تسارعت امس وتيرة الاتصالات والمشاورات لتشكيل حكومة جديدة في الاردن بعدما ساهمت تسريبات صحافية، اول من امس، في تقديم موعد استقالة حكومة رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة الى الاسبوع المقبل. وقالت مصادر موثوق بها انها تتوقع استقالة الحكومة في موعد اقصاه يوم الثلثاء، فيما بدأ النائب علي ابو الراغب مشاورات لتشكيل حكومة جديدة رغم انه لم يعلن حتى الآن عن تكليفه رسمياً. واكدت المصادر ان انتشار نبأ التغيير الحكومي الذي كان متوقعاً اصلاً اواخر الشهر الجاري ساهم في تقديم موعد التغيير بسبب عدم قدرة الحكومة على الاستمرار فترة طويلة بعدما نشرت الصحف الحكومية الرسمية نبأ التغيير الوزاري وترجيح تكليف ابو الراغب، وعدم صدور اي اشارات من الملك عبدالله الثاني الى ان الحكومة مستمرة. وعقد مجلس الوزراء جلسة غير عادية صباح امس برئاسة الروابدة لم يعلن عما دار فيها، غادر بعدها الوزراء الى منازلهم بدلاً من العودة الى الدوام في وزاراتهم. وتداولت الاوساط السياسية والاعلامية والشعبية اسماء شخصيات مرشحة لتسلم مناصب وزارية. واكدت مراجع سياسية ان خمسة وزراء حاليين على الاقل سيحتفظون بمناصبهم، بينهم وزراء كان تم تعيينهم في تعديل وزاري اجري على الحكومة قبل بضعة شهور، فيما يتوقع ان يشارك وزراء سابقون وشباب وامرأة واحدة في الحكومة الجديدة. والتزمت حكومة الروابدة الصمت ازاء التطورات الجارية من دون التعليق عليها نفياً او تأكيداً، فيما اوحت الاحداث بأن الحكومة فوجئت بقرار رحيلها الذي تبلغته عبر وسائل الاعلام. وكانت "العرب اليوم" اليومية و"شيحان" الاسبوعية القريبتان من الروابدة الصحيفتين الوحيدتين اللتين نفتا وجود تغيير وزاري. وقال الدكتور مروان معشر، السفيرالاردني في واشنطن، ان الملك عبدالله قدم خلال زيارته الاخيرة الى الولاياتالمتحدة "رؤى جديدة لماهية الاردن الذي يريده، مجدداً التزام تعميق الديموقراطية واستقلال القضاء وحرية الصحافة، ونقل ملكيتها من ملكية الحكومة الى القطاع الخاص". واضاف المعشر في تصريحات صحافية ان خطاب العاهل الاردني في اتلانتا "وضع خط سير واضحاً لأردن المستقبل الذي تتكافأ فيه الفرص للجميع وتنتفي منه الامتيازات الخاصة"، في اشارة واضحة وقوية الى نيته بناء اردن "يحتوي جميع ابناءه وتتساوى فيه حقوق الجميع"، والى ان التنمية والاصلاح الاقتصادي "لا يمكنهما ان يتحققا من دون اصلاح سياسي". ويجمع المحللون على ان ابو الراغب 54 عاماً الذي شغل مناصب وزارية في حكومتين سابقتين وفاز بمقعد نيابي مرتين، قادر على ضمان تعاون اكبر مع البرلمان وعلى تنفيس الاحتقانات التي تراكمت خلال الفترة الماضية. ومن المتوقع ان يشرف ابو الراغب على تغييرات متوقعة على صعيد الاصلاح السياسي المرتبط بكسر الاحتكار الحكومي لوسائل الاعلام الاردنية وتعديل قانون الانتخاب واجراء انتخابات نزيهة. ويعتبر ابو الراغب، الذي عهد اليه الملك برسم خطة لتحويل العقبة الى منطقة اقتصادية حرة، من الوجوه الليبرالية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهو من ابرز مؤيدي برنامج اعادة هيكلة الاقتصاد وخصخصة مؤسسات القطاع العام والاصلاح الاداري. وقال مرجع سياسي ان ابو الراغب "ينسجم انسجاماً كاملاً مع طروحات الملك وتفكيره في ما يخص التحول الى اقتصاد السوق ومبدأ المساواة والمشاركة الديموقراطية".