بدأ اثنان من أبرز الإسلاميين المصريين جهوداً تهدف الى وقف تدهور الأوضاع داخل تنظيم "الجماعة الإسلامية"، ومحاولة تجاوز الخلافات التي ظهرت على السطح أخيراً بين عدد من قادة الجماعة، على رأسهم المتهم الرئيسي في قضية محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك، التي جرت العام 1996 في أديس أبابا، مصطفى حمزة أبو حازم، واسامة رشدي ابو مصعب المقيم في هولندا، ومحمد شوقي الاسلامبولي أبو جعفر شقيق خالد الاسلامبولي قاتل الرئيس الراحل أنور السادات من جانب، ومسؤول مجلس شورى التنظيم رفاعي أحمد طه من جانب آخر. وبعث محامي التنظيم في مصر منتصر الزيات وأحد مؤسسي "الجماعة" المهندس صلاح هاشم أمس رسائل الى الطرفين، حصلت "الحياة" على نسخة منها يناشدان فيها "جميع الأخوة أطراف الأزمة وقف التصريحات الصحافية فوراً وإتاحة الفرصة للتوصل الى حل يرضي جميع الأطراف". وكانت الأزمة برزت بقوة الأسبوع الماضي إثر نشر الطرفين بيانات ومقالات حوت معلومات دقيقة عن الهيكل التنظيمي للجماعة وما يدور داخلها، ما كشف صراعات جرت طوال السنة بين الطرفين. وعلمت "الحياة" أن الزيات سيزور سجن طرة للقاء القادة التاريخيين للتنظيم الذين يمضون عقوبة السجن في قضية اغتيال السادات والذين يمثل عدد منهم الغالبية في "مجلس شورى الجماعة"،. وتسببت الخلافات بين قادة التنظيم المقيمين في الخارج في مخاوف من عودة أعمال العنف في مصر، في حال انتهائها في مصلحة المتشددين، لكن مصادر قريبة من "الجماعة" أكدت ل"الحياة" أن موقف الجماعة "يستند الى استمرار العمل بقرار أصدره مجلس شورى التنظيم في آذار مارس الماضي وقضى بوقف شامل للعمليات العسكرية داخل مصر وخارجها". واستغربت المصادر نفسها تحليلات فسرت ما جاء في مقالات وأحاديث لطه على أنها تهديدات واشارات الى احتمال عودة التنظيم الى اعتماد سياسة العنف. وشددت على أن مواقف الجماعة "لا تعبر عنها إلا البيانات التي تحمل توقيعها". ويضم مجلس شورى التنظيم خمسة من قادته مقيمين في الخارج هم رفاعي طه ومصطفى حمزة وعبدالآخر حماد واسامة رشدي ومحمد شوقي الاسلامبولي، اضافة الى القادة التاريخيين الموجودين داخل سجن طرة كرم زهدي وعصام دربالة وناجح ابراهيم واسامة حافظ وحمدي عبدالرحمن وعبود الزمر وطارق الزمر وعلي الشريف، فيما يحتفظ الشيخ عمر عبدالرحمن الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في احد السجون الاميركية بموقعه التنظيمي داخل المجلس. لكن طه هو الوحيد من بين قادة التنظيم المقيمين في الخارج الذي دخل المجلس منذ تأسيس الجماعة، ما أعطاه ثقلاً لفترة طويلة في حين دخله الأربعة الباقون في مراحل لاحقة. ولم يكن خافياً أن طه يتبنى اتجاهاً متشدداً بين زملائه الآخرين في شأن طريقة تعاطي "الجماعة" مع الحكومة المصرية، وهو كان تبنى عبر بيان وقعه باسم "الجماعة" عملية الأقصر التي جرت في تشرين الثاني نوفمبر 1997، في حين عارضها زملاؤه من المقيمين في الخارج. وفي آذار مارس الماضي، اعلن التنظيم وقفاً شاملاً للعمليات المسلحة داخل وخارج مصر، لكن يبدو أن تداعيات شديدة كانت تدور في الخفاء اسفرت عن اقصاء طه ليحل مصطفى حمزة مكانه، إلا أن التنظيم آثر عدم إعلان القرار حفاظاً على مكانة طه وتفادياً لمعالجات إعلامية قد تفسر الأمر على أنه "انقلاب" وقع داخل الجماعة التي عرفت لسنوات بقدرتها على تجاوز ازماتها الداخلية.