ينبغي عليه الذهاب. واستنادا الى الاستطلاع الذي اجراه معهد "داحاف" قال 53 في المئة ان لدى باراك تفويضا لتقديم "تنازلات" للفلسطينيين رغم انسحاب ثلاثة احزاب من ائتلافه الحكومي، فيما قال 44 في المئة ان ليس لديه تفويض. وفضل 43 في المئة اجراء انتخابات مبكرة في ضوء التطورات الحزبية فيما ايد 39 في المئة منهم "حكومة وحدة" وقال 18 في المئة فقط انهم يؤيدون حكومة ضيقة. ورفض رئيس الوزراء الاسرائيلي اقتراحات قدمها اعضاء في حزبه بتشكيل حكومة ضيقة على وجه السرعة قبل مغادرته تل ابيب على الرغم من اتصاله مع حزبي "يهودات هتوراة" الديني و"شينوي" اليميني العلماني المتشدد، وعرضه عليهما درس امكان انضمامهما الى حكومة جديدة. ويبدو ان نتائج الاتصالات حتى هذه اللحظة لم تفض الى اتفاق على اسس واضحة بين "اسرائيل واحدة" و"شينوي" التي اشترطت في السابق انضمامها الى حكومة باراك استقالة حزب "شاس". ونقل عن باراك قوله فور عودته من القاهرة التي التقى فيها الرئيس حسني مبارك أنه يدرك "مدى ثقل المسؤولية التي يحملها معه الى كامب ديفيد"، معتبرا ان هذه القمة تشكل "فرصة حقيقية للتوصل الى اتفاق يضمن أمن اسرائيل ومستقبلها". وقرر رئيس التجمع الوطني الديموقراطي عزمي بشارة الامتناع عن التصويت على الاقتراح بحجب الثقة، فيما سحب رئيس الحركة العربية للتغيير احمد الطيبي اقتراحا بحجب الثقة على خلفية اضراب الاطباء الذي دخل شهره الرابع. ورغم تصريحات المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين العلنية عن رفضهم "الحلول الوسط" في القمة، يرجح المحللون السياسيون أن يصار الى ابرام اتفاق يستند فعلا الى "حلول وسط" للقضايا الاربع الرئيسة التي تعرضها واشنطن على الطرفين وتحمل في طياتها حلا جزئيا ينقذ القمة من فشل ذريع. الشقاقي وتوقع مدير المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية الدكتور خليل الشقاقي ان تتناول حلول واشنطن الوسط 4 مجالات: أولها قبول فلسطيني بضم مناطق استيطانية محددة الى اسرائيل مقابل قبول اسرائيلي باجراء تبادل اراضي. وفي هذا المجال، رجح الخبير الاستراتيجي ان تلجأ القمة الى تأجيل البحث في الجوانب الاكثر صعوبة مثل حجم المناطق المضمومة ومواقعها الجغرافية وطريقة ربطها جغرافيا بالدولة العبرية. أما وجهة النظر الاسرائيلية فتتمثل بضم اربعة الى خمسة في المئة من اراضي الضفة باستثناء القدس. ونقلت مصادر صحافية عن احد مساعدي باراك انه، رغم رفضه مبدأ تبادل الاراضي، لن يتردد في ابداء "مرونة" ازاء ذلك لحماية "الخط الاحمر" الذي وضعه لقضية المستوطنات وهو الحفاظ على غالبية من المستوطنين تحت السيادة الاسرائيلية. ثانيا: قبول اسرائيلي بحق العودة مقابل قبول فلسطيني بجعل ممارسة هذا الحق رهنا باعتبارات عملية تتحكم بها اسرائيل. واضاف الشقاقي ان القمة قد تلجأ ايضا الى تأجيل النقاش في شأن طبيعة هذه الاعتبارات والمغزى الفعلي لها. الاسرائيليون من جهتهم وكما ورد على لسان مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي للشؤون الامنية والسياسية داني ياتوم لم يعودوا يرددون رفضهم "دخول اي لاجئ الى اسرائيل" وباتوا يتحدثون كما قال باراك نفسه أول من أمس عن ان اسرائيل "لا تتحمل المسؤولية الاخلاقية او القانونية لقضية اللاجئين"، لكنهم لا يرفضون الآن عودة 100 الف لاجئ فلسطيني في اطار "جمع شمل العائلات" أو لاسباب "انسانية" ومن دون معارضة جدية لعودة اللاجئين الى اراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية طالما بقيت هذه العودة تحت سيطرة اسرائيل "وتضمن عدم تهديد وجود هذه الدولة". أما القضية الثالثة وهي الحدود والمعابر، فتوقع الشقاقي ان تعرض واشنطن "حلا وسطا" في شأنها يتضمن قبولا فلسطينيا بوجود اميركي ودولي على الحدود والمعابر ومناطق الانذار المبكر مقابل قبول اسرائيلي بالسيادة الفلسطينية عليها. وهنا مرة اخرى قد يتجنب الطرفان الدخول في التفاصيل في شأن مدى ضلوع اسرائيل في الترتيبات الامنية والصلاحيات المعطاة للاطراف الدولية. وفي هذه القضية لا يرى الاسرائيليون ضررا في نقل السيادة الى الفلسطينيين على المعابر مقابل وجود ضمانات واجهزة ذات تكنولوجيا عالية تمنع وصول اسلحة للفلسطينيين وكذلك انظمة وترتيبات تضمن لها الاطلاع على ما يجري في هذه المعابر. أما في قضية القدس التي دعا رئيس الوفد الاسرائيلي لمفاوضات الوضع الدائم الوزير شلومو بن عامي رئيس وزرائه قبل ساعات من عقد القمة الى ايجاد "حل ابداعي لها"، فيقول الدكتور الشقاقي ان القمة قد تتوصل الى قبول اسرائيلي بسيادة فلسطينية "متدرجة" على الاحياء العربية في القدسالشرقية مقابل قبول فلسطيني بضم المستوطنات في القدس وحولها الى اسرائيل. ولن يطرح الاميركيون تفاصيل معنى "السيادة التدريجية وفي تحديد حدود الاحياء العربية او المستوطنات التي ستخضع للترتيبات الجديدة. وهنا يعتقد الاسرائيليون ان بامكانهم انتزاع موافقة فلسطينية على تأجيل البت القاطع في هذه القضايا مقابل الموافقة على حلها "مع الزمن" مع التزام فلسطيني بعدم اضافة "مطالب فلسطينية" اضافية الى ابد الآبدين.