تنورين شمال لبنان - أ ف ب - تهدد ارز تنورين شمال لبنان حشرة مجهولة يمكن ان تقضي عليه بينما يبذل فريق لبناني - فرنسي جهوداً لمكافحتها. وتبدو غابة الأرز هذه، وهي الاكبر في لبنان اذ تضم نحو خمسين الف شجرة موزعة على ارتفاع يتفاوت بين 1500 متر و1800، في حال سيئة، ويظهر عدد من أشجارها اليابسة التي يبلغ عمر بعضها مئات السنين، بأغصانها المتهاوية، كأنها كافحت من دون جدوى من أجل البقاء. وأكد غي ديمولان مدير الابحاث في المعهد الوطني للابحاث الزراعية في افينيون لوكالة "فرانس برس": "انها لا تشكل اليوم اكثر من 15 في المئة من مساحة الغابة لكن عددها سيزداد بالتأكيد اذا لم تعالج جذرياً". وللسنة الثانية على التوالي وفي اطار اتفاق مدته ثلاثة اعوام مع وزارة الزراعة اللبنانية، يتعاون ديمولان على رأس فريق فرنسي مع خبيرين في الجامعة الاميركية في بيروت هما البروفسور نصري قعوار والعالم الخبير في الحشرات نبيل نمر للقضاء على هذه الحشرة التي تنتمي الى فصيلة النحل لكنها اصغر حجماً، وهي من غشائيات الاجنحة ولم يعثر على مثيل لها في غير لبنان، لذا اطلق عليها اسم "سيفالسيا تنورينينسيس" نسبة إلى تنورين. وأوضح نمر ان هذه الحشرة "تضع بيوضها في نهاية ايار مايو على البراعم التي تتشكل. واعتباراً من حزيران يونيو تظهر اليرقانات التي تكون صفراً في مرحلة اولى وتتغذى من رؤوس الاغصان التي تنمو وتمتص ما تحتاج إليه من الكلوروفيل حتى تصبح خضراً. وبعد ان تحصل على ما تحتاج إليه تهبط الى الارض بفضل خيط من اللعاب لتمضي فصل الشتاء على عمق 15 سنتيمتراً تحت الأرض في انتظار الموسم التالي، وقد اصابت 80 في المئة من الغابة، وبعدما عولجت في حزيران يونيو 1999 مرة اولى، تراجع عدد اليرقانات من 1200 في كل متر مربع واحد الى 400". وتُرش الأشجار بمادة تمنع نمو الحشرة وتؤدي الى موتها. ولكن اليرقانات يمكن ان تبقى مدفونة اكثر من ثلاثة أعوام ولا تعود الى الظهور الا اذا كان المناخ يلائمها. وقال ديمولان إن العلاج يجب أن يتكرر ثلاث مرات ليكون فاعلاً. وعلى مهبط اعد في تنورين، يحيط متطوعون من المنطقة بمروحية "الويت 2" مزودة نظاماً لنشر المواد الكيميائية بالرذاذ. وقال فضول فضول الذي يفاخر بجمال الجبل الذي تفوح منه رائحة البخور وتختبىء اديرة صغيرة بين أشجار البلوط التي يبلغ عمرها مئات السنين: "جئت اعرض مساعدتي. اخلط المادة وأضعها في خزان المروحية كل مرة تحط على المدرج". اما قائد الطائرة فيليب ريغورو فيرى ان العمل الذي استمر السبت والاحد الماضيين كان شاقاً. وقال إن "المنطقة وعرة جداً وليس من السهل الاقتراب من شجرة حتى مسافة خمسة امتار اثناء التحليق بسرعة 90 كلم في الساعة". وبعدما رش ثلاثين هكتاراً في عشرين دقيقة من التحليق، عاد ريغورو ليتفحص خريطة لغابة الأرز ويكتشف العلامات التي يحتاج اليها. وقال ضاحكاً: "أفعل ذلك مع انني قمت بطلعات استكشافية عدة الجمعة". وتنمو على اشجار الأرز بعدما أضعفها غزو هذه الحشرة، براعم تصبح سريعاً غذاء أمثل لعدد كبير من الحشرات. وقال نمر إن الضربة القاضية ستأتي من حشرة الخاشب التي تأكل الخشب ويصعب القضاء عليها، موضحاً ان وجودها يعني بلوغ الإصابة مرحلة متقدمة. ومع ذلك، يغلب على الخبراء التفاؤل. وقال ديمولان ان "الشتاء الماضي الذي كان مثلجاً ورطباً قلص من حجم الحشرات المضرة ما يجعل القضاء عليها اكثر سهولة". لكنه دعا إلى متابعة تطورات "سيفالسيا تنورينينسيس" التي ما زال عدد كبير من صفاتها مجهولاً، وإلى وضع شبكة المعلومات المناخية التي لا بد منها لوقف اصابة غابات الأرز النادرة التي ما زالت حية حتى الآن في لبنان.