ظهرت بوادر خلاف جديد داخل تنظيم "الجماعة الاسلامية" في مصر بعدما سحب زعيم الجماعة الدكتور عمر عبدالرحمن، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في احد السجون الاميركية، تأييده لمبادرة سلمية اطلقها في تموز يوليو العام 1997 القادة التاريخيون للتنظيم الذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات. في حين اكد مؤسس "الجماعة" المهندس صلاح هاشم الذي يقيم في محافظة سوهاج ان مسؤول مجلس شورى التنظيم مصطفى حمزة وزملاءه من اعضاء المجلس وكذلك القادة التاريخيين "لا يزالون على موقفهم من المبادرة ولم يغيروه"، وقال هاشم ل "الحياة" انه تلقى قبل ايام اتصالاً من حمزة اكد خلاله الأخير أن قرار وقف العمليات العسكرية "اختيار استراتيجي لن تحيد الجماعة عنه"، مشيراً الى انه زار القادة قبل ايام في السجن فلم يجد اي تغيير في موقفهم. وأوضح هاشم أن ما طرحه عبدالرحمن "مجرد مراجعات بغرض المناقشة والدراسة من مجلس الشورى ولم يتخذ بشأنها أي قرار بعد"، مؤكداً تمسكه وزملاؤه "بدعم المبادرة". وتعيش "الجماعة الاسلامية"، منذ اطلاق المبادرة، تفاعلات وخلافات بين فريقين، الاول يتزعمه حمزة ويمثل غالبية كانت وراء قرار اصدره التنظيم في آذار مارس من العام الماضي قضى بوقف شامل للعمليات والعسكرية داخل وخارج مصر. في حين يتزعم القيادي البارز رفاعي أحمد طه جناحاً متشدداً يرفض المبادرة ويرى انها لم تحقق شيئاً للجماعة، وجاء موقف عبدالرحمن ليصب في مصلحة طه. وكان التنظيم شهد في تشرين الثاني نوفمبر الماضي تغييرات في مواقعه القيادية إذ تولى حمزة موقع مسؤول مجلس الشورى وهو موقع الذي كان يحتله طه الذي لوحظ انه اصدر أخيراً بيانات تحمل توقيعه من دون صفة تنظيمية وتضمنت هجوماً عنيفاً ضد الحكومة. وبرر عبدالرحمن موقفه الجديد بأن "المبادرة لم تحقق نتائج ايجابية". واعلنت محامية عبدالرحمن في نيويورك لين ستيوارت ان موكلها كتب قبل اسبوعين بياناً سلمه اليها عندما زارته في سجن ولاية مينيسوتا، وقالت ستيوارت في اتصال هاتفي مع "الحياة" في القاهرة امس ان عبدالرحمن رد في بيانه على تصريحات كان ادلى بها القنصل المصري السابق في نيويورك السفير سامح ضرار، ذكر فيها ان الشيخ "يعامل معاملة حسنة وفوق الحسنة في سجنه الاميركي" وانه واتباعه "عملاء لأميركا"، وان الحكومة الاميركية "تحسن التكفل بأصدقائها". وتساءل عبدالرحمن في بيانه "هل من المعاملة الحسنة وفوق الحسنة ان احرم من الاذاعة والصحف وان احرم من قارئ يقرأ لي الكتب والصحف او يقرأ لي خطاباً او يكتب لي خطاباً، وان احرم من اداء صلاة الجمعة، او الصلاة في جماعة، والا يخبروني بأول أيام شهر رمضان ونهايته وايام العيد، وان اظل حبيس لا يكلمني احد او اكلم احداً 24 ساعة في اليوم؟!"، واضاف: "هل من المعاملة الحسنة وفوق الحسنة ان اصنف ضمن المجانين واقيم في جانبهم وانا العالم الازهري الدي درس ودرّس الإسلام قرابة 40 سنة، وان يسلطوا علي روائح وغازات ضارة تحدث لي آلاماً شديدة، وان يتم ضربي والاعتداء علي بواسطة موظفين حكوميين، وان يلقوا بي الى الارض ويكيلوا لي الضربات، وان احرم من زيارة اهلي واصدقائي ومراسلي وسائل الاعلام وان تسلط علي الكاميرات بالصوت والصورة على مدى 24 ساعة وان تسلط ايضاً على اهلي اثناء الزيارة الوحيدة التي سمحوا بها لهم خلال 5 سنوات". وكانت زوجة الشيخ وشقيقه زاراه العام الماضي في سجنه، لكن السلطات الاميركية رفضت ان يتم اللقاء مباشرة ووضعت حاجزاً زجاجياً بين الطرفين. واضاف عبدالرحمن: "أنني اسحب تأييدي لمبادرة وقف العمليات لأننا لم نجن منها الا الفرقة. والواضح ان الحكومة لا تزال مستمرة في نهجها. فالمحاكمات العسكرية مستمرة واحكام الاعدام لا تزال تصدر وتنفذ، والسجون مملوءة". ونصح اتباعه من قادة التنظيم "ألا يعلقوا آمالاً او يتشبسوا بآمال واهية من المبادرة". وأنهى بيانه بالقول انه "ثابت على مبادئه ولن افرط في الامانة التي القاها الله على عاتقي كعالم من علماء الأمة ... سأستمر في قول الحق ما استطعت الى ذلك سبيلاً حتى وإن كان ثمن قولة الحق هذه موتي في سجون اميركا". وكانت محكمة فيديرالية قضت عام 1995 بالسجن مدى الحياة في حق عبدالرحمن واصولي آخر هو سيد نصير الذي كان حصل على البراءة العام 1990 في قضية اغتيال الحاخام الاسرائيلي مائير كاهانا. كما قضت بالسجن لمدد تراوح ما بين 25 الى 57 سنة في حق ثمانية متهمين اخرين بعدما دانتهم بأنهم "تورطوا في مؤامرة واسعة النطاق تضمنت تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك في 26 شباط فبراير 1993 والتخطيط لنسف مقر الاممالمتحدة وجسور وانفاق مؤدية الى نيويورك والاعداد لتنفيذ محاولة لاغتيال الرئيس حسني مبارك اثناء زيارة له لاميركا في العام نفسه".