لم تفلح زيادة الانتاج التي اقرتها منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في اجتماعها في فيينا مساء اول من أمس في لجم اسعار النفط نظراً الى قناعة التجار في اسواق النفط الدولية بان الزيادة ومقدارها 708 آلاف برميل يومياً، لا تتجاوز ثلاثة في المئة من المعروض في السوق النفطية وبالتالي لن تكون قادرة على تخفيض الاسعار من المستويات الحالية. وكان خام القياس البريطاني "برنت" للعقود الآجلة تسليم آب اغسطس اغلق في بورصة النفط الدولية في لندن يوم الاربعاء، بعد تسرب انباء عن حجم زيادة الانتاج وقبل الاعلان عنها رسمياً، مرتفعاً 32 سنتاً الى 29.31 دولار للبرميل في ختام جلسة عاصفة تدنى السعر خلالها الى 28.58 دولار للبرميل وقفز في احدى مراحل التعامل الى 30.11 دولار. كما اغلق خام القياس الاميركي "غرب تكساس الوسيط" مرتفعاً 72 سنتاً الى 31.37 دولار للبرميل. وعلى رغم ان اسعار النفط تراجعت في لندن عند افتتاح السوق صباح أمس، الا ان الاسعار عاودت ارتفاعها في الساعات التالية من التعامل واضاف خام "برنت" بعد الظهر 63 سنتاً مسجلاً 29.96 دولار للبرميل. وقال محللون ان الزيادة الحذرة التي اقرتها "أوبك" ويبدأ تنفيذها اعتباراً من اول الشهر المقبل من غير المحتمل ان تكبح جماح الاسعار لتهبط الى مستوى 25 دولاراً للبرميل الذي تقول "أوبك" انها تهدف اليه. "الحياة" التقت في فيينا وزير النفط السعودي علي النعيمي ونظيريه الايراني بيجان زنقانه والقطري عبدالله العطية وتحدثت معهم في شأن الزيادة وسببها، على رغم ان جميع الدول المشاركة في المؤتمر الاستثنائي في فيينا يوم الاربعاء الماضي لم تر ان هناك أي نقص في المعروض النفطي في السوق، وتعتقد ان سبب الزيادة في الاسعار هو المضاربات في السوق وشح البنزين في السوق الاميركية نتيجة قوانين أميركية جديدة مكلفة لاصحاب المصافي الذين ينتظرون هبوط الاسعار لاعادة تكوين المخزونات. وقال النعيمي في حديث خاص ل"الحياة"، ورداً على سؤال عن سبب زيادة الانتاج بهذا المستوى على رغم ان "أوبك" اعتبرت قبل الاجتماع انه ليس هناك نقص في العرض في السوق: "هذا هو التقدير لحاجة السوق من النفط حسب ما نتلقاه من معلومات. واذا تغير الوضع سنتدخل في السوق، أي اذا رأينا اننا ننتج اكثر من حاجة السوق من النفط سنخفض الانتاج واذا كان تقديرنا ان الانتاج اقل من حاجة السوق سنرفعه. ليس هناك أي مشكلة بعد الآن. واذا كانت هناك حاجة لاجتماعات أكثر فسنجتمع". واكد رضاه عن الاجتماع قائلاً: "انا مرتاح تماماً لنتيجة الاجتماع". وعما اذا كان هناك احتمال لاجتماع آخر قبل 10 أيلول سبتمبر، موعد مؤتمر المنظمة المقبل، قال النعيمي: "لا، لأننا لا نظن أنه ستكون هناك حاجة. ونحن بكل الاحوال دائماً على اتصال". وتوقع النعيمي ان ترفع الدول المنتجة خارج "أوبك" انتاجها في اطار المعادلة الموجودة والمعروفة بين هذه الدول و"أوبك"، قائلا: "نحن رفعنا انتاجنا في الفترة الماضية بنحو 1.7 مليون برميل في اليوم والمكسيك والنروج رفعتا نحو 150 و100 الف برميل في اليوم على التوالي، فمن المتوقع ان ترفعا انتاجهما هذه المرة لأنهما