تخرج من قسم الإخراج في المعهد العالي للسينما عام 1966 وقدم افلاماً تسجيلية بسيطة الى جانب فيلم للاطفال في عنوان "السندباد الاخضر" وفيلم روائي قصير "فرح زهران"، وقدم عدداً كبيراً من المسلسلات التلفزيونية والافلام التي تعتبر من العلامات البارزة نقل بعضها عن أعمال روائية لكبار الكتاب وتميزت جميعاً بقدرتها الفائقة على التعبير بلغة بليغة صادقة صادرة عن رؤية عميقة، ووعي الفرق بين لغة الادب ولغة الدراما، وابرز هذه الاعمال "حمام الملاطيلي" و"السقا مات" و"المواطن مصري" للمخرج صلاح ابو سيف، و"اسكندرية ليه" ليوسف شاهين، و"قهوة المواردي" لهشام ابو النصر، و"ايوب" و"عندما يأتي المساء" لهاني لاشين، و"قلب الليل" لعاطف الطيب، الى جانب مسلسلات "العطش" و"اللص والكلاب" و"عيلة الدوغري" و"لسة بحلم بيوم" و"ليلة القبض على فاطمة" و"الثلاثية" و"الحرافيش" و"الحاوي" وغيرها، كما أسهم بدور بارز في نشر الثقافة السينمائية في الاقاليم كمحاضر في نوادي السينما المنتشرة في مصر، ودوره في انشاء وتجهيز قصر السينما المتخصص، وكان اول مدير له عام 1988. "الحياة" التقته في مكتبه في شارع الهرم ووجدت على الجدران صوراً تجمعه والاديب نجيب محفوظ. وسألته عن اسباب تحوله من الاخراج الى التأليف وعمله أستاذاً زائراً في معهد السينما وعلاقته بنجيب محفوظ وآخر اعماله. تخرجت من قسم الإخراج، وبرزت في التأليف للسينما والتلفزيون ما السبب؟ - بعد تخرجي التحقت بالقوات المسلحة ضابط احتياط من 1968 الى 1974، واثناء وجودي في الجيش كتبت سهرة في عنوان "الديابة" اخرجتها علوية زكي، وكذلك اول افلامي "حمام الملاطيلي" وعقب تخرجي كتبت فيلم "السقا مات" فأكملت مشوار الكتابة. وما افادتك دراسة الاخراج في كتابة السيناريو؟ - السيناريو هو الفيلم مكتوب على الورق، وعندما يكون الفيلم لغة الصورة فأنت تكتب بعين مخرج يدرك كل التفاصيل. ودراستي الاخراج افادتني في كيفية توظيف العناصر لخدمة دراما الفيلم. ولماذا ابتعدت عن الكتابة للسينما منذ فيلمك "المواطن مصري" عام 1990؟ - لم ابتعد عن السينما، لأن الفيلم بالنسبة إلي كتاب يحفظ في مكتبة الامة وبالتالي لا بد من التأني فيه تماماً، ولا يجب تقويم فيلم الا اذا كان لدي شيء اريد قوله بهذه اللغة العالمية الراقية. صحيح ان عدد افلامي قليل ولكنني لم ولن ابتعد عنها. وضعت سيناريوات وحوارات روايات كتاب كبار، هل يوجد اختلاف بين كونك صاحب القصة وبين كونها لروائي او اديب؟. - أكتب من منظور سياسي، ولي وجهة نظر في الحياة أطرحها من خلال اللغة التي اجيدها وهي السينما والتلفزيون، ولو انني وجدت مقولة في قصة قصيرة او مسرحية او حتى في خبر في جريدة له في اطار ما انا مؤمن به أحولها الى عمل سينمائي. وما القيمة في ان يكون الفيلم عن عمل أدبي؟ - القيمة في انني استطيع تقديم عبق العمل الادبي، الى جانب اللغة السينمائية لأنه لا شك وانت تقرأ لنجيب محفوظ او يوسف ادريس، او غيرهما، هناك بين السطور ما لم يكتب، واذا كنت قادراً على قراءة هذا اللا مكتوب فهذه متعة مضافة الى متعة كتابة السيناريو، ومتعة للمتلقي في ما اظن مزدوجة، وهي ان يقرأ محفوظ او ادريس على الشاشة. بحكم تميزك في كتابة السيناريو وعملك أستاذاً في قسم السيناريو في معهد السينما ما مواصفات كاتب السيناريو الجيد؟ - ان يكون لديه ما يقوله للناس وله اتجاه اياً كان هذا الاتجاه لتكمل اعماله بعضها بعضاً وتصل في النهاية الى مقولة يكون قد عاش من اجلها، وهذه نقطة شديدة الاهمية في كاتب السيناريو الجيد، وان يكون متمكناً من ادواته ومفرداته بمعنى ان يجيد التحدث بلغة السينما "الصورة والدراما والايقاع"، وان تكون له خبرة حياتية تستطيع التقاط التفاصيل، لأن السيناريو مجموعة من التفاصيل الى جانب ان يكون مستوعباً جيداً لعلم الدراما ومشتقاته من العلوم الانسانية الاخرى. وما يميزك عن غيرك؟ - العناصر الاربعة السابقة التي ذكرتها لك قد تكون موجودة لدينا بنسب متفاوتة، ولكن المفهوم واحد، واتصور انه يمكن أن أكون معتزاً بمسيرتي الى الآن، في انني لم اكذب ابداً في اي عمل كتبته الى جانب انني لم اكتب لحساب اي جهة او هيئة ورأيي نابع مني، وبصدق واحساس صحيح لأن عمر ما اكتبه اطول من عمري. عندما يذكر اسم محسن زايد تظهر صورة الاديب نجيب محفوظ. هل لنا ان نعرف مدى العلاقة بينكما؟ - مجرد توجيه سؤالك إلي شرف لم اكن اطمح في الوصول اليه لأنني من عشاق أدب محفوظ، تعلمت من أدبه الكثير في فن السيناريو، واجد نفسي فنياً وفكرياً في اعماله لذا فإن غالبية اعمالي عن روايات وقصص له، الى جانب انه تربطنا وحدة المنشأ والبيئة، وان اختلف الزمن وما زلت حريصاً على الجلوس اليه بشكل دوري كل اسبوع كي انهل منه المزيد. هل تمنيت ان تكون اديباً؟ - اعتقد ان ادباءنا المعاصرين يتمنون الوصول الى الناس من خلال السيناريو، ونظراً الى الأمية الثقافية السائدة في عالمنا العربي في العصر الذي نعيشه جعل وسيلة التلفزيون والسينما اسرع في الوصول الى الناس واكثر انتشاراً. فإن كنت تتمنى نشر فكرتك فلديك وسيط. وسبق وحاولت ان أكون اديباً من خلال مجموعتي القصصية "حين اجتازت صفية الباب" التي صدرت عام 1996 وكان رد الفعل محبطاً، ومازلت احلم بأن تطبع السيناريوهات في كتب كما يحدث في اوروبا خصوصا اذا كانت تكتب بطريقة ادبية. على رغم مئات الساعات من الدراما التي نشاهدها على مدار العام الا ان الاعمال المتميزة والبارزة ما زالت لأصحابها المعروفين الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين لماذا؟ - هذه ظاهرة مؤسفة لأنها تنبه الى قضية خطيرة هي قضية تفريخ كتاب سيناريو جدد يقومون بإثراء الشاشات التي تعاظمت وتكاثرت في الفترة الاخيرة بأدب تلفزيوني مصري وعربي، ومعهد السينما يخرج سنوياً ما بين 3 و5 اشخاص من قسم السيناريو وعندما يأخذون حقهم ودورهم في الممارسة العملية يكونون قد ضلوا الطريق لأن ما يتعلمونه شيء والقيم السائدة في السوق شيء آخر. وبعضهم الآخر يتجه الى الكتابة من الباطن اي في ورش السيناريو؟ - هؤلاء يفعلون ذلك ليتقوتوا، ويعيشوا وبعضهم يكلف بترجمة بعض الأفلام الاجنبية الى شريط فيديو مُمصّر. إذاً المشكلة ستبقى قائمة؟. - معهد السينما الجهة الوحيدة التي تخرّج دارسين، والمسؤولون في التلفزيون يهتمون بشراء احدث المعدات والاجهزة ولا يوجد ربع هذا الاهتمام بتخريج جيل من الكُتاب ولو بتبني المواهب الادبية في الاقاليم والقاهرة الكبرى، وينظمون دورات لهم ويعطونهم الفرصة وهذه الاقلام الجديدة ستجدد الحياة في عين المشاهد. وهذه النقطة بدأت تنتبه اليها بعض المحطات العربية واتصل بعضهم بي لأسافر وألقي محاضرات في السيناريو على دراسين في هذه البلدان. وما رأيك في ورش السيناريو التي نسمع عنها في مصر؟ - انها عمل غير مشروع، واقرب الى الدعارة لا تأتي الى فتاة شريفة وتطلب منها العمل فتاة ليل لفترة موقتة ثم تصبح حرة بعد ذلك وما يحدث تخريب للكفاءات على رغم ان ممارسي هذه المسألة يتحججون بأن هذا النظام متبع في اميركا، وهم لا يعرفون شيئاً عما يتحدثون عنه. الورش في مصر عبارة عن كبير اللصوص الذي يقوم بجمع مجموعة من الصبية ويستولي على قوتهم العقلية والمادية وهذا شيء لا أخلاقي. هل أنت مع ظاهرة تحويل الافلام القديمة الناجحة الى مسلسلات؟ - هذه الظاهرة نتاج عوامل كثيرة جداً، أبرزها اللعب على المضمون، وهو نوع من اصطياد نجاح الآخرين الى جانب ان المحطات تشتري بالدقيقة، فكلما زاد عدد الساعات زادت الاموال التي تدخل جيوب العاملين، بدءا من المنتج الى اصغر عامل في العمل الفني، ومعيار الدقيقة في العمل الفني التلفزيوني مدمر لأنه هو الذي خلق الترهل الدرامي الذي نشاهده، ولا بد من ايجاد معيار آخر للتقويم، لأن هذه المسألة تعبر عن خلل في نظام الانتاج والتسويق. وما أخبار مشروع كتابتك مسلسلاً مشتركاً مع أسامة أنور عكاشة؟ - المشروع قائم في وجداننا، كان تبناه ممدوح الليثي، رئيس قطاع الانتاج السابق، على ان نكتب مسلسلاً متصلاً، عكاشة يكتب حلقة وانا اكتب التالية وهكذا. وكنا متحمسين للفكرة على اساس امتاع المشاهد بمباراة في التأليف. وكان لدينا امل ان تكون مشوقة ونلقي فيها الضوء على قيمة التأليف. ولكن للاسف توقف المشروع بخروج الليثي من القطاع وانشغالنا بارتباطات اخرى. قيل انك ستكتفي بكتابة الجزء الثاني من مسلسل "الحرافيش" على رغم انك كنت تنوي تقديمه في عشرة اجزاء؟ - بالفعل انتهي حاليا من كتابة الجزء الثاني الذي يحمل عنوان "شمس الدين" وكان الجزء الاول بعنوان "عاشور الناجي" وافتقد الى الحماس تماماً في اكمال باقي الاجزاء.