استؤنفت امس المحادثات الفلسطينية - الاسرائيلية بعد ان تمكن اجتماع الرئيسين بيل كلينتون وياسر عرفات من تجاوز مشكلة المرحلة الثالثة من الانسحاب من الضفة الغربية. وكاد الخلاف في شأن رفض اسرائيل تنفيذ الانسحاب في موعده المحدد في 23 حزيران يونيو الجاري كحد اقصى، ان يفجر المفاوضات في واشنطن، الا ان كلينتون نجح في تأجيل البحث في هذا الموضوع الى الاسبوع المقبل حين يتوجه المبعوث الاميركي دنيس روس ومن بعده وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت الى المنطقة للبحث في هذه المسألة وفي امكان عقد قمة ثلاثية فلسطينية - اميركية - اسرائيلية على غرار كمب ديفيد للتوصل الى اتفاق على القضايا النهائية. وكان عرفات عقد اجتماعا دام اكثر من ثلاث ساعات مع كلينتون اعلن بعده ان باراك "لا يملك الرغبة في العمل معنا من اجل التوصل الى سلام شامل في المنطقة". وقال مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينه ان عرفات أكد لكلينتون في اللقاء تمسكه بقضيتي القدس واللاجئين، مشيرا الى ان "القدس ليست قضية فلسطينية فحسب وانما قضية عربية اسلامية مسيحية ولا يستطيع احد بما في ذلك انا عرفات توقيع اتفاق يستثني القدس". وقال مسؤول فلسطيني ان عرفات اعطى تعليمات لوفده المفاوض بالضغط على اسرائيل من اجل الحصول على اجوبة في شأن اطلاق 230 معتقلا فلسطينيا في غضون 10 ايام، كما طلب منهم التمسك بتنفيذ الانسحاب الثالث في موعده الاسبوع المقبل. وكان اقتراح اسرائيل اطلاق 3 معتقلين فلسطينيين اغضب الوفد الفلسطيني المفاوض ودفعه الى تعليق المفاوضات الانتقالية قبل اعلان استئنافها لاحقا. واعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان روس سيتوجه الى المنطقة مطلع الاسبوع المقبل وتلحق به اولبرايت نهاية الاسبوع. واوضح الناطق باسم الوزارة ريتشارد بوشر ان "الهدف من الزيارة معرفة هل من المفيد عقد قمة في هذا الوقت او اذا كنا نحتاج الى متابعة المفاوضات"، موضحا ان اولبرايت تحدثت هاتفيا اول من امس مع باراك. وقبل ان يغادر الرئيس الفلسطيني واشنطن متوجها الى جنيف، عقد في قاعدة اندروز ليل الخميس - الجمعة لقاء مع رئيس الوفد الاسرائيلي المفاوض شلومو بن عامي وصفه الناطق باسم السفير الاسرائيلي مارك ريغيف بانه كان جديا. وما زالت الادارة الاميركية تحاول تأمين الحد الادنى من تقريب وجهات النظر قبل الدعوة الى اجتماع قمة في واشنطن على غرار كمب ديفيد بين مصر واسرائيل. وتخشى الادارة الاميركية الا تؤدي هذه القمة الموعودة الى النتائج المرجوة، مما قد يشكل اهانة للرئيس الاميركي خصوصا انها ستكون خاتمة عهده. من جهة اخرى، لم تنجح القمة التي عقدت بين عرفات وكلينتون في خفض التشاوم لدى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ازاء فرص احراز تقدم في المحادثات بين الجانبين. وقال المحلل الفلسطيني غسان الخطيب لوكالة "فرانس برس": "لن تتمكن اولبرايت من القيام بما عجز كلينتون عن القيام به والوضع سيبقى على الارجح على ما هو عليه". وفسر تشاؤمه بالقول: "ان الهوة بين الطرفين لا تزال عميقة جدا ومن الصعب على قمة ثلاثية في الوقت الحاضر ان تذلل الخلافات القائمة في شأن القدس وحدود الدولة الفلسطينية المقبلة وحق العودة للاجئين ومصير المستوطنات". واضاف ان "االفلسطينيين غير متحمسين لقمة من هذا النوع في الوقت الحاضر لانهم يعتقدون ان ما توصلت اليه المفاوضات حتى الان غير كاف لانجاح هذه القمة". الا ان المسؤولين الاسرائيليين لا يرون ذلك. اذ صرح وزير الامن الداخلي شلومو بن عامي الذي يرأس الوفد الاسرائيلي الى مفاوضات واشنطن لصحيفة "معاريف" في عددها الصادر امس ان "الظروف مواتية لاتخاذ قرارات على مستوى القمة ... ولا فائدة من اي تأخير يمكن ان يؤدي الى ازمات". وقبل الحديث عن اي قمة، يتعين على اولبرايت ان تجد حلا لازمة جديدة يمكن ان تعرقل المفاوضات برمتها وهي مسألة الانسحاب الاسرائيلي الثالث والاخير في اطار اتفاقات اوسلو عام 1993. وقال الخطيب ان "الفلسطينيين يصرون على الانسحاب الثالث لانه جزء لا يتجزأ من اتفاقات موقعة مع اسرائيل. انهم يعتبرونه شيكا يريدون تحصيله". وشدد الفلسطينيون في واشنطن على رفض التوقيع على اتفاق - اطار في شأن الوضع النهائي للاراضي الفلسطينية ما لم يتم الانسحاب الثالث اولا. ويعتبرون انه بموجب هذا الانسحاب يفترض ان ان يبسطوا سلطتهم على 90 في المئة من الاراضي الفلسطينية مقابل 40 في المئة فقط في الوقت الحاضر، علما ان الاتفاقات لا تكشف عن ارقام او نسب. لكن باراك الذي اضعفته ازمة حكومية الى حد كبير، يريد الان ارجاء هذا الانسحاب لدمجه بالاتفاق النهائي. وقال الخبير الاسرائيلي جوزف الفر: "من وجهة نظر محض اسرائيلية فان باراك على حق لانه يريد بيع" هذا الانسحاب للرأي العام في اسرائيل. واضاف: "قد ينجح في ذلك في حال جاء الانسحاب في اطار اتفاق شامل وليس في اطار اتفاق احادي الجانب خصوصا مع الازمة الحكومية الحالية في اسرائيل". وبمواجهة التمسك الفلسطيني بهذه النقطة، هدد المحيطون بباراك بان اسرائيل قد توافق على الانسحاب الا انه لن يكون في هذه الحالة اكثر من واحد في المئة. وحذر الخبير الاسرائيلي الفر قائلا: "اذا كانت النسبة واحدا في المئة وحتى عشرة في المئة فستكون هناك ازمة بالتأكيد".