متعاونتان". وعما اذا كان يعتقد ان اسعار النفط ستهبط الى مستوى 25 دولاراً للبرميل، افاد ان "25 دولاراً هو معدل للسعر، ونحن نقول ان الزيادة التي قررناها هي ما تحتاجه السوق لتكون الأسعار معتدلة. واذا لم يتحقق ذلك فلنتخذ قراراً آخر إما باتجاه رفع او تخفيض الانتاج حسب تطور السوق". ورداً على سؤال في شأن آلية الاسعار التي وضعتها "أوبك"، والتي تقترح رفع الانتاج اذا تجاو السعر 28 دولاراً للبرميل لمدة 20 يوماً او خفضه اذا هبط السعر ما دون 22 دولاراً للبرميل، وسواء كانت السعودية راضية عنها، أجاب النعيمي: "كل ما قلناه ان آلية الاسعار وضعت في وقت متسرع وتتطلب مراجعة وتعديلاً وتنقيحاً. وهذا كل ما قيل. ولا أحد قال رسمياً ان هذه الآلية غير مقبولة أو سيئة". وعن تنفيذ الآلية في ضوء الزيادة الأخيرة في الانتاج، افاد النعيمي: "اختلف الوضع حالياً. آلية الاسعار موجودة لكنها ليست مثلما كانت في الماضي فهي تؤدي الغرض نفسه. نحن نبحث عن معدل سعر مقداره 25 دولاراً للبرميل اذا امكن الامر". وعما اذا كان قرار زيادة الانتاج مرتبطاً بضغوط من الدول الغربية، قال النعيمي: "هذا غير صحيح، نحن لا نخضع لأي ضغوط". وقال وزير النفط الايراني بيجان زنقانه في لقاء مع الصحافيين أمس حضرته "الحياة" ان الزيادة الفعلية التي ستصل الاسواق بموجب قرار زيادة الانتاج 708 آلاف برميل يومياً هي 500 ألف برميل يومياً، معتبراً ان هناك تجاوزات في الانتاج مقدارها نحو 200 ألف برميل يومياً، مشيراً إلى ان المنظمة قررت الآن ان يكون الانتاج بمقدار 25.7 مليون برميل في اليوم. وأكد ان ايران تريد مستوى اسعار مستقراً، ولذلك ايدت اتفاق زيادة الانتاج. وقال زنقانه إن ايران تنتج حصتها ومقدارها 3.72 مليون برميل في اليوم، مشيراً إلى أن ما قيل عن وجود صعوبات تقنية تواجهها ايران لإنتاج هذه الكميات ليس صحيحاً. واضاف ان طاقة ايران الانتاجية تزيد على اربعة ملايين برميل يومياً. وتوقع ان تبلغ الزيادة في عائدات ايران النفطية نحو خمسة بلايين دولار السنة الجارية اذا بلغ متوسط سعر النفط 22 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أن الزيادة في العائدات بلغت بليوني دولار العام الماضي . ورفض الوزير الايراني الكشف عن اجمالي العائدات النفطية لبلاده. وكشف زنقانه ان ايرانوالكويت ستتفاوضان في شأن الحقل البحري آراش الذي تعتبره ايران حقلاً ايرانياً فيما تعتبر الكويت ان جزءاً منه يقع في اراضيها. وقال وزير النفط القطري عبدالله العطية في حديث خاص ل"الحياة" إن "أوبك اتخذت قرار زيادة الانتاج 708 آلاف برميل يومياً لأنها لاحظت ان هناك بعض الشح في العرض النفطي وارادت تغطية هذا العجز"، مشيراً الى ان "هناك عوامل اخرى أدت الى فرع الاسعار وليس فقط انتاج أوبك". وأضاف: "نحن لن نرفع انتاجنا للغرب فقط، فلدينا زبائن في آسيا وكل الدول. ونحن لا نصدر للولايات المتحدة ولا لأوروبا وسوقنا الطبيعية هي آسيا ونحن مهتمون ان تكون في هذه الاسواق اسعار مناسبة". وعن السعر المناسب قال العطية انه "ينبغي علينا ان نسعى ونحافظ على مستوى 25 دولاراً للبرميل، فهذا سعر جيد".