وسط استياء فلسطيني عارم وترحاب إسرائيلي، بدأ تسعة إعلاميين جزائريين وصفتهم وزارة الخارجية الاسرائيلية بأنهم من "كبار الصحافيين"، زيارتهم الى الدولة العبرية بجولة على متحف "الكارثة والبطولة" ومقر البرلمان الاسرائيلي الكنيست. وشن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة هجوماً لاذعاً على أعضاء الوفد، قائلاً: "لا هم منا ولا نحن منهم". وقالت مصادر في وزارة الخارجية الاسرائيلية ل"الحياة" إن زيارة الصحافيين والاكاديميين ست نساء وثلاثة رجال ستستمر اسبوعا وستشمل زيارة الجولان السوري المحتل وحدود الدولة العبرية مع لبنان ومعهد ترومان في الجامعة العبرية، وكذلك زيارة حيفا ومدن شمالية أخرى. ورفض المصدر كشف اسماء الزوار الجزائريين "بناء على طلبهم". واستقبل وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي الوفد الجزائري في مقر "رؤساء اسرائيل" في مدينة القدس، ووصف زيارتهم بانها "خطوة مهمة تستحق التشجيع". وفي رده على سؤال عن احتمالات إقامة علاقات ديبلوماسية مع الجزائر، قال ليفي ان الوقت لم يحن بعد وان "الامر منوط بالجزائر نفسها". وكان وفد جزائري مماثل زار الدولة العبرية عشية مذبحة قانا في جنوبلبنان في العام 1996 ووجد الاستياء الفلسطيني من الزيارة طريقاً له في كاريكاتور صحيفة "الأيام" التي نشرت على صفحتها الأخيرة كاريكاتوراً يرمي فيه "أبو العبد الفلسطيني" جهاز راديو يبث اغنية "عبدالقادر يا بو علام ضاق الحال عليَّ" للمغنّي الشاب خالد وهو يقول "فلقتنا"، في حين تحمل زوجته صحيفة كتب عليها "استئناف الهرولة العربية". ودعا وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبدربه "الى وقف التطبيع العربي بكل اشكاله حتى يتحقق السلام الشامل". وقال في تصريح الى "الحياة": "نحن لا نعرف ما هو مبرر القيام بهذه الزيارة في هذا الوقت، إذ ان المستفيد الوحيد هو الجانب الاسرائيلي". واضاف ان "الاسرائيليين يحاولون اعطاء الانطباع بأن العالم العربي منفتح عليهم على رغم كل ما يقومون به من انتهاكات وتعطيل لعملية السلام"، مشيراً إلى أن الرأي العام الجزائري "لا يحتاج الي مثل هذه الزيارات في هذا الظرف الراهن للتعرف على حقيقة الاوضاع على الارض". وعلمت "الحياة" ان زوار اسرائيل الجزائريين لم يتصلوا مع أي جهة فلسطينية ولا ينوون زيارة اراضي السلطة. وفي الجزائر، انتقدت رئاسة الجمهورية في شدة زيارة الإعلاميين إلى إسرائيل. وأعلن الرئيس بوتفليقة تبرؤ الحكومة منهم، قائلاً: "نقول صراحة في الداخل والخارج: لا هم منا ولا نحن منهم". وأضاف بوتفليقة في تصريح بثته وكالة الأنباء الجزائرية أن الإعلاميين الجزائريين الذين يزورون إسرائيل ليسوا مخولين "التحدث باسم الشعب الجزائري أو حكومته، ولا الشعب الجزائري وحكومته يقبلان بما سولت لهم اليوم أنفسهم بطعن الشعب اللبناني الشقيق وخنجرة الشعب السوري الحبيب والدوس بالاقدام على الشعب الفلسطيني المجاهد الذى كان ولا يزال وسيظل في ضمائرنا ووجداننا". واعتبرت الرئاسة ان هذه الزيارة تعد "خيانة أخرى يعتبرها البعض اجتهاداً صائباً ولكن سواد الشعب الجزائري يعتبرها وصمة عار في تاريخ نضاله من أجل حرية وكرامة الشعوب جميعها عربية كانت أم غير عربية". وبحسب الرئيس بوتفليقة فإن الحكومة تدرج أعضاء الوفد ضمن قائمة الجزائريين الذين "اختلط عليهم الحابل بالنابل فأصبحوا لا يفرقون بين الغث والسمين وضاقت فيهم روح الوطنية وتشتت حولهم ما ورثوه من غيرة الشهداء على الاوطان وأصبحوا من منطلق مفهوم يخصهم ولا يلزمهم الا كأفراد من دون مساس بالمبادئ وكرامة الشعب الجزائري وضاعت في اذهانهم ما تمليه ثقافة الدولة من احترام لسيادة بلدهم وتقديس لحقوق وحريات الاشقاء فهرولوا هم الاخرون الى تل ابيب بانفسهم فرحين".