ابهر اللاعب طارق التايب المحترف في النادي الصفاقسي الجماهير العريضة التي تابعت مباراة الصفاقسي والترجي تونس الاخيرة في الدوري التونسي. ويعتبر طارق، وهو دولي ليبي، والكونغولي جون بنزا، من افضل اللاعبين غير التونسيين الذين ضمهم الصفاقسي في عقد التسعينات. وشهدت مباراة الصفاقسي مع الترجي تونس قبل ساعات من انطلاقها الرحيل المفاجئ للمدرب الالماني كرواتسن، كما ان اسكندر السويح الابن المدلل للصفاقسي يمر بفترة فراغ بعد فشل صفقته مع النصر السعودي. وعرفت مدينة طرابلس في الآن ذاته حركة سياسية ودبلوماسية هامة برعاية الدبلوماسي السعودي بندر بن سلطان، تبرز مؤشراتها على حدوث انفراج جدي في قضية لوكربي، ما يعني رفع الحصار عن الشعب الليبي... وتتمثل هذه الاحداث غير المرتبطة عضوياً بشائر خير لطارق... فالمدرب كرواتسن ساهم بصفة جدية في تقليص فرص فرض القدرات الحقيقية لطارق، والحضور الاعلامي والتفاعل العاطفي الهامين لاسكندر السويح في المشهد العام بمدينة صفاقس وأفئدة احباء النادي خطفا الاضواء من تحت قدمي اللاعب الليبي، كما ان الوضعية الاستثنائية لشعبه وتأثيرات الحصار النفسية والاجتماعية اثرت كثيراً على انتظام عطائه. وعلى الرغم من كل ذلك، تحدى طارق الحصار في حلقاته الثلاث ليرسم بنجاح الخطوة الاولى في احتراف اللاعبين الليبيين. ويعرف اهل صفاقس بحبهم واتقانهم للعمل والسعي نحو الافضل، ومع ذلك فان الاجيال السابقة خاصة تميزت بالتخوف من الآخر ولجأت الى نوع من الانكماش، حتى ان هناك شعاراً يتداول "من لم يكن صفاقسياً لا يدخل علينا"... ومع توسع دائرة اهتماماتهم وانشطتهم الصناعية والتجارية في كامل انحاء البلاد ليتجاوز اشعاعهم حدود الوطن، فان النجاح في اللاوعي الجمعي ل "الصفاقسية" هو صفاقسي او لا يكون. ويحظى النادي الصفاقسي في ليبيا بشعبية واسعة، وقد اجرى معسكره الاخير في طرابلس، وتابع رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم سعدي القذافي نجل العقيد الليبي مباراة الجولة الافتتاحية للصفاقسي في الدوري التونسي مع ترجي جرجيس. وبين الصفاقسية واهل طرابلس علاقات مصاهرة وروابط "اثنية" عديدة، فعائلات "الطرابلسي" و"الغرياني" و"الزواري" تنحدر تباعاً من "طرابلس" و"غريان" و"الزوارني" وهي مدن ليبية، ويحتل "سوق ليبيا" موقعاً مركزياً في المدينة العتيقة وصفاقس الجديدة، وفيه تجد اغلب البضائع المستوردة من الجماهيرية، ولا تعتبر صفاقس مدينة سياحية لكنها مقصد هام لليبيين لاصلاح السيارات وللسمعة الطيبة لاطبائها ومستشفياتها. ويستمع اهل الصفاقس بنقاء كبير للاذاعة والتلفزيون الليبي، ويتابعون باهتمام نقدي خطابات الزعيم الليبي، ولا زالوا يذكرون ان معمر قام بفرش جامع "سيدي اللغمي"، الجامع الكبير في المدينة، بأفضل الزرابي واجودها. وشهدت موجة التندر والنكات حول الليبيين غياباً تاماً منذ بداية الحصار في تجاوب لاواعٍ تلقائي مع جيرانهم في المحنة، ومع ذلك فان آخر احلام الصفاقسية ان يكون افضل لاعب محترف ليبي بينهم... لكن الحلم اصبح حقيقة بامضاء طارق التايب. من هو؟ ولد طارق التايب في 28 شباط فبراير 1977، وكان حلم الفتى ان يصبح طياراً، لكن الملاعب والكرة اختطفته من مقاعد الدراسة ليبدأ مشواره مع كرة القدم في الجماهيرية. وتعتبر اندية اهلي طرابلس واتحاد طرابلس ونادي المحلة من اهم الاندية الليبية، وعرف منتخب الجماهيرية نجاحاً قارياًَ خلال عقد الثمانينات، لكن صعوبات ادارية وظروفاً مختلفة لم تسمح له بالتأهل لنهائيات كأس العالم. ويشغل طارق مركز لاعب الوسط المهاجم، ويتميز بلياقة البدنية المتكاملة وبحضوره الذهني وتصويباته الدقيقة، وقد خاض مع الصفاقسي 5 مباريات في كأس الاتحاد الافريقي 1998 التي كانت من نصيب الفريق التونسي وتعتبر اول تتويج افريقي في مسيرته الرياضية. ومع الأيام اصبح طارق محبوباً من جميع الصفاقسية ويعشق اكلتهم. ويحلم طارق بالاحتراف في احد الاندية الاوروبية، ويعتبر الارجنتيني دييغو مارادونا والبرازيلي رونالدو لاعبين مثاليين. ويبدو انفتاح كرة القدم التونسية على شقيقتها الليبية تجاوز طارق لان فريق الملعب التونسي استعان ايضاً بمواطنه احمد فرج... وفي انتظار رفع الحصار الاميركي عن بلاده يواصل طارق مداعبة الكرة ومشاهدة كرة السلة الاميركية والافلام الاميركية التي يعشقها.