تعرض تيار الاصلاح والتحديث في الاردن لضربة جديدة امس باستقالة نائبة رئيس الوزراء وزيرة التخطيط ريما خلف الهنيدي، التي كانت المسؤولة الاولى عن الملف الاقتصادي، إثر تفاقم الخلافات بينها وبين رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة حول اصلاحات اقتصادية وادارية. وجاءت استقالة الوزيرة بعد ستة اسابيع من اجراء تعديل وزاري على الحكومة كان اعقب استقالة رئيس الديوان الملكي السيد عبدالكريم الكباريتي الذي يعتبر من ابرز رموز الاصلاح الليبرالي، وكذلك استقالة وزير النقل السيد ناصر اللوزي الذي ينتمي الى التيار نفسه. ووصف مرجع سياسي استقالة الهنيدي بأنها "حلقة مؤلمة جديدة في مسلسل انسحاب التيار الاصلاحي في مواجهة التيار المناوىء للإصلاح الذي يسيطر على مؤسسات الدولة". وكان الكباريتي اختار الانسحاب من منصبه بعدما وصل الى قناعة بأن بقاءه لم يعد مجديا في مواجهة ما وصفه قريبون بأنه "عملية احباط منظم للبرنامج الاصلاحي الذي يقوده الملك". وفيما سعى الناطقون باسم الحكومة الى التقليل من اهمية استقالة خلف وتصويرها على انها "خلاف شخصي" على "موظف" في وزارتها، ذكرت مصادر موثوق بها ان الخلافات بين خلف والروابدة تعود الى استمرار محاولات الروابدة تعطيل تنفيذ قرارات اصلاحية في صلب عملها كوزيرة للتخطيط وعضوة اولى في المجلس الاقتصادي الاستشاري الذي يرأسه الملك، ورئيسة للجنة التنمية ورئيسة لهيئة التخاصية. وقالت المصادر إن المجلس الاقتصادي الاستشاري، الذي يضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص، قدم حتى الآن 42 توصية للحكومة لإجراء اصلاحات اقتصادية وادارية لم تنفذ الحكومة منها سوى توصية واحدة هي تعطيل الدوائر الرسمية يومي الجمعة والسبت بدلاً من يومي الخميس والجمعة. اقالة مدير الامن وعقد الروابدة صباح امس جلسة طارئة لمجلس الوزراء تم خلالها قبول استقالة ريما خلف واحالة اللواء نصوح محي الدين، مدير الامن العام وستة من كبار ضباط الامن العام الى التقاعد. وتم تعيين اللواء فواز الظاهر، وهو مدير سابق لشرطة البادية وضابط في القوات المسلحة، بدلاً منه. ويتمتع اللواء محي الدين بإحترام كبير في الاوساط الاردنية بعد اصلاحات اجراها في مختلف الدوائر التابعة له، خصوصاً في دائرتي الاحوال المدنية والجوازات ودائرة السير. كما تمكن من اقامة علاقات تعاون طيبة مع نظرائه في الدول العربية خصوصاً في السعودية. ولفت مراقبون الى ان مدير الامن العام اقدم قبل ايام على ادراج الشرطة النسائية ضمن شرطة المرور في سابقة لاقت استحساناً وترحيباً كبيرين بين المواطنين. واكد الروابدة في تصريح رسمي انه يقدر للدكتورة خلف الهنيدي "الجهود التي بذلتها خلال عملها في الحكومة واخلاصها في القيام بواجبها". وتم تعيين الدكتور محمد الحلايقة وزير الصناعة والتجارة وزيرا للتخطيط بالوكالة. وتشكل استقالة نائبة رئيس الوزراء، وهي الثالثة في حكومته، انتكاسة اخرى لحكومة الروابدة في إطار مؤشرات الى وجود خلافات غير قابلة للتوفيق داخل الفريق الحكومي. وقالت مصادر إن الروابدة كان تمكن من احتواء خلاف مع نائبه الثاني السيد مروان الحمود الذي كان هدد بالاستقالة اول من امس، لكن قريبين من الحمود نفوا في وقت لاحق نيته الاستقالة. واعرب نائب ليبرالي طلب عدم ذكر اسمه عن اسفه ازاء تراجع نفوذ الاصلاحيين في الاردن ونجاح المحافظين في احكام قبضتهم على السلطة فيما تتجه دول اخرى في المنطقة، مثل ايران، الى مزيد من النجاحات لتيار الاصلاح.