بدأت أمس في كامب ديفيد المفاوضات المباشرة بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، في حضور الجانب الأميركي. وشكلت لأجل ذلك مجموعات صغيرة تختص كل منها بواحدة من القضايا الأساسية. وأفادت مصادر مطلعة ان الأطراف تسلموا أمس الملخص الأميركي لنتائج مشاورات الأيام الأولى، وهي ما يعتقده الأميركيون قواسم مشتركة لمواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وما بات يعرف ب"الورقة الأميركية". وقال الناطق باسم البيت الأبيض جو لوكهارت إن الرئيس بيل كلينتون عقد ليل الخميس - الجمعة اجتماعات منفصلة مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك، امتدت حتى ساعة متقدمة. وارتكزت هذه اللقاءات على ما تم خلال غيابه في واشنطن، إذ كان مستشاره لشؤون الأمن القومي ساندي بيرغر ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت والمنسق الأميركي لعملية السلام دنيس روس تابعوا المحادثات مع الوفدين. وقال مصدر فلسطيني مطلع على سير المفاوضات ل"الحياة" إن الورقة الأميركية لا تزال غير مكتملة، ولا توجد فيها أفكار جديدة لم يسبق أن عرضت على الجانب الفلسطيني. وأضاف ان الوفد الفلسطيني يحاول أن يتجنب طرحاً أميركياً لحل موضوع القدس، مخافة ان يكون هذا الطرح غير مقبول ويؤدي إلى خلاف فلسطيني - أميركي بدل أن يكون الخلاف مع إسرائيل، و"هذا ما يحاول عرفات تجنبه طوال انعقاد القمة". ولا يزال المسؤولون الأميركيون ملتزمين التعتيم الإعلامي المفروض منذ بدء أعمال القمة حول سير أعمال المفاوضات ومضمونها.وقالت مصادر أميركية إن الولاياتالمتحدة راضية عن التزام الأطراف عدم تسريب معلومات عن المحادثات، وقالت إن ما يسرّب من حين لآخر يبقى تحت سقف التزام التعتيم الإعلامي، خصوصاً ان التسريبات الحاصلة لا تهدف إلى الضغط على الطرف الآخر، أو إلى التفاوض من خلال الإعلام، إنما هي من قبيل مخاطبة كل طرف رأيه العام. وتفاعلت أمس قضية رفض السماح لشخصيات فلسطينية بالانضمام إلى الوفد المفاوض في كامب ديفيد، واستمر الناطقون يعلنون انهم لم يتلقوا طلباً فلسطينياً رسمياً لضمهم إلى الوفد. وحصل تطور مفاجئ أمس، إذ انتقلت أولبرايت من كامب ديفيد إلى ايميتسبرغ والتقت هذه الشخصيات الفلسطينية. وقال الناطق لوكهارت إن وزيرة الخارجية "عقدت هذا اللقاء من أجل تأكيد ضرورة الحفاظ على الجو الايجابي اثناء انعقاد القمة". واضاف انها "لم تتكلم معهم عن سير المفاوضات وإنما عن عملية السلام بشكل عام". وبرر رفض ضمهم الى الوفد "بالتزام قواعد القمة، وأهمها السماح فقط للقادة السياسيين بالتفاوض هناك حول القضايا الاساسية". وأبلغ أحد هذه الشخصيات السيد تيسير خالد من الجبهة الديموقراطية "الحياة" انه قاطع الاجتماع مع اولبرايت "احتجاجاً على السلوك الاميركي والتدخل في المفاوضات". وبعدما أكد "دعمه ومساندته للأخ أبو عمار في الثبات على قرارات الشرعية الدولية وقرار المجلس المركزي الفلسطيني كأساس للموقف الفلسطيني في المفاوضات"، قال: "فوجئنا باجراءات أميركية تمنع التواصل بين أعضاء الوفد السياسي الذي شكل برئاسة الأخ أبو عمار للمشاركة والتشاور اثناء انعقاد القمة". وأكد انه منذ الساعة الأولى لوصول اعضاء الوفد الى الولاياتالمتحدة الخميس لم يتم أي اتصال مباشر بينهم وبين عرفات، وانهم لا يزالون يحاولون لكنهم يصطدمون بعقبات اميركية. وكان واضحاً ان الجانب الأميركي عارض الرغبة الفلسطينية في عقد اجتماع موسع يضم شخصيات فلسطينية موجودة في واشنطن ولا تشارك مباشرة في المفاوضات. وتتوقف المفاوضات الرسمية اليوم التزاماً بعطلة السبت اليهودية، لكن مصادر اميركية أكدت ان مفاوضات ستستمر بشكل غير رسمي، خصوصاً ان الرئيس كلينتون سيبقى في كامب ديفيد. اقتراحات للقدس وسربت صحيفة "معاريف" في تقرير نشرته امس تفاصيل عما عرضه باراك على عرفات بخصوص القدس خلال اجتماعهما الثنائي الاول مساء الاربعاء الماضي، ورد الرئيس الفلسطيني على ذلك. وقالت ان باراك حاول اقناع عرفات بحل وسط لقضية القدس وقال له: "بوسعك أن تأخذ ضيوفك، الزعماء العرب مثلاً، عبر ممر آمن من ناحيتك من القدسالشرقية مباشرة إلى المسجد الأقصى. وفي الطريق لن تمر بأي نقطة تفتيش إسرائيلية، وتستطيع ان تصلي في المسجد الأقصى وتعود من دون أن ترى أي إشارة إلى الحكم الإسرائيلي". واضافت الصحيفة ان عرفات رفض فكرة باراك "وكرر موقفه الأصلي: القدسالشرقية يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية". من جهة اخرى أكد جوزف الفير مستشار باراك للعلاقات مع وسائل الاعلام في كامب ديفيد ان اسرائيل تقترح منح "درجة عالية من الحكم الذاتي". لبعض الاحياء الفلسطينية في القدس كما يقترح تبادلاً لأراض يقضي بضم مستوطنات في الضفة الغربية كمستوطنة معالي ادوميم وغيفعات زئيف الى القدس لقاء تحويل السلطة في بعض الضواحي الفلسطينية الى الدولة الفلسطينية المقبلة. وأضاف ان اسرائيل تقدم الى الفلسطينيين من جهة اخرى، ممراً آمناً إلى الأماكن الإسلامية المقدسة في مدينة القدس القديمة ينطلق من حي ابو ديس. وقال مسؤول اسرائيلي في كامب ديفيد لوكالة "فرانس برس" ان احياء في محيط القدس مثل أبو ديس والسواحرة وعناتا، وهي احياء تقع خارج حدود بلدية القدس، قد تضم بحسب المخطط، الى الدولة الفلسطينية المقبلة. وأشار هذا المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى "ان المشكلة الاساسية تكمن في مصير بعض الضواحي كضاحية الشيخ جراح وكذلك الحي المحيط بشارع صلاح الدين في قلب الوسط التجاري للقدس الشرقية".