ساد الغضب أوساط المحامين المصريين بعدما قرر رئيس اللجنة القضائية المشرف على النقابات المهنية المستشار محفوظ شومان تأجيل انتخابات نقابة المحامين لحين انتهاء الصراع القضائي بين الحكومة والمحامين حول الأماكن التي يتعين اجراء الانتخابات فيها. وعقد محامون مؤتمراً صحافياً أمس اتهموا فيه الحكومة بالعمل على تزوير الانتخابات واسقاط مرشحي المعارضة. ورددوا هتافات ضد التدخل في الانتخابات لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم. وكان نزاع قضائي تفجر بين الطرفين بعدما قررت الحكومة اجراء الانتخابات في أندية ومراكز للشباب ما اعتبره المحامون مقدمة لبسط يد أجهزة الامن في السيطرة على الانتخابات والتلاعب فيها. وأقام النائب أحمد ناصر المرشح لمقعد النقيب دعوى قضائية عاجلة امام محكمة القضاء الإداري طالب فيها بإلغاء القرار والزام الحكومة اجراء الانتخابات في مقار النقابات الفرعية. وحصل ناصر يوم الاحد الماضي على حكم لمصلحته، لكن الحكومة سارعت باللجوء الى المحكمة الإدارية العليا للطعن في الحكم والمطالبة بالغائه. وقبل ان تبدأ المحكمة الاخيرة النظر في الطعن قدّم ناصر طلباً لرد هيئة المحكمة وهو إجراء قانوني يعني الاعتراض على تشكيل الهيئة. وتسبب تفاعل الأزمة في تأجيل الانتخابات التي كان مقرراً ان تُجرى غداً. وقررت المحكمة أمس تأجيل البت في طلب الرد الى جلسة تعقد يوم 22 تموز يوليو المقبل ما يعني ان مصير الانتخابات صار معلقاً وان اجراءات التقاضي قد تطيح بها. وتوجه عشرات المحامين من مقر محكمة القضاء الإداري الى دار القضاء العالي حيث عقدوا مؤتمراً تحدث فيه رموزهم ودانوا "تعطيل الانتخابات" و"التدخل" الحكومي فيها. وأعلنوا البدء في اعتصامات في مقر النقابة العامة والنقابات الفرعية للضغط على الحكومة "لرفع يدها عن الانتخابات" واجرائها في أقرب وقت. وأحاطت سيارات الشرطة وقوات الأمن مقر دار القضاء لمنع المحامين من الخروج الى الشوارع. وتقرر عقد اجتماع عام للمحامين الخميس المقبل للدعوة الى عقد جمعية عامة للنظر في أمر التعاطي مع الحكومة في ظل التطورات الأخيرة. واستنكر المحامي منتصر الزيات ما سمّاه "الاصرار على بسط نفوذ الحكومة على ارادة المحامين". في حين أكد النائب سامح عاشور ان جموع المحامين "سيدافعون عن نقابتهم في وجه التدخلات التي تهدف الى إنجاح مرشح بعينه"، في إشارة الى مرشح الحكومة لمنصب النقيب. وتعهد النائب ناصر بالنضال من اجل رفع الظلم عن المحامين. ووصف المحامي عاطف عواد قرار وقف الانتخابات بأنه "غير قانوني" وأعلن أنه سيطعن في القرار أمام مجلس الدولة. وأشار الى أن القانون الرقم 100 أعطى لرئيس محكمة القاهرة حق إصدار قرار باجراء الانتخابات إلا أنه منحه حق وقفها. ورأى أن قرار الوقف يعد امتناعاً عن تنفيذ حكم القضاء الإداري الذي صدر أخيراً والملزم بإجراء الانتخابات داخل النقابات الفرعية. واضافة الى ناصر يتنافس عشرة آخرون على مقعد النقيب بينهم النائب الناصري سامح عاشور والمرشح الحكومي رجائي عطية الذي يحظى ايضاً بدعم من جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة والمحامي المستقل بهاء الدين ابو شقة، ويتنافس 209 على المقاعد المخصصة لمجلس النقابة وعددها 24 منها 8 مخصصة للقاهرة و6 للمحامين العاملين في القطاع العام واثنان للشباب والباقية موزعة على المحافظات. ويبلغ عدد المحامين المقيدين في سجلات النقابة 113 ألفاً و717 محامياً يحق ل85 ألفاً و354 عضواً فقط منهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات كونهم سددوا الاشتراكات السنوية. وقبل وقف الانتخابات كانت الحكومة رتبت لاجرائها في 247 لجنة في أندية ومراكز للشباب. وجرت آخر انتخابات للنقابة العام 1992 وفاز فيها لمنصب النقيب السيد أحمد الخواجة واكتسح "الاخوان" تلك الانتخابات. وقضت محكمة مصرية العام 1996 بفرض الحراسة على النقابة إثر تفجر الخلاف بين فريقين من اعضاء مجلسها ضم الأول ومثّل الغالبية المنتمية إلى "الاخوان" في حين ضم الثاني اعضاء في تيارات سياسية مختلفة. لكن محكمة النقض عادت وقضت في ايلول سبتمبر الماضي برفع الحراسة عن النقابة وتشكيل لجنة قضائية لادارتها تتولى الاعداد لاجراء الانتخابات. ورشح "الاخوان" ثمانية فقط من عناصرهم لخوض الانتخابات المقبلة لكن آخرين من المنتمين الى الجماعة رشحوا انفسهم بعيداً عن اللائحة التي أعلنها التنظيم. ما جعل القوى السياسية الاخرى تحمل على "الاخوان" وتتهمهم بالتسبب في التصعيد الحكومي.